تفسير سورة البقرة (الآيات 6 -10 )
+3
لهيب المقاومة
الصقرالمقنع
ابو احمد
7 مشترك
تفسير سورة البقرة (الآيات 6 -10 )
الخميس أغسطس 20, 2009 4:57 am
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) "البقرة : 6-7"
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا : أَيْ غَطَّوْا الْحَقّ وَسَتَرُوهُ وكفروا بما يجب الإيمان به، فاتصفوا بالكفر وانصبغوا به وأصبح لا يردعهم عن الكفر رادع ولا ينفع فيهم وعظ ، هؤلاء مستمرون على كفرهم سواء أنذرتهم يا محمد أم لم تنذرهم . ويعتبر هذا تسلية من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم الذي كان يطمع في إيمانهم.
والسبب في عدم إيمانهم أن الله ختم على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم أي طبع عليها بطابع لا يدخله الإيمان فقلوبهم مختوم عليها لا يصدر منها خير، ولا يصل إليها خير، وأذانهم لا تسمع خيراً تنتفع به، وعلى عيونهم غطاء وأكنة يحول بينها وبين النظر إلى الحق؛ ولو نظرت لم تنتفع ، فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ هُدًى وَلَا يَسْمَعُونَ وَلَا يَفْقَهُونَ وَلَا يَعْقِلُونَ قد سدت عليهم طرق الخير وأقفلت عنهم أبواب الإيمان وذلك بسبب كفرهم وجحودهم ومعاندتهم بعدما تبين لهم الحق.
هذا العقاب العاجل في الحياة الدنيا أما العقاب الآجل فهو اشد وابقي وهو عذاب النار وقد عظمه الله تعالى؛ لأنه لا يوجد أشد من عذاب النار.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (البقرة:8 ).
ومن الناس: من هنا للتبعيض ؛ أي: وبعض الناس ؛ ولم يصفهم الله تعالى بوصف لا بإيمان، ولا بكفر .؛ لأنهم كما وصفهم الله تعالى في سورة النساء: {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء} [النساء: 143]
هؤلاء يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم فهم يظهرون الخير ويبطنون الباطل وهذا هو النفاق بعينه ، لذلك أكذبهم ربنا عز وجل فقال (وما هم بمؤمنين) لأن الإيمان الحقيقي ما تواطأ عليه القلب واللسان فهو قول وعمل.
(يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) (البقرة:9).
يخادعون الله : أَيْ بِإِظْهَارِهِمْ مَا أَظْهَرُوهُ مِنْ الْإِيمَان مَعَ إِسْرَارهمْ الْكُفْر يَعْتَقِدُونَ بِجَهْلِهِمْ أَنَّهُمْ يَخْدَعُونَ اللَّه بِذَلِكَ وَأَنَّ ذَاكَ نَافِعهمْ عِنْده ، والمخادعة هي أن يظهر المخادع لمن يخادعه شيئا ويبطن خلافه لكي يتمكن من مقصوده فهؤلاء المنافقون سلكوا مع الله ومع عباده هذا المسلك فعاد خداعهم على أنفسهم ، و قوله (إلا أنفسهم) هذا يفيد الحصر عليهم فقط فخداعهم هذا لا يضر الله تعالى شيئاً، ولا رسوله، ولا المؤمنين.
وقد ختم الله الآيه بقولة ( وما يشعرون) أي ما يشعرون أنهم يخدعون أنفسهم ؛ و "الشعور" أخص من العلم ؛ فهو العلم بأمور دقيقة خفية؛ ولهذا قيل: إنه مأخوذ من الشَّعر؛ والشعر دقيق؛ فهؤلاء الذين يخادعون الله، والرسول، والمؤمنين لو أنهم تأملوا حق التأمل لعرفوا أنهم يخدعون أنفسهم، لكن لا شعور عندهم في ذلك؛ لأن الله تعالى قد أعمى بصائرهم . والعياذ بالله .، فلا يشعرون بهذا الأمر.
(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) (البقرة:10).
في قلوبهم مرض : أي شك فقلوبهم مليئة بالشهوات والشبهات والنفاق.
وَعَنْ عِكْرِمَة وَطَاوُس انهم قالوا في تفسير قوله تعالي (فِي قُلُوبهمْ مَرَض) يَعْنِي الرِّيَاء.
فزادهم الله مرضاً : أي زادهم على مرضهم لأنهم والعياذ بالله يريدون الكفر؛ وهذه الإرادة مرض أدى بهم إلى زيادة المرض؛ لأن الإرادات التي في القلوب عبارة عن صلاح القلوب أو فسادها؛ فإذا كان القلب يريد خيراً فهو دليل على سلامته وصحته؛ وإذا كان يريد الشر فهو دليل على مرضه وعلته..
هؤلاء بلغوا ووصلوا إلى درجة موت القلوب، وعدم إحساسها، وشعورها، فكان الجزاء { ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون } أي عذاب مؤلم؛ فهو شديد وعظيم وكثير؛ لأن الأليم قد يكون مؤلماً لقوته: فضربة واحدة بقوة تؤلم الإنسان؛ وقد يكون مؤلماً لكثرته: فقد يكون ضرباً خفيفاً ولكن إذا كثر، وتوالى آلَم بشدة ؛ وقد اجتمع في هؤلاء المنافقين الأمران؛ لأنهم في الدرك الأسفل من النار .
المصادر:
- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " لعبد الرحمن بن ناصر السعدي".
- تفسير القرآن الكريم " لمحمد بن صالح العثيمين رحمه الله".
- تفسير ابن كثير رحمه الله تعالي.
- الصقرالمقنعالصقرالمقنع
- عدد المشاركات : 7031
العمر : 39
أوسمة التميز :
تاريخ التسجيل : 14/12/2008
رد: تفسير سورة البقرة (الآيات 6 -10 )
الخميس أغسطس 20, 2009 10:10 am
جزاك الله خيرا
الله يعطيك العافية
الله يعطيك العافية
- لحظة وفاءصقر ماسي
- عدد المشاركات : 1640
العمر : 42
أوسمة التميز :
تاريخ التسجيل : 10/01/2009
رد: تفسير سورة البقرة (الآيات 6 -10 )
الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 2:00 pm
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى