استيلاء أبي كرب تبان أسعد على مُلك اليمن وغزوه إلى يثرب
الجمعة يناير 23, 2009 12:19 pm
استيلاء أبي كرب تبان أسعد على مُلك اليمن وغزوه إلى يثرب
قال ابن إسحاق : فلما هلك ربيعة بن نصر رجع مُلك اليمن كلِّه إلى حسان بن تُبان أسعد أبى كرب - وتُبان أسعد : هو تُبَّع الآخر، ابن كلى كرب بن زيد وزيد: هو تُبَّع الأول بن عمرو ذي الأذعار بن أبرهة ذي المنار بن الريش –
قال ابن هشام : ويقال : الرائش- قال ابن إسحاق : ابن عدي بن صيفي بن سبأ الأصغر بن كعب كهف الظُّلم بن زيد بن سهل بن عمرو بن قَيس بن معاوية بن جُشَم بن عبد شمس بن وائل بن الغَوْث بن قَطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهَمَيْسَع بن العَرَنْجَج والعَرَنْجَج : حمير بن سبأ الأكبر ابن يَعْرُب بن يَشْجُب بن قحطان.
قال ابن هشام : يَشْجُب ابن يَعْرُب بن قَحْطان .
شيء من سيرة تبان
قال ابن إسحاق : وتُبان أسعد أبو كرب الذي قدم المدينة، وساق الحَبْرَيْن من يهود (المدينة) إلى اليمن ، وعمر البيت الحرام وكساه ، وكان مُلكه قبل مُلك ربيعة بن نصر.
غضب تبان على أهل المدينة ، وسبب ذلك
قال ابن هشام : وهو الذي يُقال له [من المديد]:
ليت حظي من أبى كــَرِب أن يـسـدّ خـيرُه خبـلـَهْ
قال ابن إسحاق : وكان قد جعل طريقه - حين أقبل من المشرق - على المدينة، وكان قد مَرَّ بها في بدأته ، فلم يهج أهلَها، وخلف بين أظهرهم ابناً له ، فقُتل غِيلةً، فقدمها وهو مُجمع لإخرابها واستئصال أهلها وقطع نخلها ، فجمع له هذا الحيُّ من الأنصار، ورئيسهم عمرو ابن طلة أخو بني النجار، ثم أحد بني عمرو بن مبذول، واسم مبذول : عامر بن مالك بن النجار، واسم النجار : تيم اللّه بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر.
نسب عمرو بن طله
قال ابن هشام : عمرو بن طَلَّة :عمرو بن معاوية بن عمرو بن عامر بن مالك بن النجار وطَلَّة : أمه ، وهىِ بنت عامر بن زُرَيق بن عبد حارثة بن مالك بن غضْب بن جُشم بن الخزرج .
سبب قتال تبان لأهل المدينة
قال ابن إسحاق : وقد كان رجل من بني عدي بن النجار، يقال له : أحمر، عدا على رجال من أصحاب تُبَّع في نزل بهم فقتله ، وذلك أنه وجده في عذق له يَجُدُّه، فضربه بمنجله، فقتله ، وقال : إنما التمر لمن أبره ، فزاد ذلك تُبعاً حنقاً عليهم ، قال : فاقتتلوا ، فتزعم الأنصار أنهم كانوا يقاتلونه بالنهار ويقرونه بالليل ، فيعجبه ذلك منهم ، ويقول : واللّه إن قومنا لكرام.
فبينا تُبع علي ذلك من قتالهم ، إذ جاءه حبران من أحبار اليهود من بني قريظة- و قريظة والنضير و النَّجام وعمرو ، وهو هَدَل بنو الخزرج بن الصريح بن التوءمان ، بن السِّبط بن اليسع بن سعد بن لاوي بن خير بن النجام بن تنحوم بن عازر عِزرى بن هارون بن عمران ابن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب، وهو إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن - صلى اللّه عليهم - عالمان راسخان في العلم ، حين سمعا بما يريد من إهلاك المدينة وأهلها، فقالا له : أيها الملك ، لا تفعل ، فإنك إن أبيت إلا ما تريد حيل بينك وبينها ، ولم نأمن عليك عاجلَ العقوبة ، فقال لهما : ولم ذلك ؟ فقالا: هي مهاجَر نبي يخرج من هذا الحرم من قريش في آخر الزمان ، تكون داره وقراره ، فتناهى عن ذلك ، ورأى أن لهما علما، وأعجبه ما سمع منهما، فانصرف عن المدينة، واتبعهما على دينهما، فقال خالد بن عبد العُزَّى بن غَزِيَّة بن عمرو (ابن عبد) بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار يفخر بعمرو بن طَلَّة :
أصحا أم قد نهى ذُكَــــرَهْ أم قضـى من لـذةٍ وسـرهْ
أم تذكرْتَ الشبابَ ، ومـــا ذِكرُك الشـباب أو عُــصُرَه؟
إنها حـرب رَباعِيـــــةٌ مثلـُهـا أتـى الفتـى عِـبَره
فـاسألا عمرانَ أو أســـدا إذ أتت عَــدْواً مع الـزُّهَرَهْ
فَيْلَقٌ فيها أبو كَـــــربٍ سُبَّـغ أبـدانــُهـا ذَفِــرَهْ
ثم قالوا: من نؤم بهــــا؟ أبني عــوف ، أم النـجرَه ؟
بل بني النجار إنَّ لنــــا فيـهـم قتـلى ، وإنَّ تــِرَهْ
فتلقَّتـهم مُسايفــــــة مَـدُّهـا كالغيبـةِ النـَّثـرهْ
فيهم عَمْرُو ابنُ طَلَّةَ مَلَّـــ ـــى الإلـهُ قومَـه عُمُرَهْ
سَيْد سام الملوكَ ومــــن رام عَـمراً لا يكـنْ قَــدَرَهْ
وهذا الحي من الأنصار يزعمون أنه إنما كان حنقُ تُبع على هذا الحي من يهود، الذين كانوا بين أظهرهم ، وإنما أراد هلاكهم فمنعوهم منه حتى انصرف عنهم ، ولذلك قال في شعره :
حَنـقا على سِبْطين حلَّا يثرِبا أوْلى لـهم بعقاب يـوم مفسد
قال ابن هشام : الشعر الذي فيه هذا البيت مصنوع فذلك الذي منعنا من إثباته.
اعتناق تبان النصرانية ، وكسونه البيت وتعظيمه وشعر سبيعة في ذلك
قال ابن إسحاق : وكان تُبع وقومه أصحاب أوثان يعبدونها، فتوجه إلى مكة، وهي طريقهُ إلى اليمن ، حتى إذا كان بين عُسْفان ، وأمَج ، أتاه نفر من هُذيل بن مُدركة بن إلياس بن مضر ابن نزار بن معد ؛ فقالوا له : أيها الملك ، ألا ندلك على بيت مال دائر، أغفلته الملوك قَبلك ، فيه اللؤلؤ وال******جد والياقوت والذهب والفضة ؟ قال : بلى ، قالوا: بيت بمكة يعبده أهله ، ويصلون عنده ، وإنما أراد الهذليون هلاكه بذلك ، لما عرفوا من هلاك من أراده من الملوك وبغى عنده ، فلما أجمع لما قالوا أرسل إلى الحبرين فسألهما عن ذلك ، فقالا له : ما أراد القوم إلا هلاكك وهلاك جندك ، ما نعلم بيتاً للّه اتخذه في الأرض لنفسه غيره ، ولئن فعلت ما دعوك إليه ، لتهلكن وليهلكن من معك جميعاً، قال : فماذا تأمرانني أن أصنع إذا أنا قدمت عليه ؟ قالا : تصنع عنده ما يصنع أهله : تطوف به ، وتعظمه ، وتكرِّمه ، وتحلق رأسك عنده ، وتذل له حتى تخرج من عنده ، قال : فما يمنعكما أنتما من ذلك ؟ قالا : أما واللّه إنه لبيت أبينا إبراهيم ، وإنه لكما أخبرناك ، ولكن أهله حالوا بيننا وبينه بالأوثان التي نصبوها حولَه ، وبالدماء التي يُهْرقون عنده ، وهم نَجس أهلُ شرك – أو كما قالا له – فعرف نصحهما وصدق حديثهما فقرب النفر من هُذيل فقطع أيديهم وأرجلهم ، ثم مضى حتى قدم مكة ، فطاف بالبيت ، ونحر عنده ، وحلق رأسه ، وأقام بمكة ستة أيام – فيما يذكرون – ينحر بها للناس ويطعم أهلها ، ويسقيهم العسل ، وأري في المنام أن يكسو البيت ، فكساه الخصف ، ثم أرِي أن يكسوه أحسن من ذلك ، فكساه المعافر ، ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك ، فكساه المُلاء والوصائل ، وكان تُبع - فيما يزعمون - أول من كسا البيت وأوصى به ولاته من جرهم ، وأمرهم بتطهيره وألا يقربوه دماً ولا ميتةً ولا مئلاة وهى المحائض وجعل له باباً ومفتاحاً، فقالت سُبيعة بنت الأحب بن زبينة بن جذيمة بن عوف بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عِكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان ، وكانت عند عبد مناف بن كعب بن سعد بن تَيْم بن مُرة بن كعب بن لُؤَي بن غالب بن فِهْر بن مالك بن النضر بن كنانة، لابن لها منه - يقال له : خالد ، تُعظم عليه حرمة مكة ، وتنهاه عن البغي فيها ، وتذكر تُبَّعاً وتذلله لها وما صنع بها :
أبنيَّ ، لاتَظلِم بمكـة لا الصـغيرَ ولا الكـبيرْ
واحفظْ محارِمَها بنـ ـ ـى ولا يـغرَّنْك الغَرورْ
أبُنَيَّ ، من يَظلم بــــمـ ـكةَ يُلقَ أطرافَ الشًّرورْ
أبني ، يُضْرب وجهُه وَيلـُحْ بخـديْه السـعـيرْ
أبني ، قد جربتُهـا فـوجدتُ ظالمـها يبـورْ
اللّه آمَّنها، ومـــا بُنيت بعرْصَتـها قصـورْ
واللّه آمنَ طيرَهـا والعــُصْم تأمن في ثَبيرْ
ولقد غزاها تُبَّعٌ فكــسا بـنيتَها الحبيـرْ
وأذلَّ ربي مُلكَـــهُ فيهــا فـأوفى بالنّـُذور
يمشى إليها حافيــاً بفنــائِها ألفـَا بعيــر
ويظل يُطْعِمُ أهلَهـا لحـمَ المـهاري والجَزُور
يسقيهم العسلَ المصـ ـفّى والرَّحيضَ من الشعير
والفيلُ أهلك جيشُـه يـرمون فيهـا بالصخـورْ
والملْكُ في أقصى البـــلاد وفـي الأعـاجِم والخَـزِير
فاسمعْ إذا حُدِّثت ، وافـ ـهمْ كيف عاقبـةُ الأمورْ
قال ابن هشام : يوقف على قوافيها لا تعرب .
قال ابن إسحاق : فلما هلك ربيعة بن نصر رجع مُلك اليمن كلِّه إلى حسان بن تُبان أسعد أبى كرب - وتُبان أسعد : هو تُبَّع الآخر، ابن كلى كرب بن زيد وزيد: هو تُبَّع الأول بن عمرو ذي الأذعار بن أبرهة ذي المنار بن الريش –
قال ابن هشام : ويقال : الرائش- قال ابن إسحاق : ابن عدي بن صيفي بن سبأ الأصغر بن كعب كهف الظُّلم بن زيد بن سهل بن عمرو بن قَيس بن معاوية بن جُشَم بن عبد شمس بن وائل بن الغَوْث بن قَطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهَمَيْسَع بن العَرَنْجَج والعَرَنْجَج : حمير بن سبأ الأكبر ابن يَعْرُب بن يَشْجُب بن قحطان.
قال ابن هشام : يَشْجُب ابن يَعْرُب بن قَحْطان .
شيء من سيرة تبان
قال ابن إسحاق : وتُبان أسعد أبو كرب الذي قدم المدينة، وساق الحَبْرَيْن من يهود (المدينة) إلى اليمن ، وعمر البيت الحرام وكساه ، وكان مُلكه قبل مُلك ربيعة بن نصر.
غضب تبان على أهل المدينة ، وسبب ذلك
قال ابن هشام : وهو الذي يُقال له [من المديد]:
ليت حظي من أبى كــَرِب أن يـسـدّ خـيرُه خبـلـَهْ
قال ابن إسحاق : وكان قد جعل طريقه - حين أقبل من المشرق - على المدينة، وكان قد مَرَّ بها في بدأته ، فلم يهج أهلَها، وخلف بين أظهرهم ابناً له ، فقُتل غِيلةً، فقدمها وهو مُجمع لإخرابها واستئصال أهلها وقطع نخلها ، فجمع له هذا الحيُّ من الأنصار، ورئيسهم عمرو ابن طلة أخو بني النجار، ثم أحد بني عمرو بن مبذول، واسم مبذول : عامر بن مالك بن النجار، واسم النجار : تيم اللّه بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر.
نسب عمرو بن طله
قال ابن هشام : عمرو بن طَلَّة :عمرو بن معاوية بن عمرو بن عامر بن مالك بن النجار وطَلَّة : أمه ، وهىِ بنت عامر بن زُرَيق بن عبد حارثة بن مالك بن غضْب بن جُشم بن الخزرج .
سبب قتال تبان لأهل المدينة
قال ابن إسحاق : وقد كان رجل من بني عدي بن النجار، يقال له : أحمر، عدا على رجال من أصحاب تُبَّع في نزل بهم فقتله ، وذلك أنه وجده في عذق له يَجُدُّه، فضربه بمنجله، فقتله ، وقال : إنما التمر لمن أبره ، فزاد ذلك تُبعاً حنقاً عليهم ، قال : فاقتتلوا ، فتزعم الأنصار أنهم كانوا يقاتلونه بالنهار ويقرونه بالليل ، فيعجبه ذلك منهم ، ويقول : واللّه إن قومنا لكرام.
فبينا تُبع علي ذلك من قتالهم ، إذ جاءه حبران من أحبار اليهود من بني قريظة- و قريظة والنضير و النَّجام وعمرو ، وهو هَدَل بنو الخزرج بن الصريح بن التوءمان ، بن السِّبط بن اليسع بن سعد بن لاوي بن خير بن النجام بن تنحوم بن عازر عِزرى بن هارون بن عمران ابن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب، وهو إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن - صلى اللّه عليهم - عالمان راسخان في العلم ، حين سمعا بما يريد من إهلاك المدينة وأهلها، فقالا له : أيها الملك ، لا تفعل ، فإنك إن أبيت إلا ما تريد حيل بينك وبينها ، ولم نأمن عليك عاجلَ العقوبة ، فقال لهما : ولم ذلك ؟ فقالا: هي مهاجَر نبي يخرج من هذا الحرم من قريش في آخر الزمان ، تكون داره وقراره ، فتناهى عن ذلك ، ورأى أن لهما علما، وأعجبه ما سمع منهما، فانصرف عن المدينة، واتبعهما على دينهما، فقال خالد بن عبد العُزَّى بن غَزِيَّة بن عمرو (ابن عبد) بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار يفخر بعمرو بن طَلَّة :
أصحا أم قد نهى ذُكَــــرَهْ أم قضـى من لـذةٍ وسـرهْ
أم تذكرْتَ الشبابَ ، ومـــا ذِكرُك الشـباب أو عُــصُرَه؟
إنها حـرب رَباعِيـــــةٌ مثلـُهـا أتـى الفتـى عِـبَره
فـاسألا عمرانَ أو أســـدا إذ أتت عَــدْواً مع الـزُّهَرَهْ
فَيْلَقٌ فيها أبو كَـــــربٍ سُبَّـغ أبـدانــُهـا ذَفِــرَهْ
ثم قالوا: من نؤم بهــــا؟ أبني عــوف ، أم النـجرَه ؟
بل بني النجار إنَّ لنــــا فيـهـم قتـلى ، وإنَّ تــِرَهْ
فتلقَّتـهم مُسايفــــــة مَـدُّهـا كالغيبـةِ النـَّثـرهْ
فيهم عَمْرُو ابنُ طَلَّةَ مَلَّـــ ـــى الإلـهُ قومَـه عُمُرَهْ
سَيْد سام الملوكَ ومــــن رام عَـمراً لا يكـنْ قَــدَرَهْ
وهذا الحي من الأنصار يزعمون أنه إنما كان حنقُ تُبع على هذا الحي من يهود، الذين كانوا بين أظهرهم ، وإنما أراد هلاكهم فمنعوهم منه حتى انصرف عنهم ، ولذلك قال في شعره :
حَنـقا على سِبْطين حلَّا يثرِبا أوْلى لـهم بعقاب يـوم مفسد
قال ابن هشام : الشعر الذي فيه هذا البيت مصنوع فذلك الذي منعنا من إثباته.
اعتناق تبان النصرانية ، وكسونه البيت وتعظيمه وشعر سبيعة في ذلك
قال ابن إسحاق : وكان تُبع وقومه أصحاب أوثان يعبدونها، فتوجه إلى مكة، وهي طريقهُ إلى اليمن ، حتى إذا كان بين عُسْفان ، وأمَج ، أتاه نفر من هُذيل بن مُدركة بن إلياس بن مضر ابن نزار بن معد ؛ فقالوا له : أيها الملك ، ألا ندلك على بيت مال دائر، أغفلته الملوك قَبلك ، فيه اللؤلؤ وال******جد والياقوت والذهب والفضة ؟ قال : بلى ، قالوا: بيت بمكة يعبده أهله ، ويصلون عنده ، وإنما أراد الهذليون هلاكه بذلك ، لما عرفوا من هلاك من أراده من الملوك وبغى عنده ، فلما أجمع لما قالوا أرسل إلى الحبرين فسألهما عن ذلك ، فقالا له : ما أراد القوم إلا هلاكك وهلاك جندك ، ما نعلم بيتاً للّه اتخذه في الأرض لنفسه غيره ، ولئن فعلت ما دعوك إليه ، لتهلكن وليهلكن من معك جميعاً، قال : فماذا تأمرانني أن أصنع إذا أنا قدمت عليه ؟ قالا : تصنع عنده ما يصنع أهله : تطوف به ، وتعظمه ، وتكرِّمه ، وتحلق رأسك عنده ، وتذل له حتى تخرج من عنده ، قال : فما يمنعكما أنتما من ذلك ؟ قالا : أما واللّه إنه لبيت أبينا إبراهيم ، وإنه لكما أخبرناك ، ولكن أهله حالوا بيننا وبينه بالأوثان التي نصبوها حولَه ، وبالدماء التي يُهْرقون عنده ، وهم نَجس أهلُ شرك – أو كما قالا له – فعرف نصحهما وصدق حديثهما فقرب النفر من هُذيل فقطع أيديهم وأرجلهم ، ثم مضى حتى قدم مكة ، فطاف بالبيت ، ونحر عنده ، وحلق رأسه ، وأقام بمكة ستة أيام – فيما يذكرون – ينحر بها للناس ويطعم أهلها ، ويسقيهم العسل ، وأري في المنام أن يكسو البيت ، فكساه الخصف ، ثم أرِي أن يكسوه أحسن من ذلك ، فكساه المعافر ، ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك ، فكساه المُلاء والوصائل ، وكان تُبع - فيما يزعمون - أول من كسا البيت وأوصى به ولاته من جرهم ، وأمرهم بتطهيره وألا يقربوه دماً ولا ميتةً ولا مئلاة وهى المحائض وجعل له باباً ومفتاحاً، فقالت سُبيعة بنت الأحب بن زبينة بن جذيمة بن عوف بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عِكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان ، وكانت عند عبد مناف بن كعب بن سعد بن تَيْم بن مُرة بن كعب بن لُؤَي بن غالب بن فِهْر بن مالك بن النضر بن كنانة، لابن لها منه - يقال له : خالد ، تُعظم عليه حرمة مكة ، وتنهاه عن البغي فيها ، وتذكر تُبَّعاً وتذلله لها وما صنع بها :
أبنيَّ ، لاتَظلِم بمكـة لا الصـغيرَ ولا الكـبيرْ
واحفظْ محارِمَها بنـ ـ ـى ولا يـغرَّنْك الغَرورْ
أبُنَيَّ ، من يَظلم بــــمـ ـكةَ يُلقَ أطرافَ الشًّرورْ
أبني ، يُضْرب وجهُه وَيلـُحْ بخـديْه السـعـيرْ
أبني ، قد جربتُهـا فـوجدتُ ظالمـها يبـورْ
اللّه آمَّنها، ومـــا بُنيت بعرْصَتـها قصـورْ
واللّه آمنَ طيرَهـا والعــُصْم تأمن في ثَبيرْ
ولقد غزاها تُبَّعٌ فكــسا بـنيتَها الحبيـرْ
وأذلَّ ربي مُلكَـــهُ فيهــا فـأوفى بالنّـُذور
يمشى إليها حافيــاً بفنــائِها ألفـَا بعيــر
ويظل يُطْعِمُ أهلَهـا لحـمَ المـهاري والجَزُور
يسقيهم العسلَ المصـ ـفّى والرَّحيضَ من الشعير
والفيلُ أهلك جيشُـه يـرمون فيهـا بالصخـورْ
والملْكُ في أقصى البـــلاد وفـي الأعـاجِم والخَـزِير
فاسمعْ إذا حُدِّثت ، وافـ ـهمْ كيف عاقبـةُ الأمورْ
قال ابن هشام : يوقف على قوافيها لا تعرب .
تابع ..
الجمعة يناير 23, 2009 12:20 pm
دعوة تبان قومه إلى النصرانية ، وتحكيمهم النار بينهم وبينه
ثم خرج منها متوجهاً إلى اليمن بمن معه من جنوده بالحبرين ، حتى إذا دخل اليمن، دعا قومه إلى الدخول فيما دخل فيه ، فأبَوْا عليه حتى يحاكموه إلى النار التي كانت باليمن.
قال ابن إسحاق : حدثني أبو مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القُرظي، قال : سمعت إبراهيم ابن محمد بن طلحة بن عبيد اللّه يحدث .
أن تُبعاً لما دنا من اليمن ليدخلها، حالت حمير بينه وبين ذلك، وقالوا : لا تدخلها علينا وقد فارقت ديننا، فدعاهم إلى دينه، وقال : " إنه خير من دينكم "، فقالوا : فحاكمنا إلى النار قال : نعم ، قال : وكانت باليمن - فيما يزعم أهل اليمن - نار تحكم بينهم فيما يختلفون فيه ، تأكل الظالم ، ولا تضر المظلوم ، فخرج قومه بأوثانهم وما يتقربون به في دينهم ، وخرج الحَبْران بمصاحفهما في أعناقهما متقلديها حتى قعدوا للنار عند مخرجها الذي تخرج منه، فخرجت النار إليهم، فلما أقبلت نحوهم حادوا عنها وهابوها، فذمَرهم من حضرهم من الناس وأمروهم بالصبر لها، فصبروا حتى غشيتهم .
فأكلت الأوثان وما قربوا معها، ومن حمل ذلك من رجال حمير، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما تعرق جباههما لم تضُرّهما، فأصفقَت عند ذلك حمير على دينه ، فمن هنالك وعن ذلك كان أصل اليهودية باليمن .
قال ابن إسحاق : وقد حدثني محدث أن الحَبْرين ومن خرج من حمير إنما اتبعوا النار ليردوها وقالوا : من ردها فهو أولى بالحق ، فدنا منها رجال من حِمْير بأوثانهم ليردوها، فدنت منهم لتأكلهم ، فحادوا عنها ولم يستطيعوا ردها، ودنا منها الحبران بعد ذلك ، وجعلا يتلوان التوراة وتنكص عنهما، حتى ردَّاها إلى مخرجها الذي خرجت منه ، فأصفَقَت عند ذلك حمير على دينهما. واللهّ أعلم أيُ ذلك كان .
رئام وما صار إليه
قال ابن إسحاق : وكان رئام بيتاً لهم يعظمونه ، وينحرون عنده ، ويُكَلمون (منه) إذ كانوا على شركهم ؟ فقال الحبران لتُبع : إنما هو شيطان يفتنهم بذلك، فخل بيننا وبينه، قال: فشأنكما به، فاستخرجا منه - فيما يزعم أهل اليمن - كلبا أسود فذبحاه ، ثم هدما ذلك البيت ، فبقاياه اليوم - كما ذُكر لي - بها آثار الدماء التي كانت تًهراقً عليه .
مُلك ابنه حسان بن تبان وقتل عمرو أخيه (له)
فلما ملك ابنه حسان بن تُبان أسعد أبى كرب سار بأهل اليمن يريد أن يطأ بهم أرض العرب وأرض الأعاجم ، حتى إذا كانوا ببعض أرض العراق - قال ابن هشام : بالبحرين ، فيما ذكر لي بعض أهل العلم - كرهت حِمْير وقبائل اليمن المسير معه ، وأرادوا الرجعة إلى بلادهم وأهلهم ، فكلموا أخاً له يقال له عمرو، وكان معه في جيشه ، فقالوا له: اقتل أخاك حسان ، ونُملِككَ علينا، وترجع بنا إلى بلادنا، فأجابهم ، فاجتمعوا على ذلك، إلا ذا رُعَيْن الحميري، فإنه نهاه عن ذلك فلم يقبل منه، فقال ذو رعَيْن:
ألا من يشتـري سهراً بنوم سعيدٌ من يبيتُ قريرَ عينِ
فإما حِمْيـر غدرتْ ، وخانت فمعذرةُ الإله لـذي رُعَيْن
ثم كتبهما في رقعة، وختم عليها، ثم أتى بها عَمراً، فقال له : ضع لي هذا الكتاب عندك ففعل ثم قَتل عمرو أخاه حسان ، ورجع بمن معه إلى اليمن ، فقال رجل من حِمْير :
لاهِ عينا الذي رأى مثلي حسان قتيلاً في سالف الأحقـابِ
قتلتـه ماول خشيةَ الحبـ ـس غداةَ قالوا: لَبَاب لَبابِ
ميتـُكم خـيرُنا ، وحيُّكم ربٌّ علينا ، وكلُّكـم أربابي
قال ابن إسحاق : وقوله " لَبَابِ لَبَابِ " لا بأس لا بأس ، بلغة حِمْير.
قال ابن هشام : ويروى : لِبَاب لِبَاب .
ندم عمرو وهلاكه
قال ابن إسحاق : فلما نزل عمرو بن تُبان اليمن مُنع منه النوم ، وسُلط عليه السهر ، فلما جهده ذلك سأل الأطباء والحُزاة من الكهان والعرافين عما به، فقال له قائل منهم : إنه، ما قتل رجل قط أخاه أو ذا رَحمه بغياً على مثل ما قَتلت أخاك عليه إلا ذهب نومه وسُلط عليه السهر ، فلما قيل له ذلك ، جعل يقتل كل من أمره بقتل أخيه حسان من أشراف اليمن ، حتى خلص إلى ذي رُعَيْن ، فقال له ذو رُعَيْن : إن لي عندك براءة ، فقال: وما هي ؟ قال : الكتاب الذي دفعتُ إليك ، فأخرجه، فإذا فيه البيتان ، فتركه ورأى أنه قد نصحه، وهلك عمرو فمرج أمر حمير عند ذلك وتفرقوا.
ثم خرج منها متوجهاً إلى اليمن بمن معه من جنوده بالحبرين ، حتى إذا دخل اليمن، دعا قومه إلى الدخول فيما دخل فيه ، فأبَوْا عليه حتى يحاكموه إلى النار التي كانت باليمن.
قال ابن إسحاق : حدثني أبو مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القُرظي، قال : سمعت إبراهيم ابن محمد بن طلحة بن عبيد اللّه يحدث .
أن تُبعاً لما دنا من اليمن ليدخلها، حالت حمير بينه وبين ذلك، وقالوا : لا تدخلها علينا وقد فارقت ديننا، فدعاهم إلى دينه، وقال : " إنه خير من دينكم "، فقالوا : فحاكمنا إلى النار قال : نعم ، قال : وكانت باليمن - فيما يزعم أهل اليمن - نار تحكم بينهم فيما يختلفون فيه ، تأكل الظالم ، ولا تضر المظلوم ، فخرج قومه بأوثانهم وما يتقربون به في دينهم ، وخرج الحَبْران بمصاحفهما في أعناقهما متقلديها حتى قعدوا للنار عند مخرجها الذي تخرج منه، فخرجت النار إليهم، فلما أقبلت نحوهم حادوا عنها وهابوها، فذمَرهم من حضرهم من الناس وأمروهم بالصبر لها، فصبروا حتى غشيتهم .
فأكلت الأوثان وما قربوا معها، ومن حمل ذلك من رجال حمير، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما تعرق جباههما لم تضُرّهما، فأصفقَت عند ذلك حمير على دينه ، فمن هنالك وعن ذلك كان أصل اليهودية باليمن .
قال ابن إسحاق : وقد حدثني محدث أن الحَبْرين ومن خرج من حمير إنما اتبعوا النار ليردوها وقالوا : من ردها فهو أولى بالحق ، فدنا منها رجال من حِمْير بأوثانهم ليردوها، فدنت منهم لتأكلهم ، فحادوا عنها ولم يستطيعوا ردها، ودنا منها الحبران بعد ذلك ، وجعلا يتلوان التوراة وتنكص عنهما، حتى ردَّاها إلى مخرجها الذي خرجت منه ، فأصفَقَت عند ذلك حمير على دينهما. واللهّ أعلم أيُ ذلك كان .
رئام وما صار إليه
قال ابن إسحاق : وكان رئام بيتاً لهم يعظمونه ، وينحرون عنده ، ويُكَلمون (منه) إذ كانوا على شركهم ؟ فقال الحبران لتُبع : إنما هو شيطان يفتنهم بذلك، فخل بيننا وبينه، قال: فشأنكما به، فاستخرجا منه - فيما يزعم أهل اليمن - كلبا أسود فذبحاه ، ثم هدما ذلك البيت ، فبقاياه اليوم - كما ذُكر لي - بها آثار الدماء التي كانت تًهراقً عليه .
مُلك ابنه حسان بن تبان وقتل عمرو أخيه (له)
فلما ملك ابنه حسان بن تُبان أسعد أبى كرب سار بأهل اليمن يريد أن يطأ بهم أرض العرب وأرض الأعاجم ، حتى إذا كانوا ببعض أرض العراق - قال ابن هشام : بالبحرين ، فيما ذكر لي بعض أهل العلم - كرهت حِمْير وقبائل اليمن المسير معه ، وأرادوا الرجعة إلى بلادهم وأهلهم ، فكلموا أخاً له يقال له عمرو، وكان معه في جيشه ، فقالوا له: اقتل أخاك حسان ، ونُملِككَ علينا، وترجع بنا إلى بلادنا، فأجابهم ، فاجتمعوا على ذلك، إلا ذا رُعَيْن الحميري، فإنه نهاه عن ذلك فلم يقبل منه، فقال ذو رعَيْن:
ألا من يشتـري سهراً بنوم سعيدٌ من يبيتُ قريرَ عينِ
فإما حِمْيـر غدرتْ ، وخانت فمعذرةُ الإله لـذي رُعَيْن
ثم كتبهما في رقعة، وختم عليها، ثم أتى بها عَمراً، فقال له : ضع لي هذا الكتاب عندك ففعل ثم قَتل عمرو أخاه حسان ، ورجع بمن معه إلى اليمن ، فقال رجل من حِمْير :
لاهِ عينا الذي رأى مثلي حسان قتيلاً في سالف الأحقـابِ
قتلتـه ماول خشيةَ الحبـ ـس غداةَ قالوا: لَبَاب لَبابِ
ميتـُكم خـيرُنا ، وحيُّكم ربٌّ علينا ، وكلُّكـم أربابي
قال ابن إسحاق : وقوله " لَبَابِ لَبَابِ " لا بأس لا بأس ، بلغة حِمْير.
قال ابن هشام : ويروى : لِبَاب لِبَاب .
ندم عمرو وهلاكه
قال ابن إسحاق : فلما نزل عمرو بن تُبان اليمن مُنع منه النوم ، وسُلط عليه السهر ، فلما جهده ذلك سأل الأطباء والحُزاة من الكهان والعرافين عما به، فقال له قائل منهم : إنه، ما قتل رجل قط أخاه أو ذا رَحمه بغياً على مثل ما قَتلت أخاك عليه إلا ذهب نومه وسُلط عليه السهر ، فلما قيل له ذلك ، جعل يقتل كل من أمره بقتل أخيه حسان من أشراف اليمن ، حتى خلص إلى ذي رُعَيْن ، فقال له ذو رُعَيْن : إن لي عندك براءة ، فقال: وما هي ؟ قال : الكتاب الذي دفعتُ إليك ، فأخرجه، فإذا فيه البيتان ، فتركه ورأى أنه قد نصحه، وهلك عمرو فمرج أمر حمير عند ذلك وتفرقوا.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى