ارسال قريش الي الحبشة في طلب المهاجرين إليها
الإثنين فبراير 23, 2009 8:55 am
ارسال قريش الي الحبشة في طلب المهاجرين إليها
رسولا قريش الي النجاشي لاسترداد المهاجرين
قال ابن اسحاق: فلما رأيت قريش أن اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمنوا واطمأنوا بأرض الحبشة ، وانهم قد اصابوا بها دارا وقرارا ، ائتمروا بينهم أن يبعثوا فيهم منهم رجليني من قريش جلدين الي النجاشي فيردهم عليهم ، ليفتنوهم في دينهم ، يخرجوهم من دارهم التي اطمأنوا بها وأمنوا فيها ، فبعثوا عبد الله بن ابي ربية ، وعمرو بن العاص بن وائل ، وجمعوا لهما هدايا للنجاشي ولبطارقته ، ثم بعثوهما إليه فيهم .
شعر ابي طالب للنجاشي يحضه على الدفع عن المهاجرين
فقال ابو طالب ، حين رأي ذلك من رأيهم وما بعثوهما فيه ، أبياتا للنجاشي يحضه على حسن جوارهم والدفع عنهم:
ألا ليت شعري كيف في النأي جعفر *** وعمرو وأعداد العدو الاقارب
وهل نالت أفعال النجاشي جعفرا *** واصحابة او عاق ذلك شاغب
تعلم أبيت اللعن ، انك ماجد *** كريم فلا يشقى لديك المجانب
تعلم بـأن الله زادك بسطة *** وأسباب خير كلهما بك لازب
وأنك فيض ذو سجال غزيزة*** ينال الاعادي نفعها والاقارب
حديث ام سلمة عن رسولي قريش مع النجاشي
قال ابن اسحاق : حدثني محمد بن مسلم الزهري ، عن ابي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي ، وعن ام سلمة بنت ابي امية بن المغيرة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار بلغ ذلك قريشا ائتمروا بينهم أن يبعثوا الي النجاشي فينا رجلين منهم جلدين ، وان يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة وكان من أعجب ما يأتيه منها الادم فجمعوا له أدما كثيرا ،ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية ، ثم بعثوا بذلك عبدالله بن ابي ربيعة ،وعمرو بن العاص ، وأمروهما بأمرهم ، وقالوا لهما : ادفعا الي كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم، ثم قدما الي النجاشي ونحن عنده بخير دار ، عند خير جار ، فلم يبق من بطاريقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل ان يكلما النجاشي ، وقالا لكل بطريق منهم : إنه قد ضوى الي بلد الملك منا غلمان سفهاء ، فارقوا دين قومهم ، ولم يدخلوا في دينكم ، وجاءوا بدين مبتدع ، لا نعرفه نحن ولا أنتم ، وقد بعثنا الي الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم إليهم ، فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ، ولا يكلمهم ، فإن قومهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم، فقالوا لهما: نعم، ثم إنهما قدما هداياهما الي النجاشي ، فقبلها منهما ، ثم كلماه فقالا له : ايها الملك ، انه قد ضوى الي بلدك منا غلمان سفهاء ، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك ، و جاءوا بدين ابتدعوه ، لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا إليك فيهم اشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لترددهم إليهم ، فهم أعلى بهم عينا ، واعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه.
قالت: ولم يكن شئ ابغض الي عبد الله بن ابي ربيعة وعمرو بن العاصي من أن يسمع كلامهم النجاشي . قالت : فقالت بطارقته حوله : صدقا ايها الملك ، قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم ، فأسلمهم إليهما فليرداهم الي بلادهم وقومهم ، قالت : فغضب النجاشي ، ثم قال : لا ها الله ، إذن لا أسلمهم إليهما ، ولا يكاد قوم جاوروني ، ونزلوا بلادي ، واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان في امرهم: فإن كانوا كما يقولان اسلمتهم إليهما ، ورددتهم الي قومهم ، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما ، وأحسنت جوارهم ما جاوروني .
احضار النجاشي للمهاجرين ، وسؤاله لهم عن دينهم ، وجوابهم عن ذلك
قالت : ثم ارسل الي اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعاهم ، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ، ثم قال : بعضهم لبعض : ما تقولون للرجل إذا جئتموه ؟ قالوا: نقول : والله ما علمنا ، وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائنا في ذلك ما هو كائن ، فلما جاءوا ، وقد دعا النجاشي اساقفته فنشروا مصاحفهم حول سألهم فقال لهم: ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه فومكم ولم تدخلوا (به ) في ديني ولا في دين احد من هذه الملل ؟ قالت : فكان الذي كلمه جعفرابن ابي طالب ( رضوان الله عليه ) فقال له : ايها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الاصنام ، ونأكل الميتة ، وناتي الفواحش ، و نقطع الارحام ، ونسئ الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا الي الله لنوحده ، ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وأباؤنا من دونه من الحجارة والاوثان ، ,امرنا بصدق الحديث وأداء الامانة وصلة الرحم ،حسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش وقول الزور ، واكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات ، ,وأمرنا ان نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا ، وامرنا بالصلاة والزكاة والصيام قالت: فعدد عليه أمور الاسلام ، فصدقناه , آمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا ، وحرمنا ما حرم علينا واحللنا ما احل لنا ،فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ، ليردونا الي عبادة الاوثان من عبادة الله تعالى ، وان نستنحل ما كنا نستحله من الخبائث ، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا ، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا الي بلادك واخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ، ورجونا ألا نظلم عندك ايها الملك ، قالت : فقال له النجاشي : هل معك مما جاء به عن الله شئ ؟ قالت : فقال له جعفر : نعم ،فقال له النجاشي : فاقرأه على ، قالت: فقرأي عليه صدرا من ( كهيعص) [ مريم : 1 ] قالت : فبكى والله النجاشي حتى اخضلت لحيته ، وبكت اساقفه حتى اخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم ، ثم قال (لهم ) النجاشي : ان هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاه واحدة انطلقا فلا والله لا اسلمهم إليكما ، ولا يكادون.
مقالة المهاجرين في عيسى عليه السلام عند النجاشي
قالت : فلما خرجا من عنده ،قال عمرو بن العاص : والله لآتينه غدا عنهم بما استأصل به خضراءهم قالت : فقال له عبد الله بن ابي ربيعة ، وكان اتقى الرجلين فينا : لا نفعل ، فإن لهم أرحاما ، وإن كانوا قد خالفونا ، قال : والله أخبرنه أنهم يزعمون ان عيسى ابن مريم عبد ، قالت : ثم غدا عليه ( من ) الغد فقال (له ) : ايها الملك ، إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولا عظيما ، فارسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه ، قالت : فأرسل إليهم ليسألهم عنه ، قالت : ولم ينزل بنا مثلها قط ، فاجتمع القوم ، ثم قال بعضهم لبعض : ماذا تقولون في عيسى ابن مريم إذا سألكم عنه؟ قالوا : نقول والله ما قال الله ، وما جاءنا به نيننا صلى الله عليه وسلم ، كائنا في ذلك ماهو كائن، قالت: فلما دخلوا ،عليه قال لهم : ماذا تقولون في عيسى بن مريم؟ قالت : فقال جعفر بن ابي طالب: نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم ( يقول) : هوعبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها الي مريم العذراء البتول ،قالت : فضرب النجاشي بيده الي الارض فاخذ مها عودا ، ثم قال : والله ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود ، قالت: فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال ، فقال : وإن نخرتم والله ، اذهبوا فانتم شيوم بأرضي ( والشيوم : الآمنون ) من سبكم غرم ،ثم قال : من سبكم غرم ، ثم قال: من سبكم غرم ،ما احب ان لي دبرا من ذهب واني آذيت رجلا منكم – قال ابن هشام : ويقال : درا من ذهب ، ويقال : فأنتم سيوم ، والدبر :بلسان الحبشة : الجبل –ردوا عليهما هداياهما ،فلا حاجة لي بها ، فوالله ما اخذ الله مني الرشوه حين رد على ملكي فاخذ الرشوه فيه ، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه ، قالت : فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به ، وأقمنا عنده بخير ، دار مع خير جار .
فرح المهاجرين بنصرة النجاشي على عدوه
قالت :فوالله إنا لعلى ذلك إذ نزل به رجل من الحبشة ينازعه في ملكة ، قالت: فوالله ، مال عملتنا حزنا حزنا قط كان اشد (علينا ) من حزن حزناه عند ذلك ، تخوفا ِأن يظهر ذلك الرجل على النجاشي ِ،فياتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه.
قالت : وسار إليه النجاشي ، وبينهما عرض النيل ، قالت : اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رجل يخرج حتى يحضر وقيعه القوم ، ثم يأتينا بالخبر ، قالت : فقال الزبير بن العوام: أنا ، فقالوا :فأنت ، و كان من احدث القوم سنا ، قالت: فنفخوا له قربة ، فجعلها في صدره ، ثم سبح عليها ، حتى خرج الي ناحية النيل التي بها ملتقى القوم ، ثم انطلقوا حتى حضرهم ،قالت : فدعونا الله تعالى للنجاشي بالظهور على عدوه ، والتمكين له في بلاده ، قالت: فوالله ، إنا لعلى ذلك متوقعون لما هو كائن إذ طلع الزبير وهو يسعى ، فلمع بثوبه وهو يقول: ألا أبشروا فقد ظفر النجاشي ، وأهلك الله عدوه ، ومكن له في بلاده ، قالت : فوالله ، ما علمتنا فرحنا فرحة قط مثلها ، قالت : ورجع النجاشي ، وقد اهلك الله عدوه ، ومكن له في بلاده ، واستوسق عليه امر الجشة ، فكنا عنده في خير منزل ، حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى