في مستشفيات غزة دمغة الشواقل أهم من حياة المريض
الإثنين يوليو 04, 2011 11:13 pm
غزة - العهد - كتب د ناصر إسماعيل جربوع اليافاوي
صرخت كثيرا في مستشفى شهداء الأقصى ، الواقع في المنطقة الوسطي من قطاع غزة - المليء بالشعارات الإعلامية - وأكثر من مرة وفي أكثر من موقف ولا احد يسمعني ، وبعد أن بلغ السيل الزبي قررت أن اصرخ بقلمي عسى أن يسمعني بعض من المسئولين ، وخاصة ممن بقى في ضميرهم ووجدانهم نزعة إنسانية مجردة من المادية الآلية البحتة ..اسرد إليكم مجموعة من الشواهد واترك لكم الحكم ياسادتى ، ولكن قبل التسرع في إصدار الأحكام لابد للجميع أن يعي ويدرك أننا في زمن المتغيرات والتحديدات الإقليمية والعالمية ، نحن في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين . ابلغني بعض الجيران أن ولدى تعرض لحادث سير- عرضي - على شارع صلاح الدين ، توجهت إلى مكان الحادث وفوجئت أن ولدى ضل ملقى على الأرض فترة لا تقل عن نصف ساعة ينتظر فخامة الإسعاف حتى يصل ، ولو كان ولدى ينزف دما لتم تصفية دمه قبل وصول الإسعاف وفارق الحياة ، ولكن الحمد لله انه لم ينزل منه إلا قطرات صغيرة ،وكانت الضربة ردود متنوعة في العظام ، وبعد أن تنازل الإسعاف ووصل إلى مكان الحادث ، وصلنا إلى مستشفى شهداء الأقصى وبالتحديد قسم الطوارئ ، وظننت .- وأنا من يكثر قراءة الانجازات والإصلاحات - أن الأمور تسير في الزمان والمكان المشابه للجمهورية الأفلاطونية ، ولكن ياللهول ، قبل أن يتنازل الطبيب ويفحص المريض ، ويطمئن أهله وأحباءه على صحته يطلب من مرافق المريض أن يقطع نمرة ويضع دمغة ، والويل ثم الويل للفقراء العاجزين عن دفع قيمة دمغة المستشفى سواء كان ممن يتمتعون بخدمة التأمين الصحي أو غيرهم ..!!
المهم ومع العجالة لم احضر بطاقة التأمين الصحي ، كان ذلك يوم السبت – الساعة الخامسة عصرا ، ومع استعجالي لرؤية ابني نسيت الكتاب المقدس ( التأمين الصحي ) وتوددت لسيادة الموظف أن يعالج ولدى أولا ، ثم احضر التأمين ولكنه وبكل جلافة وبكل تجرد من الإنسانية ، ترك المريض يأن ويصرخ ، وخرج الموظف بإجابة وقحة لا تمت لكرامة الفلسطيني ( ادفع تذكرة كاملة – غير مستردة ) ثم عالج ابنك ، والغرابة بذلك أن الموظف يقول إنها تعليمات ، وأنا مقيد بذلك ، هل التعليمات من المسئول المتكأ على وسادة من حرير وغرفة مكيفة ، بالفعل يصدر هذه التعليمات ثم نام ونسى إننا نعيش ضنك العيش في غزة ، هل تعلم من عدونا كيف يتم التعامل مع المريض بل حتى كيف يتعامل اليهود والأوربيون والأمريكان حتى مع كلابهم ..
الأمر لم يقف عند حالة ولدى بل حالة أكثر شراسة مع صديق صحفي رزقه الله ولد بعد عناء وأمل من الله ، وأصيب هذا الطفل بحالة من سخونة وتشنجات ، ونتيجة الإجراءات الروتينية المعقدة ، وانتظار الدمغة وشواكل عفنة لا ندري أين تذهب في ظل غياب الدواء والرعاية اللا إنسانية ، في مستشفيات غزة قد تزهق حياة المئات مقابل روتين الدمغة ، كتبت سطوري هذه ليس تشخيصا لآلاف حالات الإهمال في المستشفيات والمؤسسات الرسمية الأخرى ، لان الكتابة عن التجاوزات وإهدار حقوق وحرية الإنسان كثيرة تحتاج إلى مجلدات ، لذا أوجه كمواطن يعيش في بحر غزة الأسود وبعيدا عن الترهات والمناكفات والتفسيرات العوجاء دعوة للمسئولين عسى ألا تكون آذانهم من طين :
أولا- إعادة النظر بشكل تقيمي سليم لسائقي الإسعافات، ومن يستقبلون مكالمات الجمهور .ثانيا- التعامل مع حالات الطوارئ والحوادث والمرضى وعلاجهم وتسكين ألامهم ثم البحث عن الأمور المادية والدمغات الشكلية .
ثالثا اختيار موظفي استقبال وكتبة مهنيين مدربين تربويا على حسن التعامل مع المريض وذويه .
رابعا - إعادة تأهيل العديد من الموظفين والأطباء والممرضين وإخضاعهم لدورات واطلاعهم على كل جديد .
خامسا – يجب على وزراء الصحة انم يدركوا أننا على تماس مباشر من خلال المرضى الذين يزورون مستشفيات عربية ومستشفيات الداخل، والناس لها القدرة الجيدة على المقارنة والتحليل .
سلدسا – أرجو من مسئولي وزارة الصحة من رأس هرمها حتى آخره أن يهتموا بذاتية الإنسان الفلسطيني ، ويتحملوا حتى حالات عصبيته لان الضغوط النفسية المتراكمة عليه لا يتحملها الإنسان العادي ..
هذه رسالتي كتبتها للمسئولين والناس ، ولن أتوانى عن كتابتها ، حتى أري عكس ما كتبت ، فالساكت عن الحق شيطان اخرس ، ونعوذ بالله أن نكون مثل الشياطين، لأننا لا زلنا نفكر ولازال قلمنا يكتب إذا نحن يا جهابذة الحكم موجودون
د. ناصر إسماعيل جربوع اليافاوي كاتب باحث فلسطيني
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى