قلق وخوف في الشارع من أزمات مالية قادمة
الأربعاء يونيو 22, 2011 12:24 am
رام الله -العهد - زلفى شحرور - حالة من القلق والخوف تسود أوساط موظفي القطاع العام من عدم استقرار آلية صرف رواتبهم، ورغم أن عائدات الضرائب تغطي 60% من فاتورة الرواتب، إلا أن قدرة السلطة على جبايتها ما زالت محدودة.
هذا القلق لا ينتاب الموظفين وحدهم، بل يمتد ليطال القطاع الخاص، إذ تشكل رواتب موظفي القطاع العام والبالغة 720 مليون شيقل شهريا، العصب الرئيس للحركة التجارية التي تضطرب مع أي ارتباك في صرفها.
ووصل القلق عند بعض الموظفين لدرجة الذهاب لتخزين المواد الغذائية، وقال أحدهم (رفض الكشف عن هويته) وهو أب لثلاثة أطفال، إنه اشترى 'مجمدة' لتخزين الخضار الرخيصة في هذه الفترة، مع بعض اللحوم، تكفيه لما بعد أيلول، والأهم من ذلك في شهر رمضان.
وخلق عدم الانتظام في صرف الرواتب نمطا جديدا من الاستهلاك اقتصر على الأساسيات من طعام وشراب، وهو ما يؤكده عدد من الموظفين الذين قالوا إنهم عادوا لعادات التخزين التي كانت سائدة أيام منع التجول، وعدم الصرف على قضايا الرفاهية.
وقالت الموظفة فاطمة سعيد: 'شاركت بجمعية لأستفيد من فلوسها في عمل بعض التعديلات على بيتي من طلاء وديكور. بالطبع لن أغامر، وسأحتفظ بهذه الأموال لسداد قرض بنكي'.
وتقوم إسرائيل بتحويل عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية حسب اتفاق باريس الاقتصادي، الذي يتعامل مع الأرض الفلسطينية وإسرائيل كوحدة جمركية واحدة.
واستخدمت إسرائيل وما تزال هذه الأموال، التي تصل قيمتها شهريا حوالي 300 -350 مليون شيقل، لابتزاز السلطة الوطنية سياسيا، وأخرت تحويلها في شهر أيار الماضي احتجاجا على توقيع اتفاق المصالحة، وتهدد باستخدامها في حال تشكيل حكومة توافق وطني، أو في حال التوجه للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر لطلب عضوية فلسطين في المنظمة الدولية.
وينعكس أي خلل في تحويل هذه الأموال سلبا على قدرة السلطة على الوفاء بالتزاماتها في مواعيدها المحددة، وبالتالي تنعكس على قدرة أفرادها على الوفاء أيضا بالتزاماتهم.
وخفضت السلطة الوطنية من توقعاتها لحجم دعم الدول العربية في موازنتها لهذا العام انطلاقا من تجربتها خلال السنوات الثلاث الماضية والتي كانت تشهد تراجعا في الالتزام بهذا السداد.
ولم تلتزم الدول العربية بتعهداتها المالية تجاه السلطة الوطنية منذ بداية العام، باستثناء الجزائر التي حولت حوالي 26 مليون دولار بداية الشهر الجاري، مكنت السلطة من صرف رواتب موظفيها.
وغدت القروض البنكية ملاذا آمنا لبعض الموظفين، لوضعها في حسابات خاصة بهم لمواجهة الأيام القادمة، فمنهم من لجأ للتأمين والمعاشات، لأن سدادها مرتبط بالراتب ومنهم من ذهب للبنوك، حيث لم تتراجع نسب القروض التي تمنحها البنوك عن الفترة التي سبقت الحديث عن احتمالات أزمات مالية.
وأوضح مدير دائرة علاقات الجمهور في سلطة النقد علي فرعون، أن هناك مؤشرات على تأثر الحركة التجارية، التي تشهد حالات تراجع في البيع بسبب عدم صرف الرواتب في موعدها، لافتا إلى أن حجم الشيكات المرتجعة كان كبيرا في أيار الماضي، وغالبيتها تعود لموظفي القطاع العام، مؤكدا أن نسب الإقراض من البنوك لموظفي القطاع كما هي ولا تراجع فيها.
وأضاف أن هذه القضية تعكس نفسها بصورة واضحة على التجار، الذين يقومون بتجيير شيكات الموظفين مرة أخرى، لافتا لمخاطر هذه الطريقة، والتي حذرت منها سلطة النقد بسبب مخاطرها العالية.
ويبلغ حجم قروض موظفي القطاع العام من الجهاز المصرفي حوالي 300 مليون دولار، ما يعني أن غالبية موظفي هذا القطاع متورطون بقروض بنكية، خاصة وأن البنوك زادت من تسهيلاتها لتصل لحوالي 43% من حجم ودائعها.
ويؤكد القائمون على الجهاز المصرفي أن رواتب الموظفين تنفد خلال 24 ساعة من صرفها.
وأكد أسامة مفارجة، وهو صاحب محل للتصوير في مدينة رام الله هذا التراجع، حيث يلحظ التجار في السوق اقتصار عمليات البيع والشراء على الأساسيات من مأكل ومشرب، وللضرورات القصوى، قائلا 'سجلت في المحل عندي نسبة تراجع الحجز لتصوير مناسبات الزواج إلى 40% عن السنوات الماضية'.
وأضاف 'هذا يعود للوضع العام، وغياب الأفق السياسي، واستحقاق أيلول، ما يخلق نوعا من توخي الحذر عند المواطنين المتخوفين من نشوب انتفاضة ثالثة، وعدم قدرة السلطة على الوفاء بالتزاماتها المالية خلال الشهرين الماضيين، ما أعاد للأذهان أزمة الرواتب عام 2006'.
وفي رام الله أيضا، قال أحمد أبو عين، وهو صاحب محل للأدوات الكهربائية، إن حالة ركود تضرب السوق، وأضاف: تشهد السوق حركة تجارية لمدة عشرة أيام بعد صرف رواتب موظفي القطاع العام، وخلال الأشهر الماضية وعلى الأخص حزيران وأيار كانت الحركة شبه معدومة، رغم أننا نعتبر هذه الفترة موسما لنا، بسبب الأعراس وتجهيز بيوت العرسان.
وأكد التجار، بمن فيهم أصحاب محلات بيع الملابس، ضعف حركة البيع في الأسواق. وقالت حنين وهي صاحبة محل لبيع الملابس النسائية: 'كنا نعتمد على هذا الموسم في تغطية مصاريف المحل، وكنا نبيع بكميات كبيرة في هذه الفترة من السنة ملابس للصيف وملابس للمناسبات، لكن اليوم تدخل الزبونة وتسأل عن الأسعار وتعتذر وتمضي'.
وتجمع العديد من التقارير الدولية وتقارير اقتصادية محلية على أن نسب النمو في العام 2010 وصلت إلى 9.3% وهذا يعود في جزء رئيسي منه لعملية الضخ التي تقوم بها الحكومة، ما يجعل من أي تشويش في عملية صرف الرواتب واضحة في السوق.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى