تذكير الأحباب بما ورد في العشر من ذي الحجة من الأجر والثواب
الإثنين نوفمبر 08, 2010 11:05 pm
المقدمة
إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له .
واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فهذه كلمات نافعات ــ بإذن رب الأرض والسموات ــ كتبتها تذكيراً وذكرى لنفسي و إخواني وأخواتي بأيام العمل الصالح فيها خير من غيرها من سائر الأيام- كما اخبر بذلك نبي الإسلام محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم السلام-
إلا رجل خرج مجاهدا في سبيل الله بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء
الحديث الأول
عن ابن عباس –رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ، يعنى : أيام العشر ، قالوا : يارسول الله ؛ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال :" ولا الجهاد في سبيل الله ؛ إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء".
صحيح أبو داود وصحيح الترمذي وابن ماجه
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
مما يُسنُّ صيامه أيام العشر ، عشر ذي الحجة الأول ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام "، يعنى أيام العشر ، وقوله : "العمل الصالح" يشمل الصلاة ، والصدقة ، والصيام ، والذكر ، والتكبير ، وقراءة القرآن ، وبر الوالدين ، وصلة الأرحام ، والإحسان إلى الخلق ، وحسن الجوار ، وغير ذلك من الأعمال الصالحة
ما من أيام في السنة يكون العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله ؟ ؛
". قال : "ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء
ففي هذا دليل على فضيلة العمل الصالح في أيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة، من صيام وغيره، وفيه دليل أيضا على أن الجهاد من أفضل الأعمال, ولهذا قال الصحابة: ولا الجهاد في سبيل الله ؟.
وفيه دليل على فضيلة الحال النادرة ، أن يخرج الإنسان مجاهداً في سبيل الله بنفسه وماله ، وماله يعنى : سلاحه ومركوبه ، ثم يقتل ويؤخذ سلاحه ومركوبه ،ويأخذه العدو ، فهذا فقد نفسه وماله في سبيل الله وإذا وقع هذا العمل في أيام العشر تضاعف فضله.
الحديث الثاني
صيام يوم عرفة وهو اليوم التاسع من ذي الحجة
عن أبى قتادة –رضي الله عنه –قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن صوم يوم عرفة ؟
قال : "يكفر السنة الماضية والباقية " رواه مسلم
قال الشيخ ابن عثيمين:
ومن الأيام التي يُسنُّ صيامها : يوم عرفة ،و اليوم العاشر من شهر المحرم لحديث أبى قتادة رضي الله عنه ، إن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة ، قال : "يكفَّر السنة الماضية والباقية " الماضية يعنى : التي انتهت,
لأن يوم عرفة في آخر شهر من العام ، والباقية : فهو يكفّر سنتين ، وسئل عن صوم يوم عاشوراء ، قال : يكفر السنة الماضية فهو اقلُّ أجرا من صوم يوم عرفة.
الحديث الثالث
وعن هنيدة ابن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيام من كل شهر : أول اثنين "
من الشهر وخميسين "صحيح أبو داود وصحيح النسائى .
الحديث الرابع
عن عائشة –رضي الله عنها –قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط"
رواه مسلم
قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى
– :وتسع ذي الحجة تبدأ من أول أيام ذي الحجة ، وتنتهي باليوم التاسع وهو يوم عرفة، والحجة بكسر الحاء أفصح من فتحها وعكسها القعدة .
ودليل استحبابها قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من أيام العمل الصالح فيهنَّ أحب إلى الله من هذه الأيام العشر" والصوم من العمل الصالح.
وقد ورد حديثان متعارضان في هذه الأيام ، أحدهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يصوم هذه الأيام التسعة ، والثاني أنه كان يصومها ، وقد قال الإمام أحمد –رحمه الله – في التعارض بين هذين الحديثين : أن المثبت مقدم على النافي ، ورجح بعض العلماء النفي ، لأن حديثه أصح من حديث الإثبات ، لكن الإمام أحمد جعلهما ثابتين كليهما ، وقال
إن المثبت مقدم على النافي ، ونحن نقول : إذا تعارضا تساقطا بدون تقديم أحدهما على الآخر فعندنا الحديث الصحيح العام" ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر"
فالعمل الصالح في أيام عشر ذي الحجة ومن ذلك الصوم أحب إلى الله من العمل الصالح في العشر الأواخر من رمضان ، ومع ذلك فالأيام العشر من ذي الحجة ، الناس في غفلة عنها ، تمرُّ والناس على عاداتهم لا تجد زيادة في قراءة القرآن ، ولا العبادات الأخرى ، بل حتى التكبير بعضهم يشحُّ به.
قال النووي –رحمه الله: قال العلماء : هذا الحديث( يقصد حديث عائشة)
مما يوهم كراهة صوم العشر ، والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة ، قالوا : وهذا مما يتأول ، فليس في صوم هذه التسعة كراهة ، بل هي مستحبة استحبابا شديدا ، لا سيما التاسع منها وهو يوم عرفة ، وقد سبقت الأحاديث في فضله ، وثبت في صحيح البخاري ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل منه في هذه "، يعنى العشر الأوائل من ذي الحجة ، فيتأول قولها لم يصم العشر أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما ، أو إنها لم تره صائما فيه ، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر ، ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة ابن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر الإثنين من الشهر والخميس "
رواه أبو داود وهذا لفظه ، وأحمد والنسائي وفى روايتهما : ( وخميسين) والله أعلم.
وَبَعْدُ :
فيا باغي الخير أقبل ، واغتنم هذه الأيام المباركة في تحصيل الأجر والثواب ، فلعلك تُحصّل السعادة في الدارين بعمل تعمله في هذه الأيام المباركة ، فلا تدرى متى الرحيل يا من أيقنت بالرحيل ، فكَثِّر الزاد واستعد ليوم المعاد ,يوم يحشر الناس إلى ربهم حفاة عراة غرلا ً, ويلجمهم العرق إلجاماً كل بحسب عمله ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاَّ من أتى الله بقلب سليم ، اللهم اختم لنا بالإسلام والسنة .
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------.
. شرح رياض الصالحين ، لابن عثيمين ، طبعة ابن الجوزى . 1
. الشرح الممتع، المجلد السادس، لابن عثيمين ، دار ابن الجوزى.2
. شرح النووي على مسلم ، مكتبة الرشد بعناية عبد السلام بن محمد بن عمر علوش .3
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى