صقر فلسطين
بقلوب ملؤها المحبة وأفئدة تنبض بالمودة
وكلمات تبحث عن روح الاخوة
نقول لك أهلا وسهلا زائرنا الكريم z023
ندعوك
للتسجيل اذا احببت الانضمام لاسرتنا والمشاركة معنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صقر فلسطين
بقلوب ملؤها المحبة وأفئدة تنبض بالمودة
وكلمات تبحث عن روح الاخوة
نقول لك أهلا وسهلا زائرنا الكريم z023
ندعوك
للتسجيل اذا احببت الانضمام لاسرتنا والمشاركة معنا
صقر فلسطين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى صقر فلسطين يرحب بكم نتمنى لكم قضاء اطيب واجمل الاوقات حيث المتعة والفائدة
أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته 410

اذهب الى الأسفل
صقر فلسطين
صقر فلسطين
صقر فلسطينصقر فلسطين
عدد المشاركات : 9198
العمر : 42
تاريخ التسجيل : 11/12/2008
رسالتي : أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته Tvquran_3

أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته 6syvc4





بطاقة الشخصية
أسم المستعمل:
https://palestine-hawk.ahlamountada.com

أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته Empty أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم في نشر دعوته

الجمعة يناير 23, 2009 6:46 pm
أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم في نشر دعوته

اختلفت الأساليب التي كان يتعامل بها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بسب اختلاف الطبائع والطبقات ، وكان من أسباب نجاح دعوته ، هو توفيقه في اختيار المناسب لكل موقف ، ومع ك شخص ، ويمكن إجمالي هذه الأساليب الدعوة فيما يأتي :

الأسلوب الأول : الدعوة الحكمية :

مهمة الأنبياء ـ عليه السلام ـ قائمة على أساس الدعوة إلى الله ـ وراء الدعوة الحكيمة ، قائمة على إحسان التعامل ، وجودة المفاهمة ، وهي واضحة عند الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أكثر من غيره ، فهو الذي آتاه الله صفات عليه من فصاحة لسان ، وجوامع كلم ، وطيبة نفس ، وحسن عمل ، ولقد كانت دعوته قائمة على المنهج القومي ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) [ النحل : 125] .

بينما رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جالس مع عدد من أصحابه في بيته ذات يوم ـ وفيهم عمران بن حصين ـ يقرأ عليهم القرآن وبيينه لهم ، وقد تعلمت القلوب والعيون به ، إذ بعمران بن حصين يلمح أباه من بعيد ،وغلام يمسك بيده ، ويقوده إلى بيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصاح عمران : يا رسول الله ، هذا أبي قد جاءك ، وقد علمت أن قريشاً أرسلته إليك ، فادع الله له ، لعل الله يهديه إلى الحق ، فيسلم عليك يديك ، ويرتدي كيد قريش إلى نحوها ، وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعمران خيراً ، فاستبشر وتفاءل .

وأقبل الحصين يدب على الأر ض، كان شيخاً هرماً جاوز المائة ، وكانت قريش تعظمه ، فتبعه نفر منها توقيراً له وتبجيلاً ، ثم جلوسا قريباً من باب بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسترقون السمع ، وينتظرون النتيجة .

ووصل الحصين إلى باب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاستأذن ثم دخل ، فرحب به النبي وبش في وجه ، ثم قال لأصحابه " أوسعوا للشيخ وأجلسه قبالته .

ولم يعباً عمران بدخول والده ، فلم يقم له ويأخذه بيده فيجلسه ، بل ولم يلتفت ناحيته ، ولحظ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك ، ولم يشعر حصين بوجود ولده في المجلس ، ورحب النبي بالشيخ ثانية ، وكلمه أطيب الكلام ، ثم أنصت وأصحابه يستمعون له ، وتكلم هو فقال : ما هذا الذي بلغنا عنك – يا محمد – إنك تشتم آلهتنا وتذكرها بسوء ، وتعيب حلوم الآباء والأجداد ، إن هذا لا يليق بك يا ابن أخي ، وأنت ابن عبد المطلب فقد كان أبوك حصينة وخيراً .. كان – والله – خيراً لقومك منك ، كان يطعمهم الكبد والسنام ، وأنت تريد أن تنحرهم ؟ وأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم – إن أبي وأباك في النار ، ودهش الحصين لهذا الجواب ، فجعل يقول : في النار ؟ في النار ؟ عبدالمطلب سيد قريش يصير إلى النار ؟ وما هذه النار يا ابن أخي ؟ وأخبره النبي أنها نار حامية باقية ، أعدها الله لمن يموت مشركاً به ، وشُغل ذهن الشيخ بهذه النار التي أخبره عنها النبي صلى الله عليه وسلم ثم عاد ليقول : والله ما سمعنا بهذه النار التي تخبرنا عنها يا محمد .. ثم التفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحصين وجعل يحاوره : -



ياحصين : كم تعبد من آله ؟

سبعاً : سنة في الأرض وواحداً في السماء.

فإذا أصابك الضر من تدعو ؟

الذي في السماء

فإذا هلك المال من تدعو ؟

الذي في السماء .

فإذا رغبت في خير من تدعو ؟

الذي في السماء

وختم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحوار القصير بقوله : يستجيب لك وحده ، وتشركهم معه .

أترك الستة واعبد الذي في السماء .

ولم يتركه صلى الله عليه وسلم في حيرته طويلاً ، فقال له : يا حصين : أسلم تسلم ، أما إنك لو أسلمت لعلمتك كلمتين تنفعانك ، وتسربت كلمات النبي صلى الله عليه وسلم إلى قلب الرجل ، وفعلت حجته فعلها في قلبه وعقله ، وأيقن أن ما يدعو إليه محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم حق ، وأن الشرك باطل وضلال ، وأشرق نور الإيمان في قلبه ، فالتفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : إني أسلمت فما أقول ؟ فأجابه : قل " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله " ونطق الحصين شهادة الحق ، ففرح النبي – صلى الله عليه وسلم – بإسلامه ، وابتهج هو وأصحابه ، وسُر عمران بإسلام والده أعظم السرور وقام إليه فجعل يقبل رأسه ويديه ورجليه ، وذرف دموع الفرح غزيرة ، وبوغت الشيخ الكبير بابنه فقال عمران : والله ما شعرت به حتى هذه الساعة ، فالحمدلله يا بني أن هداني لما هداك إليه من الحق .

ورأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صنيع عمران بوالده ، فقد دخل مشركاً فما قام إليه ، ولا نظر جهته ، فلما أسلم قضى منه حقه ، وأدركته عليه الصلاة والسلام رقة ، فدمعت عيناه ونظر أصحابه إلى وجهه الشريف ورأوا الدمع تبلله ، وأدركوا على الفور معنى تلك الدموع الكريمة.

وقام الحصين من مجلسه يريد أن يخرج ، وقام له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه ،ومشى الرجل خطوات ثم توقف ، وكأنه تذكر شيئاً ، وقال النبي ، علمني الكلمتين اللين وعدتني .

فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " نعم " قل " اللهم ألهمني رشدي ، وأعذرني من شرور نفسي " ، وأخذ عمران بيد والده ومشى به ، وقال النبي لأصحابه " قوموا فشيعوه إلى منزله" فقاموا رواء .

وخرج الشيخ الكبير من منزل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يقول بصوت عال يسمعه من حوله : الحمد لله الذي هداني لدينه الحق ، اللهم ألهمني رشدي ، وأعذني من شرور نفسي .

ووسط هذه الهالة من القادمين عليه ـ عليه الصلاة والسلام ـ ممن ينكرون الدعوة ويحاولون النيل منها وممن يسألون عنها ، ويحاولون الاستزادة فيها أصبحت المواقف تحتاج إلى صبر ، وحسن تدبير ،وهنا تظهر الدعوة الحكيمة منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولقد ظهر ذلك واضحاً جلياً في مواقف دعوته خاصة مع العرب البد والذين جمعوا الجلافة والصعوبة ، ولم يكن لهم أن يتساهلوا في نقاشه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومع ذلك ساسهم ، فخرجوا دعاة في كل الأصقاع .

ومن ذلك ما أورده البخاري في صحيحه حيث قال : ( حدثنا عبد الله ابن يوسف ، قال : حدثنا الليث بن سعيد هو المقبري عن شريك بن عبدالله بن أبي نمر أنه سمع أنس بن مالك يقول : بينما نحن جلوس مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المسجد ، دخل علينا رجل على جمل فاناخه في المسجد ثم عقله ، ثم قال لهم : أيكم محمد ، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ متكئ بين ظهرانيهم ، فقلنا : هذا الرجل الأبيض المتكئ ، فقال الرجل للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إني أسائلك بربك ورب من قبلك أألله أرسلك إلى الناس كلهم ؟ فقال : اللهم نعم " أنشدك بالله أالله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة ؟ قال : اللهم نعم ، قال : أنشدك بالله أالله أمرك أن نصوم هذا الشهر في السنة ؟ قال : اللهم نعم ، قال أنشدك بالله ألله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا ؟ فقال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : اللهم نعم ، فقال الرجل : آمنت بما جئت به ، وأنا رسول من ورائي من قومي ، وأنا ضمام بن ثعلب ، أخوبين سعد بن بكر ).

وفي هذا الحديث تظهر حكمته ـ عليه الصلاة والسلام ـ في استقطاب المدعون ، وإتاحة الفرصة التي يمكن للداعي من خلالها استجلاب المدعو ، واستغلال المداخل المساعدة في إقناعه .
صقر فلسطين
صقر فلسطين
صقر فلسطينصقر فلسطين
عدد المشاركات : 9198
العمر : 42
تاريخ التسجيل : 11/12/2008
رسالتي : أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته Tvquran_3

أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته 6syvc4





بطاقة الشخصية
أسم المستعمل:
https://palestine-hawk.ahlamountada.com

أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته Empty تابع ..

الجمعة يناير 23, 2009 6:47 pm
أثر معاملته ـ عليه الصلاة والسلام ـ بهذا الأسلوب .

لو تأمل الإنسان هذين الموقفين المختلفين من حيث النية والتوجه ، ( فالحصين أتى يرده عن وضمام أتيى يتعرف الدين ويتعلمه ) للاحظ قدرة الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ في التحكم في الأسلوب ، وحسن المعاملة التي كسب من خلالها أثنين لهما اسمهما وقدرهما في الفضل والمكانة ، حيث يظهر أثر معاملته ، عليه الصلاة والسلام ـ في عدة صور منها : ـ

1- ترحيبه بالحصين والابتسامة في وجهه ، مع أمرة ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأصحابه " أو سعود للشيخ " ثم إجلاسه له ومقابلته ، وهذه فيها ما لا يخفي من حسن الاستقبال ن الذي أعطى للشيخ إحساساً بالقدرة ،وسلطة على الكلام ، واستعظام للرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ

2- تكرار الترحيب بالحصين من الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع تكليمه بأطيب الكلام ، وإنصاته لكلام الشيخ ، كل هذه دوافع أجبرت الشيخ الصحين على حسن اللفظ واحترام المكان ، وهذا يظهر بوضوح في كلام الحصين حين قال " إن هذا لا يليق بك يا ابن أخي ، وأنت ابن عبد المطلب " ولم يكن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعهد ذلك من كفار قريش ، فلقد كانوا يتبارون ويسارعون في أذيته وشتمه ، وفي ذلك أنزل الله آيات كثيرة ، من أعظمها قرآن يتلى إلى يوم الدين ( تبت يدا أبي لهب وتب ) [ المسد: 1] .

وسبب نزولها كما يروي ابن عباس ، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خرج إلى البطحاء فصعد الجبل فنادى " يا صباحاه " ، فاجتمعت إليه قريش ، فقال :" أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مصبحكم ، أو ممسيكم أكنتم مصدقي ؟ قالو " نعم ، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " فقال أبو لهب : ألهذا جمعتنا؟ تباً لك ! فأنزل الله ( تبيت يدا أبي لهب وتب ) إلى آخرها ، وفي رواية " فقام ينفض يديه وهو يقول : تبا لك سائر اليوم الهذا جمعتنا ؟ فأنزل الله " ( تبت يدا أبي لهب وتب ) .

أما في مواقفه مع الحصين ، فقد تغير الحال ن وتحسن اللفظ ، لحسن معاملته لهم .

3- تظهر حكمة الداعي في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يا حصين إن أبي وأباك في النار " حيث أظهر ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن أعمال الجاهلية الطبية الشريفة لا تنفع صاحبها إن قامت على الشرك ،ولتتساوى المواقف ، فلا فرق بينهما من حيث النسب الذي ينتهي في جهنم ، ولذلك فكر الحصين ملياً في النار .

4- أسلوب النقاش والحوار الذي ظهر بن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ والحصين يظهر عدم فرض الدين فرضاً ، بل أعطى الحصين فرصة ليشهد على نفسه ، ويظهر ما يكون ، فلقد عبد الستة وهما ؛ لأن المعبود في الشدائد والكربات الذي في السماء فقد أجاب عن نفسه ، ليعترف بجهله ، فكان الحل الأوحد ، والناتج الأخير " أترك الستة واعبد الذي في السماء " .

5- من أثر المعاملة المحمدية على الحصين إغفاله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لموقف عمران من والده قبل إسلامه ، ومن ثم التأثر بعد إسلامه ، فما أسرع الدموع حين تعانق الولد ووالده وتصافحا وهما مسلمان ، ثم التشييع والوداع ، وحث الناس على ذلك " قوموا فشيعوه إلى منزله " .

6- وفي موقفه ـ صلى الله عليه وسلم ـ تظهر آثار المعاملة في حكمة وبراعة الداعية ،فما كان منه وهو الرحيم المشفق أن يغتاظ أو ينفعل ، مع شدة السؤال ، وتضييق السائل في المسألة ، خاصة وقد أعلن السائل التشديد " إني سائلك ومشدد عليك " ، فلم تلبث تلك البراعة أن تنقلب نصراً وعزاً " آمنت بما جئت به ، وأنا رسول من ورائي من قومي " .

ومما سبق يتضح أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد كسب النفوس بحسن معاملته لهم من خلال حكمته في دعوته ، واستخدام ما يناسب الموقف والمقام ، مما حدا بالنفوس أن تنصاع إليه راغبة ، وتنساق إليه أرضية .
صقر فلسطين
صقر فلسطين
صقر فلسطينصقر فلسطين
عدد المشاركات : 9198
العمر : 42
تاريخ التسجيل : 11/12/2008
رسالتي : أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته Tvquran_3

أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته 6syvc4





بطاقة الشخصية
أسم المستعمل:
https://palestine-hawk.ahlamountada.com

أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته Empty رد: أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم في نشر دعوته

الجمعة يناير 23, 2009 6:49 pm
الأسلوب الثاني : الممازحة والمداعبة :

حبا الله تعالى رسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأفة ورحمة ، وجعلت منه أنموذجاً في حبه الخير للناس ، وسعية ـ الجاد ت أن يكون الناس كلهم مهتدين ، ولذلك أرتفعت عنده نفسه البشرية ، فتواضع لأصحابه ومازحهم ، وأردفت ذلك كله بمازح إلا بحق ، فلم يكن كذاباً فاحشاً ، بل كان مازحاً محقاً ، وقد أستطاعت هذه السمة أن تفعل في اصحابه الأفاعيل ، وأن تكسبه حباً في قلوبهم ، جعلت نفوسهم تتشرف بمازحته ومداعبته .

أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوماً بيته فاخبره أهله أن زاهراً قد قدم من البادية ، وأنه قد أهدى إليهم ، فخرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى سوق المدينة ليراه ، فوجده يبيع متاعاً له ، فأتاه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصر ، ونادى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أصحابه مازحاً : " من يشتري العبد ؟ من يشتري العبد ؟ " وقال زاهر : يا رسول الله إذاً ـ والله ـ تجدني كاسداً ـ ولكن النبي الرحيم الكريم يجيبه مطيباً خاطرة : " ولكنك عند الله لست بكاسد !! إنك عند الله غال !! . وفي هذا الموقف مع زاهر الأشجعي يظهر ( كمال الخلق ، وحسن الصحبة ،وطيب المخالطة مالا يزيد عليه ) ، ولكون الحبيب المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ رسولاً عاماً ن فإن مزاحه لم يخص الشباب ، أو الرجال ، بل تعداه إلى ممازحة المؤمنات الأتي لا يتوانين في البحث عن كل ما يسعدهن في الدنيا والآخرة ، فكم هي الفرحة عندما يأتي البلاغ بالجنة مخالطات للممازحة النبوية الشريفة ، فقد حدث الحسن البصري ـ رحمه الله ـ فقال : أتت امرأة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت : يا رسول الله ، أدع الله لي أن يدخلني الجنة ، قال :" يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز : فولت العجوز تبكي ، فقال : أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز ، فإن الله تعالى يقول : ( إنا أنشأنهن إنشاء * فجعلناهن أبكارً ) [ الواقعة : 35 ـ 36 ] .

وحدث أن امرأة جاءت تسأل عن زوجها فقال لها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " زوجك الذي في عينيه بياض ، فبكت وظنت أن زوجها عمي ، فأعلمت أن العين لا تخلو من البياض ، فكانت مداعبته كمداعبته ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يقول في مزاحة إلا حقاً ) .

وإن المتبع لسيرته يلحظ بجلاء كثرة هذه المواقف في حياته ـ صلى الله عليه وسلم ـ منها موقفه مع من طلب أن يستحمله على البعير ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومع صاحب الأذنين ، ومع أنجشة ، إلى غيرها من أسلوبه في استجلاب الناس إليه ، وتحبيبهم في هذا الدين .

أثر معاملته ـ عليه الصلاة والسلام ـ بهذا الأسلوب:

لا يخفى أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ مشرع ، يظهر للناس ما يجوز في الدين وما لا يجوز ، وكأنه بهذه المواقف الدعابية أجاز للناس ، واستحسن المزاج ما دام أنه في مسالك الحق ، مع ما يضفيه مزاحة ذلك من الغبطة والسرور على أصحابه وأطفالهم ، مع عظمي قدره ، وعلو مكانته ، فهو برسم بذلك صورة للقائد الإمام الذي يملأ جنبات مجتمعه بالألفة والقربة والسرور .

ومن خلال الإطلاع على جملة هذه المواقف المختلفة منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ تظهر لنا عدة أمور في أثر هذه المعاملة في نشر دينه ، وإبلاغ رسالته منها :

1- تحبيب القلوب فيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد أحبته وتشغفت به ، وتشرفت بذلك ، ولقد ظهرت تلك الصورة في موقفه مع زاهر الأشجعي ، وذلك عندما علم زاهر بأنه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث لم ( يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا منتهى الحب وغايته ) .

2- سرورهم وفرحهم بمزاحه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلم يولد ذلك في قلوبهم له إلا إعظاماً وإجلالاً ، فما كانت لنفوسهم أن تغضب أو تزدري ذلك منه ، بل سرت به أعظم السرور فيا ترى كيف تكون حال تلك العجوز عندما تعلم أنها تدخل الجنة عذراء ن وأن ذلك أتى من الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أعظم بشارة ، وعلى أحسن حال .

3- تأثرهم السريع بكلامه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلقد كانت ألفاظه تحرك قلوبهم قبل أن تحرك أجسادهم ، وذلك لما علموا عنه من الحرص عليهم ، وسعيه في أن يقودهم إلى ما فيه خيرهم دين ودنيا ، ولقد أبكى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ العجوز ، وزوجه الرجل عندما أخبرهم بالحق الذي يراه ، مما يصور انقيادهم ، وطيبة نفوسهم ، وخوفهم من الله ، وإيمانهم بحكمه وقضائه .

إنهم يستحقون أن يكونوا خير القرون ؛ لأنهم أحبوه ، واستجابوا له ، وعاصروه ، وكانوا قدوة في الحب لقائدهم ، والإ صغار له ، والسعي الحثيث في تحقيق ما يسعدهم ، ويرضى نبيهم ، ويرفع قدر مجتمع أساسه علم وعمل .
صقر فلسطين
صقر فلسطين
صقر فلسطينصقر فلسطين
عدد المشاركات : 9198
العمر : 42
تاريخ التسجيل : 11/12/2008
رسالتي : أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته Tvquran_3

أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته 6syvc4





بطاقة الشخصية
أسم المستعمل:
https://palestine-hawk.ahlamountada.com

أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته Empty رد: أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم في نشر دعوته

الجمعة يناير 23, 2009 6:51 pm
الأسلوب الثالث : الاعتذار وتطييب الخاطر :

امتزجت في شخصية الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ جملة من الصفات والخلايا التي كانت فيه سجية ، أو ازدادت وظهرت مع بنوته ومبعثه ، ولقد كان لزاماً على من كان في موقف الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن تحصل له المواقف المتعددة المختلفة لما كان يجده من قومه المقربين ن وأنصاره المهاجرين ، ولأن الإنسان بطبيعته يجب تملك الأشياء ، في لحظة دنيوية ، يقومها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مرحلة تشريع من مبعثه حتى وفاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن كثيراً من أحكامه وآرائه قد لا تناسب البشر لأنهم بشر ، أما هو فإنه مبعوث مرسل مشرع ، وبالرغم من ذلك فإنه لا يلبث أن يعود إلى الناس فيوضح لهم ويبين ، بل ويجد الحلول والبدائل ، فتطيب النفس بذلك وتطهر .

جلس علي بن أبي طالب ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد يوم حافل بالتعب إلى زوجه فاطمة بنت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجعل يبثها شكاته مما يلقاه من استقاء الماء من الآبار لبعض أهل المدينة علىأجر ن وقال لها : يافاطمة ، والله لقد استقيت سنوات حتى اشتكيت صدري ن ولقد جاء الله أباك بسبي ، فأذهبي إليه ، وأطلبي منه يهبنا خادماً يعيننا على شؤون عيشنا ، ويعمل لنا فننتفع بكسبه ، ويستقي لنا الماء نحتاج إليه .

وأثارت شكاة علي شكاة كانت حبيسة في نفس فاطمة ، فقالت هي الاخرى : وأنا والله لقد طحنت حتى مجلت ( ثخنت ) يداي ، فيا ليته يكون لنا خادماً يكفينا بعض شؤوننا .

وقال علي ثانية : قومي إذاً إلى أبيك فاستخدميه ، ولا تضيعي هذه الفرصة ، وخرجت السيدة فاطمة من بيتها ، ودخلت حجرة والدها القريبة من بيتها ، وسلمت عليه ، ثم همت أن تكلمه في الأمر الذي جاءت من أجله ، ولكن الحياء عقد لسانها ، وقرأ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في وجه ابنته أنها جاءت لحاجة تريدها ، فقال لها : " ماجاء بك أي بنية ؟ " ، فاجابت : جئت لأسلم عليك ، ولم يرد النبي إحراجها ، فمكثت قليلاً ثم عادت إلى زوجها الذي كان ينتظرها بفارغ الصبر ، وبادرها على : ما فعلت يا فاطمة ؟ وأجابت : أستحييت أن أسأله ، وقال علي : ما أراك ـ والله ـ أغنيت عنا شيئاً ! فقالت فاطمة : ألا تقوم معي إلى والذي فنسأله جميعاً ؟ وأجاب علي : نعم.

وصلا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتكلم علي فقال : يا رسول الله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري ، وتشجعت فاطمة فتكلمت هي الأخرى ، وقالت : وأنا قد طحنت حتى مجلت يداي ، وقد جاءك الله بسبي وسعة فاخدمنا .

ونظر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى ابنته وصهره نظرة حنان وإشفاق ودخله الحزن لما بهما لكنه تذكر حال أصحابه وجيرانه من أهل الصفة ، فذكر جوعهم ، وذكر عربهم ،وشدة عيشهم ، ذكر تحملهم الشدائد العظيمة في ذات الله تعالى ، وحباً لرسول الله ، ورغبة بهذا الدين الذي آمنوا به واعتقدوه ، ورأى أن هؤلاء أحق بالعطاء من ابنته وصهره ، فنظر إليهما وقال لهما: " لا والله لا أعطيكم وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم من الجوع ، لا أجد ماأنفق عليهم ، ولكن أبيعهم عليهم أثمانهم " وقفل علي وزوجه راجعين إلى ربيتهما ، من غير أن يحصلا على شيء ، وقبلاً عذر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد كان أهل الصفة أحق بالعطف منهم ، فعيشهم صعب ، ورسول الله يتألم لحالهم ، وهو يؤثر ببره ذا الحاجة ، ومن مسه الجوع قبل غيرهم ، ولا عجب في ذلك فمر بيهم محمد الذي علمهم على التراحم والترابط ، ومازج بينهم فجعلهم كالجسد الواحد ، الذي يؤثر بعضه على بعض .

لم تنته قصة علي وفاطمة ـ رضي الله عنهما ـ ، فقد عاد إلى منزلهما ، وأويا إلى فراشهما يريدان النوم ، ودخلا تحت قطيفة لها إذا غطت رؤوسها تكشفت أقدامهما ، وإذا غطت أقدامها تكشفت رؤوسها وإنهما لفي أول نومهما ، إذا برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يستأذن عليهما ، فهما بالنهوض من فراشهما قال لهما : مكانكما .

وأقبل عليهما ـ عليه الصلاة والسلام ـ يعتذر إليهما ، ويطيب خاطرهما ، ثم قال لهما : ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم ؟ " فأجابا : نعم يا رسول الله ، فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : " تسبحان الله دبر كل صلاة ثلاثين ، وحمدانه ثلاثاً وثلاثين ، وتكبرانه أربعاً وثلاثين ، وإذا أخذتما مضجعكما من الليل ، فتلك مائة " . وطابت نفس علي وفاطمة بهذه الماساة النبوية وبهذا التوجيه الكريم ، وكان ذلك درساً بليغاً لهما ، وجعل علي من كلمات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورداً دائماً له ، وجد معه العون الكبير ، والقدرة على تحمل التعب الكثير .

إنما العظمة التي كانت عليها شخصية الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي الرحمة القلبية التي شملت ذلك المجتمع الطاهر، فساوته وألفت بينه ، ولكم هي مؤثرة تلك الكلمات النبوية في صدور أصحابه ، وأثرها ظاهر فهي تنغرس وتثمر ثماراً يانعاً، في حياتهم ، وعصرهم المجيد ، فما زالت ذكراهم عبقاً ينتشر شذاه في كل الأرجاء .

أثر معاملته ـ عليه الصلاة والسلام ـ بهذا الأسلوب :

إذا تتبعنا موقفة ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع صحابته ـ رضوان الله عليهم أجمعين ، نلحظ أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن يتعمد في تصرفاته لأحد ، ولا يكمن له أن يوالي أحداً على أحد ، ولذلك أحبه أصحابه ، وليس ذلك فقظ ، بل لم يكن لأحد منهم أن يغتاظ من فعله ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأنهم يعلمون بحكمته ودرايته للأمور ، وأنه لن يصدر إلا عن رأي سديد ، فيه نفع المسلمين ، ولأجل ذلك رضوا بأحكامه .

ولعل مما يلاحظه المتابع لقصته ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع علي وفاطمة ـ رضي الله عنهما ـ يجيد جملة أمور في معاملته ،كانت أثراً في نشر دعوته الخالدة منها :

1- الشفقة والحنان الذي غرسه الله في قلبه على عامه المسلمين ، فلقد أشفق على ابنته وصهره ، ولكن شفقته تعدت حواجز القرابة والنسب ، فقد أشفق وتذكر الصفة وأهلها من المؤمنين الموجودين الناصرين لدين الله ، فكانت رحمته وشفقته عامة لكل الناس ، وما أعظم وقعها في تدبيره ولأمور المسلمين ،

2- المساواة التي لا بد للحاكم المسلم أن يكون عليها ، فلم يكون لأحد أن يعاقب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أعطاهما ما يريدان ، ولكنه قدم المستحق ، وهم أهل الصفة ، وقال : " والله أعطيكم وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم من الجوع ، لا أعطيكم وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم من الجوع ، لا أجد ما أنفق عليهم " .

3- اعتذاره وتطييبه خواطرهما ، والذي ترتب عليه نشر فضيلة عظيمة ، وقربة جليلة ، فقد كان في جلوسه عندهم بعد تركهم له ، وتركهما في مكانهما غير طالب منهما القيام أو الجلوس له تطييب لخواطرهما ، وإرضاء لهما ، ثم جاءت دعوته لهما بعد أن استقرت نفوسهما ، وطابت بوجوده ، وتواضعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليوجه إليهما دعوته بلين ويسر ، فيقول : " ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم ؟ " فأجابا " نعم يا رسول الله ، قال : " تسبحان الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين ، وتحمدانه ثلاثاً وثلاثين ، وتكبرانه أربعاً وثلاثين ، وإذا أخذتما مضجعكما من الليل ، فتلك مائة " .

4- أثر تلك الموعظة ، وعظم ذلك الموقف في حياة علي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فما زال علي يذكر ذلك الموقف ، ويستشهد به في حديثه ، ويحث الناس . عليه ، حتى أنه قال عن نفسه : " والله ما تركتهم منذ سمعتهن من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .. وقال له أحد أصحابه مازحاً : ولا ليلة صفين ؟

فأجابه أمير المؤمنين : " قاتلكم الله يا أهل العراق ،ولا ليلة صفين " .
صقر فلسطين
صقر فلسطين
صقر فلسطينصقر فلسطين
عدد المشاركات : 9198
العمر : 42
تاريخ التسجيل : 11/12/2008
رسالتي : أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته Tvquran_3

أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته 6syvc4





بطاقة الشخصية
أسم المستعمل:
https://palestine-hawk.ahlamountada.com

أساليب معاملته صلى الله عليه وسلم  في نشر دعوته Empty تابع ..

الجمعة يناير 23, 2009 6:51 pm
موقف آخر في الاعتذار وتطييب الخاطر :

كان من حكمته ـ عليه الصلاة والسلام ـ في التعامل مع الناس أن يستطيب الأنفس بما يناسبها ويرضيها ، وقد ظهرت تلك الصورة واضحة في تقسيم الغنائم بعد غزوة حنين ، فقد كان من علمه أنه لا بد أن يلاطف القلوب ، فأسرع إلى المؤلفة قلوبهم فأعطاهم أول من أعطى ن فأعطى أبا سفيان ابن حرب أربعين أوقية ومائة من الأبل ، فقال : أبني يردي ؟ فأعطاه مثلها ، فقال : إبني معاوية ؟ فاعطاه مثلها ، وأعطى حكيم بن حزام مائة من الإبل ، ثم سأله مائة أخرى فأعطاه إياها .. وأعطى آخرين خمسين خمسين ، وأربعين أربعين حتى شاع في الناس أن محمداً يعطي عطاء من لا يخاف الفقر .. وبعد إعطاء المؤلفة قلوبهم أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ زيد بن ثابت بإحضار الغنائم والناس ، ثم فرضها على الناس ، فكانت سهامهم لكل رجل أربعاً من الإبل ، وأربعين شاة ، فإن كان فرساً أخذ أثنى عشر بعيراً وعشرين ومائة شاة .

ولقد كانت هذه القسمة مبنية على سياسة حكيمة : ( فإن في الدنيا أقواماً كثيرين يقادون إلى الحق من بطونهم ، لا من عقولهم .. فكذلك هذه الأصناف من البشر تحتاج إلى فنون من الإغراء حتى تستأنس بالإيمان ،وتهش له ) .

أنتهت قضية توزيع الغنائم التي ظهرت فيها حسن معاملة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ للمؤلفة قلوبهم ، وحكمته في التوزيع ، الذي اشبع نفوسهم ، لتستجد أمام الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

قضية أخرى تحتاج إلى توفيق في الرأي ، ودراية في التعامل ، فقد روى ابن إسحاق ، عن أبي سعيد الخدري قال : لما أعطى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما أعطى من تلك العطايا في قريش ، وقبائل العرب ، ولم يكن من الأنصار منها شيء وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القالة ، حتى قال قائلهم : لقي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ماأعطى من تلك العطايا في قريش ، وقبائل العرب ، ولم يكن من الأنصار منها شيء وجد هذا الحي من الانصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القالة منها شيء وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القالة ، حتى قائلهم : لقي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قومه ، فدخل عليه سعد بن عبادة ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار شيء قال : فأين أنت من ذلك يا سعد ، قال : يارسول الله ما أنا إلا امرؤ من قومي ،قال : فاجمع لي قومك في هذا الحظيرة ، قال : فخرج سعد فجمع الناس في تلك الحظيرة ، قال فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا ، وجاء آخرون فردهم ، فلما اجتمعوا أتاه سعد فقال : قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار ، قال : فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فحمد الله ، وأثنى عليه بالذي هو له ، ثم قال : " يا معشر الأنصار ما قاله بالغتني عنكم ، وجدة وجدتموها في أنفسكم ، ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله ، وعالة فأغنكم الله ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم ؟

قالوا : بلى الله ورسوله أمن وأفضل .

قال : ألا تجيبونني يا معشر الأنصار ؟ قالوا : وبماذا نجيبك يا رسول الله ؟ ولله ورسوله المن والفضل ، قال : أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتهم وصدقتهم ، اتيتنا مكذباً فصدقناك ، وفخذولاً فنصرناك ، وطريداً فآويناك ، وعائلاً فأغنيناك ، وأجدتم في أنفسكم ـ يا معشر الأنصار ـ في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا ، ووكلتكم إلى إسلامكم ، أفلا ترضون ـ يا معشر الأنصار ـ أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعون برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في رحالكم ، فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امراً من الأنصار ، ولو سلك الناس شعباً ، وسلكت الأنصار شعباً ، لسلكت شعب الأنصار ن اللهم أرحم الأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار " قال : فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا : رضينا برسول الله قسماً وحظاً ، ثم انصرف رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتفرقنا ) .

ومن خلال هذين الموقفين يتضح لنا كيف انقلبت موزاين الغضب إلى رضا ، والانزعاج إلى حب وبكاء وولاء ، وكيف أعطي راغبي الدنيا من الدنيا فألف قلوبهم ، وأعطى أهل الآخرة فطابت نفوسهم ، وكسب الفريقين المهاجرين والأنصار ، وصاروا ـ جميعاً ـ يداً واحدة تدافع عن دين الله ورسوله ،

أثر معاملته ، عليه الصلاة والسلام ـ بهذا الأسلوب :

إن المتتبع لهذا الموقف النبوي الشريف ، يلاحظ جملة من الأمور الواضحة في حسن التعامل منها :

1- معاملته للمؤلفة قلوبهم ، فقد أعطاهم ما يستحقون ، ثم زاد كلما طلبه مستزيد ، وفي هذا أخذ كل على الطريق التي تناسبه ، واكتساب الود منهم ، وتطييب خواطرهم بصفتهم حديثي عهد بالإسلام .

2- كرم وسخاؤه وعطاؤه من غير من ، فلم يكسب نفسه من كل ذلك بشيء بل وضحها صريحة حيث قال : " والذي نفسي بيده لو كان عندي شجر تهامة نعماً لقسمته عليكم ن ثم ما ألفيتموني بخيلاً ولا جباناً ولا كذاباً " .

3- سعة صدره ـ عليه الصلاة والسلام ـ فما كان له أن يغضب من موقف الأنصار وهو الرحيم .

4- اعترافه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بفضل الأنصار ، بعد أن عرض فضل الله عليهم بنصرتهم له ، وكيف تغيرت أحوالهم به ، ومن ثم الاعتذار إليهم ، وإظهار أسباب تلك القسمة ، التي كان مبعثها ظاهراً في قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" وأجدتهم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا "، ومن ثم تطييب خواطرهم ، وجعل الهبة لهم نفس الحبيب الطاهر ، فهو المكسب ورأس المال .

الأسلوب الرابع : العفو والصفح النبوي :

شهدت سيرة الحبيب المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ العديد من المواقف التي أظهرت عفوه عن المسيء ، وذلك لأنه لم يكن للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن ينتصر لنفسه أو أن ينتقم ممن اعتدى عليه ، وطالما أن أولئك الذين أخطئوا في حقه عادوا أو كانوا جاهلين فيها عملوا ، فإن الرسول الكريم لا يلبث أن يغض الطرف عما كان منهم ، خاصة أنهم قد ندموا على ما كان منهم .

ولعل المتتبع لمراحل الدعوة المحمدية ، وما مربها من مواقف للمشركين مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يلاحظ ما كانوا قد فعلوه به ، محاولين رده كما كان عليه من دعوة ، ولينفروا الناس منه ومن دينه ، ولقد يعجب الإنسان من خروج الرأفة والرحمة من قلوب المشركين ، خاصة الكبار منهم والصناديد ، ولعل من أشهر مواقف العداءلة ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أن عتبه بن أبي لهب أتى يوماً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أنا أكفر بـ ( النجم إذاهوا ) وبالذي ( دنا فتدلى ) ، ثم تسلط عليه بالأذى ، وشق قميصه ،وتفل في وجهه ، إلا أن البزاق لم يقع عليه ، وحينئذ دعا عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال : " اللهم سلط عليه كلباً من كلابك " ، وقد استجيب دعاؤه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد خرج عتبة مرة في نفر من قريش ، حتى نزل في مكان من الشام يقال له الزرقاء ، فطاق بهم الأسد تلك الليلة ، فجعل عتبة يقول : ياويل أخي ، هو والله آكلي كما دعا محمد علي ، قتلني وهو بمكة ، وأنا بالشام ، فغدا عليه الأسد من بين القوم ، وأخذ برأسه فذبحه .

ومنها ما ذكر أن عقبة بن أبي معيط وطئ على رقبته الشريفة ، وهو ساجد حتى كادت عيناه تبرزان .. وفي رواية البخاري عن عروة بن الزبير قال : سألت عمرو بن العاص أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : بينما النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصلي في حجرة الكعبة إذ أقبل عقبة بن معيط فوضع ثوبه في عنقه ، فخنقه خنقاً شديداً ، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبيه ودفعه عن النبي ، وقال : أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ) .

وفي أثناء ذلك الإصرار من صناديد قريش في قتله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصر الرسول الكريم على أن يستمر في دعوتهم ،حتى لو ردوا إحسانه بالإساءة ، فازدادوا الأجل ذلك علوا واستكباراً ، وتمادوا في غيهم وظلالهم ، وضيقوا عليه في المعاملة والمعايشة حتى ضاقت عليه الأرض بما رحبت ، فخرج الرسول الكريم مهاجراً من بلد الكفر إلى بلد النصرة في المدينة المنورة ، ليعيش زمناً ثم يعود مرة أخرى إلى مكة ، لكنه لم يعد ضعيفاً كما خرج ، بل عاد تحمله إلى مكة تباشير النصر والفتح من الله العيظم ( إذا جآء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً ) [ النصر : 1،2 ]
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى