يا من تتقلب في النعم

نعم الله علينا كثيرة لا تعد ولا تحصي قال تعالي(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) "النحل: 18".
وقال أيضا (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الإنسان لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) "إبراهيم: 34".
هذه النعم تحتاج منا جميعا إلى شكر المنعم عز وجل وذلك لا يكون إلا بإتباع أوامره والبعد عن نواهيه.
ومن اكبر النعم التي يغفل عنها كثير من الناس ولا يشعر بها إلا إذا فقدها نعمة الصحة والعافية.
يقول الرسول صلي الله عليه وسلم ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ )
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح خلاصة الدرجة: [صحيح]
هذه الصحة والعافية التي منحنا الله إياها يجب أن تستغل في طاعته عز وجل وفي المسارعة في الخيرات وذلك قبل أن يأتي علينا يوم لا نجد فيه هذه الصحة فنندم اشد الندم على ما فرطنا في حق الله فعنه صلي الله عليه وسلم انه قال( اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك) .
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - خلاصة الدرجة: صحيح
فمعظم الناس اليوم يضيع شبابه في اللهو واللعب والعمل الدنيوي والحرص على تأمين المستقبل مع تفريط شديد في حقوق الله عز وجل.

انظروا معشر الشباب إلى أصحاب هاتين القصتين المؤثرتين
ماذا يريدون ؟؟ وعم يبحثون؟؟ ومم يتحسرون؟؟
فلعلها تكون عبرة وعظة لنا جميعا

القصة الأولي
يقول راوي القصة أنه مر بغرفة مريض مشلول
لا يتحرك منه شيئا أبدا
قال : فإذا المريض يصيح بالمارين
فدخلت عليه فرأيت أمامه
لوح خشب عليه مصحف مفتوح
وهذا المريض منذ ساعات كلما انتهى من قراءة الصفحتين أعادهما ...
فإذا فرغ منهما أعادهما مرات اخري …
لأنه لا يستطيع أن يتحرك ليقلب الصفحة ...
ولم يجد أحدا يساعده...
فلما وقفت أمامه قال لي : لو سمحت أقلب الصفحة
فقلبتها فتهلل وجهه ثم وجه نظره إلى المصحف وأخذ يقرأ
فانفجرت باكيا بين يديه .. متعجبا من حرصه .. وغفلتنا!!!

القصة الثانية:
يقول راوي القصة أنه دخل على رجل مقعد مشلول تماما في أحدى المستشفيات
لا يتحرك إلا رأسه ... فلما رأى حاله .. رأف به وقال :
ماذا تتمنى .. ظن أن أمنيته الكبرى أن يشفى ويقوم ويقعد ...
ويذهب ويجيء .
فقال المريض .. أنا عمري قرابة الأربعين ..
وعندي خمسة أولاد وعلى هذا السرير منذ سبع سنين
والله لا أتمنى أن أمشي .. ولا أن أرى أولادي .. ولا أعيش مثل
الناس !!
قال : عجبا .. إذن ماذا تتمنى ؟؟
فقال : أتمنى أني أستطيع أن ألصق هذه الجبهة على الأرض ....
وأسجد كما يسجد الناس !!!


فأنت يا سليما من المرض والأسقام ... يا معافى من الأدواء والأورام

يامن تتقلب في النعم .... ولا تخشى النقم !!!

ماذا فعل الله بك فقابلته بالعصيان !! بأي شيء آذاك ؟

أليست نعمه عليك كثيرة .. وأفضاله عليك لا تحصى ؟

أما تخاف أن تقف بين يدي الله غدا

فيقول لك: عبدي ألم أصح لك بدنك ... وأوسع عليك في رزقك ...

فتقول بلى .. فيسألك الجبار : فلم عصيتني بنعمي ...

وتعرضت لغضبي ونقمي ؟!!

فعندها تنشر في الملأ عيوبك .. وتعرض عليك ذنوبك

فتباًّ للذنوب .. ما أشد شؤمها .. وأعظم خطرها

فلنبادر إخوتي جميعا بالتوبة الصادقة ولنشحذ الهمم ونبادر قبل فوات الآوان إلى أعمال الخير انطلاقا من قوله تعالي (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) "آل عمران:133".

أخي الحبيب قف مع نفسك قليلا وفكر واسأل نفسك ما الذي يمنعك وأنت والحمد لله في تمام الصحة والعافية من المسارعة في الخيرات :
ما الذي يمنعك مثلا أن تصلي الصوات الخمس في المسجد
أو تقوم الليل ولو ركعتين
أو تصلي الضحى ولو ركعتين
أو تصوم الاثنين والخميس أو تصوم ثلاثة أيام البيض من كل شهر( اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر).
او تختم القرآن على الأقل مرة كل شهر وتتدبر معانيه واحكامه.
.............. الخ من الأعمال الحسنة والخيرة.

وكن أخي صادقا مع نفسك في الإجابة
فهل ذنوبك قيدتك!
أم غرك طول الأجل!
أم سيطر الشيطان على قلبك!
أم ماذا أخي الحبيب!!!