عجبت من صديقي

لي صاحب قلما أجد مثله في هذا الزمان صاحب يحتاجه كل واحد منا ، كان ملازما لي في العمل لا أكاد افترق عنه تعلمت منه الكثير ولكن أكثر ما تعلمت منه هو المبادرة والمسارعة في الخير والحرص الشديد على الطاعات حتى في ظل أصعب الظروف ، ولعلي لا انسي له موقفين من المواقف الرائعة أولهما أننا كنا نسير معا لقضاء مصلحة مشتركة وعندما اقتربنا من السوق شدني وجذبني لنذهب من طريق السوق رغم أن هذا سيعيقنا فوافقت ظنا مني أن له حاجة معينة يريد أن يشتريها ولكن فوجئت أنه لا يريد أن يشتري شيئا وليس له حاجة ولكنه دخل السوق فقط ليقول دعاء السوق وطالبني بترديد دعاء السوق خلفه ابتغاء الأجر والثواب وعملا بقول رسول الله صلي الله عليه وسلم : « من دخل السوق فقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير" كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة" ( أخرجه الترمذي ، حديث حسن ) ، وتكرر هذا الموقف بعد ذلك كثيرا فكلما كنا معا واقتربنا من السوق أصر على أن ندخل السوق ونردد معا دعاء السوق رغم إننا في كثير من الأحيان كنا في أمس الحاجة للوقت ، أما الموقف الثاني العجيب فكنا نمشي سويا وفجأة وجدنا جنازة لأحد الموتى ادخلوها أهلها المسجد للصلاة عليها - في غير وقت الصلوات الخمس- فشدني وقال لي هيا بسرعة نكسب اجر الصلاة على الجنازة قلت له أنني غير متوضئ ولن نستطيع اللحاق بصلاة الجنازة التي تؤدي بسرعة فقال وأنا كذلك غير متوضئ ولكن أسرع لعلنا نلحق بهم ونغتنم الأجر الكبير وتركني وهرول بسرعة عجيبة إلي المسجد وأنا واقف مكاني مندهش من تصرفه فتوضأ بسرعة ولحق بهم في صلاة الجنازة بشكل لم أكن ابدآ أتوقعه وضاع علي أنا اجر الصلاة على الميت .
مثل هذا الصاحب يجب أن نبحث عن أمثاله كثيرا فكلنا أحوج ما يكون لصاحب يذكرنا بالله دائما يكون سندا لنا وعونا في الخير يأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر يشجعنا إذا تكاسلنا يصوبنا إذا أخطأنا يشد على أيدينا إذا اجتهدنا في العبادة ، مثل هذه الصحبة تكون في الله ومن اجل الله وهي التي سوف تنفعنا وتنجينا في الدنيا والآخرة كما اخبر الرسول صلي الله عليه وسلم في حديثه سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فذكر منهم " رجلان تحابا في الله اجتمعا وعليه وتفرقا عليه " ، وفي المقابل علينا أن نبتعد عن أصحاب السوء وأصحاب المصالح الدنيوية لقول الرسول صلي الله عليه وسلم " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" (رواة ابوداود والترمذي ، حديث حسن ) ، فصحبة السوء لا تؤدي بصاحبها إلا إلي الهلاك والدمار والبعد عن الله تعالي ومن ثم الخسران الشديد في الدنيا والآخرة وصدق الله إذ يقول " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين" ( الزخرف آية 67 ) لذلك وجب على أولياء الأمور أن ينتبهوا جيدا إلي أولادهم لأنك إذا أردت أن تجعل ابنك صالحا فلا يكفي أن تحسن تربيته فقط فما ستبنيه أنت في سنين سيهدمه صاحب سوء في دقائق , فابعد ابنك عن أصحاب السوء وما أكثرهم هذه الأيام وإياك أن تستهين بذلك وخذ الأمر على محمل الجد فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، وأخيرا نسأل الله لنا جميعا السلامة والنجاة والفوز في الدارين الدنيا والآخرة ، وليكن شعارنا دائما قول الرسول صلي الله عليه وسلم " لاتصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي" ( رواه أبو داود ، حديث حسن).