استيلاء قوم كنانة وخزاعة على البيت وفي جرهم
الجمعة يناير 23, 2009 1:09 pm
استيلاء قوم كنانة وخزاعة على البيت وفي جرهم
بغي جرهم مكة وطرد بني بكر لهم
ثم إن جُرْهما بغوا بمكة ، واستحلوا خلالاً من الحرمة ، فظلموا من دخلها من غير أهلها ، وأكلوا مال الكعبة الذي يُهدَى لها ، فرقَّ أمرهم . فلما رأت بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة وغُبشان من خُزاعة ذلك أجمعوا لحربهم وإخراجهم من مكة ؛ فآذنوهم بالحرب فاقتتلوا، فغلبتهم بنو بكر وغُبْشان ، فنفَوْهم من مكة . وكانت مكة في الجاهلية لا تُقر فيها ظلماً ولا بغيا ً، ولا يبغي فيها أحدٌ إلا أخرجته ، فكانت تسمى الناسَّة ، ولا يريدها ملك يستحل حرمتَها إلا هلك مكانَه ، فيقال : إنها ما سميت ببكة إلا أنها كانت تبك أعناق الجبابرة إذا أحدثوا فيها شيئاً.
بكة لغة
قال ابن هشام : أخبرني أبو عبيدة :
أن بكَّة اسم لبطن مكة ؛ لأنهم يتباكون فيها ، أي : يزدحمون ، وأنشدنى :
إذا الشـَّريـبُ أخـذتـُه أكـَّه فَـخَـلـِّه حتـى يـبـكَّ بـكّـَه
أي : فدعه حتى يبك إبلَه ، أي يخليها إلى الماء فتزدحم عليه ، وهو موضع البيت والمسجد ، وهذان البيتان لعامان بن كعب بن عمرو بن سعد بن زَيد مَناة بن تميم .
قال ابن إسحاق : فخرج عَمرو بن الحارث بن مُضاض الجرهمي بغزالي الكعبة وبحجر الركن ، فدفنهما في زمزم، وانطلق هو ومن معه من جُرهم إلى اليمن ، فحزنوا على ما فارقوا من أمر مكة وملكها حزنا شديداً. فقال عَمرو بن الحرث (بن عمرو) بن مُضاض في ذلك ، وليس بمُضاض الأكبر :
وقــائلــةٍ والـدمــعُ سكــْت مــُبـــادرُ وقد شَرِقَتْ بالدمعِ منها المحاجرُ
كأن لم يكن بين الحَجُون إلى الصَّفا أنــيـس ولــم يـَسْمـُر بمـكةَ سامرُ
فـقـلـتُ لـهـا والـقـلـبُ منى كأنمــــا يـُلـَجـْلـجه بـيـن الـجنـاحين طائرُ
بـلـى نــحـن كـنـا أهـلَـها فـأزالَنــــا صروفُ الليالى،والجدودُ العواثرُ
وكــنـا ولاةَ الـبـيـت من بعدِ نابــتٍ نطوفُ بذاك البيتِ والخيرُ ظاهرُ
ونـحـن ولـيـنـا البيتَ من بعد نابـتٍ بـعـز فـمـا يـحْـظَى لـدينـا المكاثِرُ
مـَلـَكـْـنا فـعـزَّزْنـا فـأعْـظمْ بمُلكنـــا فـلـيـس لـحـي غـيـرنـا ثـَمَّ فـاخـِرُ
ألـم تُنكحـوا من خيرِ شخصٍ علمتُه فـأبـنـاؤه مـنـا ونـحـنُ الأصـاهــرُ
فــإن تـَنـْثـنِ الـدنـيـا عـلينا بحالِهـــا فـإن لـهـا حـالا وفـيـهـا الـتـشَاجُرُ
فـأخـرجـنـا مـنـهـا الـملـيكُ بقُـــدرةٍ كـذلك ، يـا لَلناس، تجري المقادِرُ
أقـــول إذا نــام الـخـلـيُّ ولــم أنـَــمْ إذا الـعـرش لا يبعد سُهيل وعامرُ
وبـُدِّلـت مـنـهـا أوْجـُهـاً لا أحـبُّهـــا قـبـائــلُ منـهــا حـِمـْيـَر ويـُحـابـرُ
وصـِرنـا أحـاديـثـاً وكـنـا بـغبْطـــةٍ بـذلـك عـضتـنـا الـسُّنـون الغوابرُ
فـسَـحـَّت دمـوعُ الـعينِ تبكي لبلـدةٍ بـهـا حـَرم أمــْنٌ وفـيـها المشاعـرُ
وتـبـكى لـبـيـت ليس يُؤذَى حَمامُـه يـظـلُّ بـه أمـْنـا، وفـيـه العصافــرُ
وفـيـه وُحــوش لا تـــُرام أنـيـســةٌ إذا خـرجـَتْ مـنـه ، فـليستْ تُغادرُ
قال ابن هشام : " فأبناؤه منا " عن غير ابن إسحاق .
قال ابن إسحاق : وقال عَمرو بن الحارث أيضاً يذكر بكرا وغُبْشان وساكني مكة الذين خَلَفوا فيها بعدهم :
يا أيها الناس سيروا إن قصْرَكــم أن تُصْبحوا ذاتَ يوم لا تَسيرونا
حُثوا المطي، وأرخوا من أزمَّتِها قبلَ المماتِ وقـَضـُّوا ما تقضُّونا
كـنـا أنـاسـاً كـمـا كنتم ، فغيرنـــا دهــر فـأنـتـم كـمـا كـنـا تكونونا
قال ابن هشام : هذا ما يصح له منها، وحدثني بعض أهل العلم بالشعر: أن هذه الأبيات أول شعر قيل في العرب ، وأنها وُجدت مكتوبة في حَجَر باليمن ، ولم يُسم لي قائلها .
بغي جرهم مكة وطرد بني بكر لهم
ثم إن جُرْهما بغوا بمكة ، واستحلوا خلالاً من الحرمة ، فظلموا من دخلها من غير أهلها ، وأكلوا مال الكعبة الذي يُهدَى لها ، فرقَّ أمرهم . فلما رأت بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة وغُبشان من خُزاعة ذلك أجمعوا لحربهم وإخراجهم من مكة ؛ فآذنوهم بالحرب فاقتتلوا، فغلبتهم بنو بكر وغُبْشان ، فنفَوْهم من مكة . وكانت مكة في الجاهلية لا تُقر فيها ظلماً ولا بغيا ً، ولا يبغي فيها أحدٌ إلا أخرجته ، فكانت تسمى الناسَّة ، ولا يريدها ملك يستحل حرمتَها إلا هلك مكانَه ، فيقال : إنها ما سميت ببكة إلا أنها كانت تبك أعناق الجبابرة إذا أحدثوا فيها شيئاً.
بكة لغة
قال ابن هشام : أخبرني أبو عبيدة :
أن بكَّة اسم لبطن مكة ؛ لأنهم يتباكون فيها ، أي : يزدحمون ، وأنشدنى :
إذا الشـَّريـبُ أخـذتـُه أكـَّه فَـخَـلـِّه حتـى يـبـكَّ بـكّـَه
أي : فدعه حتى يبك إبلَه ، أي يخليها إلى الماء فتزدحم عليه ، وهو موضع البيت والمسجد ، وهذان البيتان لعامان بن كعب بن عمرو بن سعد بن زَيد مَناة بن تميم .
قال ابن إسحاق : فخرج عَمرو بن الحارث بن مُضاض الجرهمي بغزالي الكعبة وبحجر الركن ، فدفنهما في زمزم، وانطلق هو ومن معه من جُرهم إلى اليمن ، فحزنوا على ما فارقوا من أمر مكة وملكها حزنا شديداً. فقال عَمرو بن الحرث (بن عمرو) بن مُضاض في ذلك ، وليس بمُضاض الأكبر :
وقــائلــةٍ والـدمــعُ سكــْت مــُبـــادرُ وقد شَرِقَتْ بالدمعِ منها المحاجرُ
كأن لم يكن بين الحَجُون إلى الصَّفا أنــيـس ولــم يـَسْمـُر بمـكةَ سامرُ
فـقـلـتُ لـهـا والـقـلـبُ منى كأنمــــا يـُلـَجـْلـجه بـيـن الـجنـاحين طائرُ
بـلـى نــحـن كـنـا أهـلَـها فـأزالَنــــا صروفُ الليالى،والجدودُ العواثرُ
وكــنـا ولاةَ الـبـيـت من بعدِ نابــتٍ نطوفُ بذاك البيتِ والخيرُ ظاهرُ
ونـحـن ولـيـنـا البيتَ من بعد نابـتٍ بـعـز فـمـا يـحْـظَى لـدينـا المكاثِرُ
مـَلـَكـْـنا فـعـزَّزْنـا فـأعْـظمْ بمُلكنـــا فـلـيـس لـحـي غـيـرنـا ثـَمَّ فـاخـِرُ
ألـم تُنكحـوا من خيرِ شخصٍ علمتُه فـأبـنـاؤه مـنـا ونـحـنُ الأصـاهــرُ
فــإن تـَنـْثـنِ الـدنـيـا عـلينا بحالِهـــا فـإن لـهـا حـالا وفـيـهـا الـتـشَاجُرُ
فـأخـرجـنـا مـنـهـا الـملـيكُ بقُـــدرةٍ كـذلك ، يـا لَلناس، تجري المقادِرُ
أقـــول إذا نــام الـخـلـيُّ ولــم أنـَــمْ إذا الـعـرش لا يبعد سُهيل وعامرُ
وبـُدِّلـت مـنـهـا أوْجـُهـاً لا أحـبُّهـــا قـبـائــلُ منـهــا حـِمـْيـَر ويـُحـابـرُ
وصـِرنـا أحـاديـثـاً وكـنـا بـغبْطـــةٍ بـذلـك عـضتـنـا الـسُّنـون الغوابرُ
فـسَـحـَّت دمـوعُ الـعينِ تبكي لبلـدةٍ بـهـا حـَرم أمــْنٌ وفـيـها المشاعـرُ
وتـبـكى لـبـيـت ليس يُؤذَى حَمامُـه يـظـلُّ بـه أمـْنـا، وفـيـه العصافــرُ
وفـيـه وُحــوش لا تـــُرام أنـيـســةٌ إذا خـرجـَتْ مـنـه ، فـليستْ تُغادرُ
قال ابن هشام : " فأبناؤه منا " عن غير ابن إسحاق .
قال ابن إسحاق : وقال عَمرو بن الحارث أيضاً يذكر بكرا وغُبْشان وساكني مكة الذين خَلَفوا فيها بعدهم :
يا أيها الناس سيروا إن قصْرَكــم أن تُصْبحوا ذاتَ يوم لا تَسيرونا
حُثوا المطي، وأرخوا من أزمَّتِها قبلَ المماتِ وقـَضـُّوا ما تقضُّونا
كـنـا أنـاسـاً كـمـا كنتم ، فغيرنـــا دهــر فـأنـتـم كـمـا كـنـا تكونونا
قال ابن هشام : هذا ما يصح له منها، وحدثني بعض أهل العلم بالشعر: أن هذه الأبيات أول شعر قيل في العرب ، وأنها وُجدت مكتوبة في حَجَر باليمن ، ولم يُسم لي قائلها .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى