المصالحة الفلسطينية ... من دخل بيت ابي مازن فهو آمن !!
الخميس مايو 12, 2011 12:21 pm
عمان - العهد - كتب صالح القلاب - استحضر بعض الذين حضروا المصالحة بين حركة فتح وحركة حماس، يوم الأربعاء قبل الماضي في القاهرة، اضطرار قيادة اليمن الجنوبي وعلى رأسها علي سالم البيض، بعد سلسلة التصفيات والتذابح الداخلي وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الاشتراكية، إلى الذهاب هرولة إلى صنعاء عاصمة اليمن الشمالي والارتماء في أحضان الرئيس علي عبد الله صالح والقبول بوحدة «الشطرين» والتوقيع على أوراق بيضاء بعدما بقيت هذه القيادة، قبل أن يحدث ذلك الذي حدث، تماطل وتتهرب لسنوات طويلة.
وهذا بالضبط ما حصل مع زعيم حركة حماس خالد مشعل الذي لم يجد، بعد أن ضرب «تسونامي» الثورات العربية سوريا بعنف لم يكن متوقعا وبعد أن عصفت الرياح العاتية بـ«فسطاط الممانعة والمقاومة» الذي كان يستظل به، إلا الذهاب هرولة إلى الرئيس محمود عباس، على أساس أن من ذهب إلى بيت أبي مازن فهو آمن، وتوقيع ورقة المصالحة التي كانت أعدتها مصر في «زمن العهد البائد» كما هي وبكل ما فيها ومن دون التمسك بأي شرط من شروطه السابقة التي بقي يتحجج بها تلاؤما مع توجهات طهران ودمشق بالنسبة للقضية الفلسطينية.
كان خالد مشعل قد وقع اتفاق المصالحة المعروف بالقرب من أستار الكعبة في مكة المكرمة لكنه ما لبث أن تراجع بسرعة عندما أشعل له الحليفان الرئيسيان في «فسطاط الممانعة والمقاومة»، أي إيران وسوريا، الضوء الأحمر وهو لم يكتف بالتملص مما وقع عليه بين يدي خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز، بل وذهب بعيدا عندما قام بذلك الانقلاب الدامي في غزة على منظمة التحرير والسلطة الوطنية وحركة فتح وكانت النتيجة هذا الانقسام الذي لا يخدم إلا إسرائيل التي وجدت المبرر الذي تريده للتملص من عملية السلام والقول للعالم الضاغط عليها إنها لا تجد الطرف الفلسطيني الذي من الممكن التفاوض معه وتوقيع الاتفاق التاريخي المنشود كشريك في العملية السلمية.
وهكذا، فإن خالد مشعل لم يكن، قبل أن تبدأ زلازل الـ«تسونامي» العربي في الخامس عشر من مارس (آذار) الماضي بضرب سوريا بكل هذا العنف وقبل أن ينهار «فسطاط الممانعة والمقاومة» وأيضا قبل أن تبدأ هذه الخلافات بين مرشد الثورة والرئيس محمود أحمدي نجاد بأكل إيران من الداخل، بوارد التخلي عن كل شروطه وتوقيع ورقة المصالحة التي كانت أعدتها المخابرات المصرية في عهد عمر سليمان، بل والمعروف أنه كان يبشر حلفاءه في هذا «الفسطاط» بأن ما حصل في غزة سوف يحصل في الضفة الغربية وأنه: «وداعا لمحمود عباس وسلطته الوطنية» وأنه: «لا منظمة تحرير بعد اليوم».
وحقيقة أنه لم يكن أمام خالد مشعل سوى الذهاب هرولة إلى محمود عباس (أبو مازن)، كما كان «الرفيق» علي سالم البيض ذهب هرولة إلى علي عبد الله صالح، فبقاؤه في دمشق إن كان لم يعد مضمونا فإن ثمنه غدا مكلفا جدا، وكانت البداية على هذا الصعيد عندما استجاب زعيم «حماس» مرغما لما طلب منه وأصدر تلك التصريحات النارية التي هاجم فيها الشيخ يوسف القرضاوي المقيم في الدوحة (في قطر) لانتقاده العنف المفرط الذي واجه به نظام الرئيس بشار الأسد الاحتجاجات الشعبية السلمية السورية.
وهنا فإنه لا بد من الإشارة إلى أن بعض أعضاء مركزية «فتح» قد أخذوا على (أبو مازن) في أول اجتماع عقدته قيادة هذه الحركة في رام الله بعد توقيع اتفاق المصالحة بثلاثة أيام أنه كان متساهلا مع خالد مشعل أكثر من اللازم وأنه كان عليه ما دام أن زعيم «حماس» جاءه مستسلما ورافعا يديه أن يكبله بشروط محكمة تمنعه من فعل ما فعله باتفاق مكة المكرمة في حال استجدت معادلة إقليمية غير هذه المعادلة التي جاءت كنتيجة موضوعية لكل هذه العواصف السياسية الهوجاء التي بدأت تضرب المنطقة العربية بدءا بتونس.
في كل الأحوال لقد حصل ما حصل والمؤكد، وهذا يعرفه (أبو مازن) جيدا، أن خالد مشعل استنادا إلى خطة «الإخوان المسلمين»، في مصر وفي كل مكان، القائلة بضرورة «المشاركة» قبل التمكن ثم بعد ذلك «المغالبة» يريد ما دام أنه خسر مواقعه السابقة وما دام أن كل هذا الذي جرى ويجري في المنطقة هو بداية مرحلة جديدة، سواء على صعيد الشرق الأوسط أو بالنسبة للقضية الفلسطينية، يجب أن يبحث له ولحركته عن موقع في عملية السلام وأن يسعى بقدر الإمكان بالتفاهم مع مصر العهد الجيد ومع بعض الأطراف العربية الأخرى المعنية لتسقط تفاحة الدولة المستقلة المنشودة، التي من المفترض أن تحظى باعتراف عالمي، الجمعية العامة للأمم المتحدة أولا ثم مجلس الأمن الدولي بعد ذلك، في حجر حركة حماس التي إن تحقق لها هذا فإنها ستسعى حتما للانفراد بالسلطة وستحاول إقامة إمارة إسلامية كامتداد لإمارة قطاع غزة الحالية.
والواضح أن خالد مشعل عندما أصر على إلقاء خطاب في حفل توقيع اتفاق المصالحة في يوم الأربعاء قبل الماضي في القاهرة وكاد بإصراره يفجر هذا الاتفاق كان يريد أن يتقدم ببراءة من مواقفه ومواقف حركته إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإلى العالم بأسره، وهذا هو ما حصل حيث تعمد تغييب مفردات المقاومة والممانعة وفلسطين من البحر إلى النهر تغييبا كاملا، والتشديد على أنه يكتفي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة في غزة والضفة الغربية وعاصمتها القدس (الشرقية) وهذا من وجهة نظر سياسية هو «تبييض» لصفحته وتنصل من كل مواقفه «الرافضة» السابقة.
ولعل ما يعزز هذه الصورة السوداوية هو أن هناك مخاوف حقيقية وفعلية من أن تبادر حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» بعد الانضواء في إطار منظمة التحرير إلى العودة إلى مواقفهما السابقة، سواء من قبيل المناورة للحصول على حصة أكبر من كعكة الدولة الفلسطينية المستقلة المرتقبة أم من قبيل التلاؤم مرة أخرى مع أي معادلة إقليمية مستجدة، ورفض الاعتراف بإسرائيل وهذا إن حصل وربما يحصل فإنه سيؤدي إلى تراجع معظم الدول الكبرى عما كانت وعدت به وهو الاعتراف في سبتمبر المقبل بدولة مستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967.
ثم وحتى إن لم يحصل هذا، وحتى إن صدقت النوايا وسارت الأمور على هذا الجانب من دون أي عراقيل، فإن هناك ما يعتبر بمثابة قضايا خلافية بين الحركتين المعنيتين، حركة فتح وحركة حماس، وهنا فإن أكثر التقديرات تفاؤلا ترجح بقاء الانقسام من حيث الجوهر قائما ولكن مع بعض اللمسات الديكورية والشكلية الهشة. هناك قناعة بأن «حماس» لن تقبل بحكومة برئاسة رئيس وزراء حكومة الضفة الغربية الحالية سلام فياض، وهناك أيضا قناعة بأن إعادة دمج الأجهزة الأمنية ودمج المؤسسات الإدارية بحاجة إلى سنوات وبحاجة إلى نوايا صادقة وإلى بعد حقيقي عن الألاعيب والمناورات السياسية، وهذا يعني أن المصالحة التي تمت في القاهرة وجرى الاحتفال بها الأربعاء قبل الماضي سوف تبقى عنوانا بلا مضمون عملي، لكن ومع ذلك ورغم ذلك فإنه لا بد من القول: «تفاءلوا بالخير تجدوه»!!
- الصقرالمقنعالصقرالمقنع
- عدد المشاركات : 7031
العمر : 39
أوسمة التميز :
تاريخ التسجيل : 14/12/2008
رد: المصالحة الفلسطينية ... من دخل بيت ابي مازن فهو آمن !!
الجمعة مايو 13, 2011 1:36 am
مشكور علي متابعة الاخبار
الله يعطيك العافية
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى