- الصقرالمقنعالصقرالمقنع
- عدد المشاركات : 7031
العمر : 39
أوسمة التميز :
تاريخ التسجيل : 14/12/2008
في غزة سحور على ضياء الشموع
الخميس أغسطس 12, 2010 9:00 pm
جاء شهر رمضان هذا العام على غزة بحلة كنا نتوقع أن تكون أجمل من العام الماضي، ولكن يبدو أن فقر غزة ، وحالة الطلاق السياسي وتشرذم الأخوة جعل العروس غزة) في حلة داكنة سوداء ظلماء أكثر ظلامًا من عامها الأول ..
أعلن مفتى القدس الشريف عن يوم الأربعاء اليوم الأول من شهر رمضان المبارك ، وفرح مؤمنو غزة وفقراءها بمجيء شهر المساواة -على الأقل في حتى غروب الشمس من كل مساء في رمضان - واعتقد فقراء غزة أن العالم سيشعر بمأساتهم على الأقل في هذا الشهر ، فربما تهب رياح العروبة والإسلام على امتنا سويعات ، وربما تنسم رياح أجناد ين و اليرموك وعين جالوت أو الزلاقة ولكن يبدو أن رياح التاريخ النقية أصبحت تفسد مضاجع المنتفخين الغارقين في اللحم الأبيض المتوسط ..جاء الأول من رمضان وخرج الأطفال في شوارع وأزقة غزة الضيقة ليبحثوا عن أغانيهم المفقود والمسلوب بهجتها ، وسط الظلام وضاعت أنشودة ( حالوا يا حالو – رمضان كريم يا حلوا ) لأن الخوف كان سيد الموقف وتردد أطفال غزة الخروج إلى الشوارع غير المعبدة والمعتمة جدا بسبب انقطاع التيار الكهربائي في اليوم الأول من رمضان ؟! وغاب عن سناء مخيماتها ضياء فوانيس رمضان الشهيرة ، وجاء موعد السحور وخرج المسحراتى (أبو وطن) بطبلته الخافتة ليعلن بدء السحور ، وينادي بصوت مختلف هذا العام وبعبارات لا نكاد نفهم معانيها، ويردد ، ويردد معه أثير هواء غزة الساخن ( اصحي يا نايم ) وترد عليه الحاجة أم عبد الصبور، ومن منا نائم يا أبو طن ؟ ! ..نعم منا نائم والحر يكوي جنباتنا، فلا مراوح ولا مكيفات تداعب أجسام أطفال وشيوخ غزة المنهكة ، والكل بات يتقلب من جهة شمالية إلى غربية بحثا عن هواء صالح للتنفس ، أو قبس من نور القمر يدخل إلى بيته العتيق ليونسه فى وحدته وظلامه ، ومع كل هذا وذاك واستجابة لدعوة رسول الله وتشديده على أن السحور بركة ، استفاقت الحاجة أم عبد الصبور، وبحثت عن بقايا شمعتها في درج منزلها وأشعلتها، واعدت ما تيسر من سحور تقليدي معروف خاصة عند أهل مخيمات غزة الذي لايخلو من طبق الفول أو الحمص وبعض قطعات من الجبن مزينة بحبيبات من الزيتون - كارهين بطبعهم سحور المناسف العربية - وتناولت السحور مع زوجها وأولادها بليلة لا اعتقد انها رومانسية لأن حر الشمعة أضيف إلى حر الغرفة ، و انتهت الحاجة وأولادها من طعامهم البسيط وحمدوا الله، وكعادتهم توجهوا إلى الله بالدعاء أن يكف البلاء عن غزة، ويدخلها في فلكها العربي والإسلامي، لكي يشعر العرب والمسلمون أن لهم إخوة لا زالوا غارقين ينتظروا سفينة النجاة أو حبلا عربيا يشدهم إلى بر الأمان فهل ننتظر ؟ ،،
د ناصر إسماعيل جربوع اليافاوي- كاتب باحث فلسطيني
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى