فتنة النساء والتحذير منها
الخميس فبراير 11, 2010 3:12 am
أيها المسلمون فإنه لا يخفى ما وقع فيه كثير من الناس من الانزلاق في هاوية الفتنة التى لا يخشى عليه وحده منها بل يخشى عليه وعلى غيره كما قال الله تعالى ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الأنفال:25) إن الفتنة التي اعنيها فتنة النساء التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)
الراوي: أسامة بن زيد المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5096 خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
إنها فتنة وقع فيها من وقع من اراذل الناس حتى استأثروا لهواهم وعميت بصائرهم فانطمست أبصارهم حتى صاروا يتتبعون النساء في الشوارع وفي الأسواق - تغزل وصفير وهمسات وربما لمسات - يتخبطون خبط عشواء كأنهم لا يرون الناس حولهم أو كأن الناس حولهم بهائم لا من البشر ، إن هؤلاء منغمسون في الشهوة مستهترون بالأخلاق متحدون للمجتمع غير خائفين من الله عز وجل ، وإن الواجب علينا أيها المسلمون ونحن أمة مسلمة أن ننكر هذه الأعمال والأخلاق من أولئك السفهاء ، إن علينا أن ننكرها لأنها تنافي صفات المؤمنين بالله واليوم الآخر ،إن علينا أن ننكرها لأنها وسيلة إلى الزنا الذي قال الله فيه ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الاسراء:32) ،إن علينا أن ننكر هذه الأخلاق وهذه الأعمال لأنها إخلال بالأمن ونشر للخوف والذعر والفوضى لا تستطيع المرأة أن تخرج من بيتها إلى أقاربها وهي آمنة من شر هؤلاء ، إننا ننكرها لأنها سبب للعقوبة العاجلة والإثم في الدار الآخرة قال الله تعالى (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً ) "الاسراء:16"وقال تعالى حينما ذكر ما يتجنبه عباد الله ومنه الزنى قال ( ومن يفعل ذلك يلق آثاما *يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً ) "الفرقان:68-69".
أيها المسلمون إن هذه الأخلاق السافلة والأعمال السيئة التي انحط إليها بعض الناس لم توجد في مجتمعنا إلا حين ضعف الدين وضعفت الغيرة وانتشرت اسباب الفتنة أما ضعف الدين فإنه لو كان عند هؤلاء المتتبعين للنساء المفتونين بهن لو كان عندهم قوة في الدين ما تجرأوا على فعلهم وما وقعوا في معصية ربهم وما اشغلوا قلوبهم بذكر المخلوق عن ذكر الخالق قال الله تعالى ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (النور:30) وأما ضعف الغيرة فإنه لو كان عند هؤلاء المتتبعين للنساء المفتونين بهنّ لو كان عندهم قوة في غيرتهم ما تجرأوا على فعل هذا وفتنوا نساء اخوانهم ومواطنيهم ،إن مقتضى الاخوة أن يغار هؤلاء على نساء إخوانهم ومواطنيهم كما يغارون على نسائهم أنفسهم ،وإني لسائل هؤلاء إني لسائل هؤلاء ايرضى أحد منهم أن تتبع امرأته أو ابنته أو اخته أو أحد من نسائه هل يرضى احد منهم أن تغازل ابنته أو امرأته أو اخته أو أحد من نسائه هل أحد يرضى أن تزاحم امرأته أو ابنته أو اخته أو احد من نسائه تزاحم حتى يلتصق بها التيس كما يلتصق التيس بالمعزة ،فإذا كان لا يرضى ذلك في أهله فكيف تسوق له نفسه أن يفعله في أهل غيره؟!! إنني أحذر هؤلاء المفتونين أحذرهم أن يسلط على أهليهم من يفعل بهم مثل ما فعل هؤلاء بنساء الناس واحذرهم أن يبتلى احد من ذريتهم بهذا الداء العضال.
و أما أسباب هذه الفتنة أيها الاخوة فكثيرة منها:
* وسائل الأعلام المسموعة والمنظورة والمقروءة يقع بين أيدي الشباب من ذكور وإناث يقع بين أيديهم صحف ومجلات فيها الصورة والكلام تثير الشهوة وتعصف بالعاطفة وتلهب نار العشق.
* وأما من أسباب هذه الفتنة ما أنعم الله به على هذه البلاد بعد الفقر وبعد المرض وبعد الخوف أنعم الله على هذه البلاد من الصحة والفراغ لكثرة المال وحسن الغذاء واستتباب الأمن والرخاء فأصبحت قلوب الناس فارغة والأبدان عاطلة ولهذا لا تكاد تجد مفتوناً بهذه الفتنة إلا أحد شخصين إما شخصاًَ فاشلا ليس له عمل يشتغل به فيلهيه ويلحقه بركب الرجال الشرفاء فهو جاهل لا يعلم ولا يتعلم كسول لا يعمل عملاً خاصاًَ ولا بوظيفة لدى الحكومة أو غيرها فاشل من جميع النواحي استولى عليه الهوى فهوى به واستعذب الملح فباء بعذابه ، وإما شخص ذو عمل لكنه مضيع لعلمه غير مبال بما يترتب على إضاعته من نتائج وخيمة وعواقب سيئة.
أما الرجل المؤمن الشريف الحازم فلن ينزل بنفسه إلى سفاهة الأمور وأراذلها.
*ومن أسباب هذه الفتنة ما يقوم به بعض النساء من سلوك شاذ في الملبس والمظهر سلوك يحط بهنّ إلى الفتنة وينأ بهنّ عن نهج السلف الصالح ، تجد بعض النساء تخرج إلى السوق متبرجة بأجمل ما عندها من لباس ثم تستره بعباءة رهيفة أو قصيرة أو مرفوعة ليبرز ما تحتها من الثياب الجميلة فتكون كاسية عارية لباسها لباس أهل النار قال النبي صلى الله عليه وسلم ( صنفان من أهل النار لم أرهما . قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس . ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات . رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة . لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها . وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا )
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2128 خلاصة حكم المحدث: صحيح.
ومن النساء من تخرج إلى السوق متحلية بالذهب والساعات الجميلة وتمشي في السوق كاشفة يديها لتفتن من يراها وقد قال الله تعالى ( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ)(النور: من الآية31) ومن النساء من تخرج إلى السوق متطيبة وربما تختار أقوى الأطياب رائحة وألذها شماً فلا تمر بأحد يشمه إلا افتتن به أو كاد وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أيما امرأة أصابت بخورا ، فلا تشهد معنا العشاء الآخرة)
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 444 خلاصة حكم المحدث: صحيح.
وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم ( أيما امرأة استعطرت ، فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية )
الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: الألباني - المصدر: الإيمان لأبي عبيد - الصفحة أو الرقم: 110 خلاصة حكم المحدث: صحيح.
ومن النساء من تخرج إلى السوق شبه سافرة تغطي وجهها بغطاء رهيف لا يستر وجهها وربما يكسوه جمالا ويستر معايبه أو تغطي وجهها بغطاء صفيق يحجب الوجه لكنها تشده عليه شداً قوياً بحيث يبرز مقاطع وجهها ، ومن النساء من تمشي في السوق تبختراً وتأرجحاً وتمايلا تمازح رفيقتها إن كانت معها وربما تقف على صاحب الدكان لحاجة أو لغير حاجة فتسترسل بالكلام معه وربما تدعو بالشيء أعطني كذا أعطني كذا و هي لا تريده لكن لتزيد في الكلام وتستمر وقد قال الله لنساء النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين وأطهر النساء عرضاً وأبعدهنّ عن مواقع وأبعدهنّ عن مواقع الفتن قال (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ) (الأحزاب: من الآية32).
أيها المسلمون إن الواجب علينا ونحن أمة مسلمة نؤمن بالله واليوم الآخر نؤمن بالقيم والأخلاق نؤمن بالسلوك والمنهج الحسن إن علينا أن نحذر الفتن ونسعى في القضاء عليها وإزالة أسبابها ، على كل منا أن يكون عنده إيمان يمنعه عن انتهاك حرمات الله على كل منا أن يكون له الغيرة يحتمي بها ويحمي أهله عن الفتنة على كل منا أن يقدر مسئوليته الخاصة والعامة ويحاسب نفسه هل قام بهذه المسئولية على وجه يرضي الله وتبرأ به الذمة على كل منا أن يتذكر دائماً قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:6) وعلى كل منا أن يتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كلكم راع فمسؤول عن رعيته ، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده ، وهي مسؤولة عنهم ، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه ، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2554 خلاصة حكم المحدث: [صحيح] .
فاتقوا الله عباد الله اتقوا الله عباد الله وانظروا إلى هذه المشاكل وأسعوا إلى حلها بكل طريق يقطعها على وجه الحكمة وعدم التشويش وعدم الفوضى فإنكم مسئولون عن ذلك سواء كنتم رعاة أو مرعيين وأعدوا لهذه المسئولية جواباً يكون جواباً تنجون به إذا وقفتم بين يدي الله عز وجل .
الخطبة الثانية:
أيها المسلمون اتقوا الله تعالى واتقوا عذابه يوم القيامة وما دمنا نتكلم عن مشكلة النساء وعما يكون من الخطر والفساد والفتنة فإننا نحذر بعض الناس الذين لا يهمهم نساؤهم ولا تهمهم أمانتهم ولا يهمهم أمر الله ورسوله نحذر أولئك الذين يرسلون المرأة الواحدة مع السائق الواحد في السيارة فإن هذا حرام عليهم لا يجوز لهم أن يرسلوا المرأة وحدها مع السواق وحده ولو كان ذلك داخل البلد لأن ذلك من الخلوة التي حرمها النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر أنه ما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان.
إن الخلوة بالسيارة خلوة محققة مع احتمال أن يسوّل لهما الشيطان جميعاً فيخرجا خارج البلد ويقضي وطره من المرأة على أنه ربما قضى وطره من المرأة في نفس السوق إذا كانت السيارة لا يتضح من وراء الزجاج منها ولقد حدثني بعض الناس أنه في بعض المدن وقفت سيارة فيها عائلة فنزل العائلة إلى السوق يقضون حوائج وبقيت امرأة واحدة من البنات مع السائق فلما خلا ولما خلت السيارة ولم يكن مع السائق احد قام من مرتبته إلى مرتبة المرأة في خلف السيارة فجامعها أي زنى بها في وسط السوق ولو لا العدسات التي تلتقط المخالفين في المرور لفات هذا الأمر ولكن من رحمة الله أنه كان قد ألقي على هذا الشارع عدسات تلتقطالذين يخالفون المرور والنظام فوافق أن وقعت أعينهم على هذا السائق يفجر ببنت سيده يفجر بها في وسط السوق تصوروا إذا كان هذا ممكناً أن يكون في السيارة مع السائق وحده وفي نفس السوق فما ظنكم إذا كان السائق وحده يتجول بالمرأة وربما يخرج بها خارج البلد إنه يستطيع أن يتكلم مع المرأة إذا لم يكن معهما أحد يستطيع أن يتكلم معها بكل كلام يتمتع به معها ويستطيع أن يتكلم بها بكل ميعاد يواعدها فيه ويستطيع أن يمزح إليها وتمزح إليه هذا أمر بلا شك فلا يجوز لأي أحد أن يمكن أحداً من أهله أن يسير وحده مع السائق في البلد أو خارج البلد .
وإن من المؤسف أنني سمعت أن المندوبية هنا منعت المرأة سواء كانت معلمة أم متعلمة منعتها أن تدخل إلى المدرسة إذا كانت قد أتت مع السائق وحده فماذا صنع ولاة الأمور من هؤلاء النساء ولاة الأمور الذين نزعت منهم الغيرة وأقول ضعف فيهم الشرف وضعف فيهم الدين صاروا يرسلون البنت وحدها مع السائق فإذا بقي عليهم من المدرسة نحو خمسمائة ذراع نزلت ثم ذهبت إلى المدرسة فتصورا أيها الاخوة أن المندوبية وهي بعيدة عن النساء وإن كان يجب عليها رعاية النساء تغار على النساء أكثر مما يغار هؤلاء على نسائهم هؤلاء يرسلون البنت مع السائق وحده فإذا اقبلوا على المدرسة نزلت خوفاً من أن تمنع من الدخول وبهذا عرف أن هؤلاء ليسوا عندهم غيرة وأنهم ضعيفو الإيمان والمروءة ، فنسأل الله تعالى أن يهديهم وأن يبصرهم وأن يوفقهم لما فيه صلاحهم وصلاح أهلهم وذويهم، وبالمناسبة فإن الذين ينقلون النساء المدرسات وغير المدرسات إذا لم يكن معهم امرأة منهم من محارمهم فإنه لا يجوز أن ينزل البنات أو النساء حتى لا يبقى معه إلا واحدة أي أنه يجب أن لا يحمل البنت وحدها ثم يطوف على النساء فيأخذهن من بيوتهنّ لأن بعض الناس يتفق مع بعض المدرسات أن ينقلهنّ إلى المدارس ثم يأتي لهنّ واحدة فواحدة ينقلهنّ وهذا لا يجوز لا بد أن يكون معه في السيارة إما أحد من نسائه أو يكون الذي معه في السيارة امرأتين فأكثر ولا يجوز ألا يبقى معه إلا امرأة واحدة لأنه إذا لم يبق معه إلا سوى امرأة واحدة كان ذلك خلوة وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم الخلوة بالنساء .
أيها المسلمون ادرؤوا أسباب الفتن واحذروها فإنها توجب عذاب الله وعقوبته وتوجب أن تنزع الغيرة والإيمان من القلوب حتى يصبح الناس كالبهائم لا يخافون رباً ولا يغارون على عرض نسأل الله السلامة من ذلك .
خطبة للعلامة ابن عثيمين رحمه الله عليه.
الراوي: أسامة بن زيد المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5096 خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
إنها فتنة وقع فيها من وقع من اراذل الناس حتى استأثروا لهواهم وعميت بصائرهم فانطمست أبصارهم حتى صاروا يتتبعون النساء في الشوارع وفي الأسواق - تغزل وصفير وهمسات وربما لمسات - يتخبطون خبط عشواء كأنهم لا يرون الناس حولهم أو كأن الناس حولهم بهائم لا من البشر ، إن هؤلاء منغمسون في الشهوة مستهترون بالأخلاق متحدون للمجتمع غير خائفين من الله عز وجل ، وإن الواجب علينا أيها المسلمون ونحن أمة مسلمة أن ننكر هذه الأعمال والأخلاق من أولئك السفهاء ، إن علينا أن ننكرها لأنها تنافي صفات المؤمنين بالله واليوم الآخر ،إن علينا أن ننكرها لأنها وسيلة إلى الزنا الذي قال الله فيه ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الاسراء:32) ،إن علينا أن ننكر هذه الأخلاق وهذه الأعمال لأنها إخلال بالأمن ونشر للخوف والذعر والفوضى لا تستطيع المرأة أن تخرج من بيتها إلى أقاربها وهي آمنة من شر هؤلاء ، إننا ننكرها لأنها سبب للعقوبة العاجلة والإثم في الدار الآخرة قال الله تعالى (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً ) "الاسراء:16"وقال تعالى حينما ذكر ما يتجنبه عباد الله ومنه الزنى قال ( ومن يفعل ذلك يلق آثاما *يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً ) "الفرقان:68-69".
أيها المسلمون إن هذه الأخلاق السافلة والأعمال السيئة التي انحط إليها بعض الناس لم توجد في مجتمعنا إلا حين ضعف الدين وضعفت الغيرة وانتشرت اسباب الفتنة أما ضعف الدين فإنه لو كان عند هؤلاء المتتبعين للنساء المفتونين بهن لو كان عندهم قوة في الدين ما تجرأوا على فعلهم وما وقعوا في معصية ربهم وما اشغلوا قلوبهم بذكر المخلوق عن ذكر الخالق قال الله تعالى ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (النور:30) وأما ضعف الغيرة فإنه لو كان عند هؤلاء المتتبعين للنساء المفتونين بهنّ لو كان عندهم قوة في غيرتهم ما تجرأوا على فعل هذا وفتنوا نساء اخوانهم ومواطنيهم ،إن مقتضى الاخوة أن يغار هؤلاء على نساء إخوانهم ومواطنيهم كما يغارون على نسائهم أنفسهم ،وإني لسائل هؤلاء إني لسائل هؤلاء ايرضى أحد منهم أن تتبع امرأته أو ابنته أو اخته أو أحد من نسائه هل يرضى احد منهم أن تغازل ابنته أو امرأته أو اخته أو أحد من نسائه هل أحد يرضى أن تزاحم امرأته أو ابنته أو اخته أو احد من نسائه تزاحم حتى يلتصق بها التيس كما يلتصق التيس بالمعزة ،فإذا كان لا يرضى ذلك في أهله فكيف تسوق له نفسه أن يفعله في أهل غيره؟!! إنني أحذر هؤلاء المفتونين أحذرهم أن يسلط على أهليهم من يفعل بهم مثل ما فعل هؤلاء بنساء الناس واحذرهم أن يبتلى احد من ذريتهم بهذا الداء العضال.
و أما أسباب هذه الفتنة أيها الاخوة فكثيرة منها:
* وسائل الأعلام المسموعة والمنظورة والمقروءة يقع بين أيدي الشباب من ذكور وإناث يقع بين أيديهم صحف ومجلات فيها الصورة والكلام تثير الشهوة وتعصف بالعاطفة وتلهب نار العشق.
* وأما من أسباب هذه الفتنة ما أنعم الله به على هذه البلاد بعد الفقر وبعد المرض وبعد الخوف أنعم الله على هذه البلاد من الصحة والفراغ لكثرة المال وحسن الغذاء واستتباب الأمن والرخاء فأصبحت قلوب الناس فارغة والأبدان عاطلة ولهذا لا تكاد تجد مفتوناً بهذه الفتنة إلا أحد شخصين إما شخصاًَ فاشلا ليس له عمل يشتغل به فيلهيه ويلحقه بركب الرجال الشرفاء فهو جاهل لا يعلم ولا يتعلم كسول لا يعمل عملاً خاصاًَ ولا بوظيفة لدى الحكومة أو غيرها فاشل من جميع النواحي استولى عليه الهوى فهوى به واستعذب الملح فباء بعذابه ، وإما شخص ذو عمل لكنه مضيع لعلمه غير مبال بما يترتب على إضاعته من نتائج وخيمة وعواقب سيئة.
أما الرجل المؤمن الشريف الحازم فلن ينزل بنفسه إلى سفاهة الأمور وأراذلها.
*ومن أسباب هذه الفتنة ما يقوم به بعض النساء من سلوك شاذ في الملبس والمظهر سلوك يحط بهنّ إلى الفتنة وينأ بهنّ عن نهج السلف الصالح ، تجد بعض النساء تخرج إلى السوق متبرجة بأجمل ما عندها من لباس ثم تستره بعباءة رهيفة أو قصيرة أو مرفوعة ليبرز ما تحتها من الثياب الجميلة فتكون كاسية عارية لباسها لباس أهل النار قال النبي صلى الله عليه وسلم ( صنفان من أهل النار لم أرهما . قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس . ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات . رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة . لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها . وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا )
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2128 خلاصة حكم المحدث: صحيح.
ومن النساء من تخرج إلى السوق متحلية بالذهب والساعات الجميلة وتمشي في السوق كاشفة يديها لتفتن من يراها وقد قال الله تعالى ( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ)(النور: من الآية31) ومن النساء من تخرج إلى السوق متطيبة وربما تختار أقوى الأطياب رائحة وألذها شماً فلا تمر بأحد يشمه إلا افتتن به أو كاد وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أيما امرأة أصابت بخورا ، فلا تشهد معنا العشاء الآخرة)
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 444 خلاصة حكم المحدث: صحيح.
وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم ( أيما امرأة استعطرت ، فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية )
الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: الألباني - المصدر: الإيمان لأبي عبيد - الصفحة أو الرقم: 110 خلاصة حكم المحدث: صحيح.
ومن النساء من تخرج إلى السوق شبه سافرة تغطي وجهها بغطاء رهيف لا يستر وجهها وربما يكسوه جمالا ويستر معايبه أو تغطي وجهها بغطاء صفيق يحجب الوجه لكنها تشده عليه شداً قوياً بحيث يبرز مقاطع وجهها ، ومن النساء من تمشي في السوق تبختراً وتأرجحاً وتمايلا تمازح رفيقتها إن كانت معها وربما تقف على صاحب الدكان لحاجة أو لغير حاجة فتسترسل بالكلام معه وربما تدعو بالشيء أعطني كذا أعطني كذا و هي لا تريده لكن لتزيد في الكلام وتستمر وقد قال الله لنساء النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين وأطهر النساء عرضاً وأبعدهنّ عن مواقع وأبعدهنّ عن مواقع الفتن قال (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ) (الأحزاب: من الآية32).
أيها المسلمون إن الواجب علينا ونحن أمة مسلمة نؤمن بالله واليوم الآخر نؤمن بالقيم والأخلاق نؤمن بالسلوك والمنهج الحسن إن علينا أن نحذر الفتن ونسعى في القضاء عليها وإزالة أسبابها ، على كل منا أن يكون عنده إيمان يمنعه عن انتهاك حرمات الله على كل منا أن يكون له الغيرة يحتمي بها ويحمي أهله عن الفتنة على كل منا أن يقدر مسئوليته الخاصة والعامة ويحاسب نفسه هل قام بهذه المسئولية على وجه يرضي الله وتبرأ به الذمة على كل منا أن يتذكر دائماً قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:6) وعلى كل منا أن يتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كلكم راع فمسؤول عن رعيته ، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده ، وهي مسؤولة عنهم ، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه ، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2554 خلاصة حكم المحدث: [صحيح] .
فاتقوا الله عباد الله اتقوا الله عباد الله وانظروا إلى هذه المشاكل وأسعوا إلى حلها بكل طريق يقطعها على وجه الحكمة وعدم التشويش وعدم الفوضى فإنكم مسئولون عن ذلك سواء كنتم رعاة أو مرعيين وأعدوا لهذه المسئولية جواباً يكون جواباً تنجون به إذا وقفتم بين يدي الله عز وجل .
الخطبة الثانية:
أيها المسلمون اتقوا الله تعالى واتقوا عذابه يوم القيامة وما دمنا نتكلم عن مشكلة النساء وعما يكون من الخطر والفساد والفتنة فإننا نحذر بعض الناس الذين لا يهمهم نساؤهم ولا تهمهم أمانتهم ولا يهمهم أمر الله ورسوله نحذر أولئك الذين يرسلون المرأة الواحدة مع السائق الواحد في السيارة فإن هذا حرام عليهم لا يجوز لهم أن يرسلوا المرأة وحدها مع السواق وحده ولو كان ذلك داخل البلد لأن ذلك من الخلوة التي حرمها النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر أنه ما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان.
إن الخلوة بالسيارة خلوة محققة مع احتمال أن يسوّل لهما الشيطان جميعاً فيخرجا خارج البلد ويقضي وطره من المرأة على أنه ربما قضى وطره من المرأة في نفس السوق إذا كانت السيارة لا يتضح من وراء الزجاج منها ولقد حدثني بعض الناس أنه في بعض المدن وقفت سيارة فيها عائلة فنزل العائلة إلى السوق يقضون حوائج وبقيت امرأة واحدة من البنات مع السائق فلما خلا ولما خلت السيارة ولم يكن مع السائق احد قام من مرتبته إلى مرتبة المرأة في خلف السيارة فجامعها أي زنى بها في وسط السوق ولو لا العدسات التي تلتقط المخالفين في المرور لفات هذا الأمر ولكن من رحمة الله أنه كان قد ألقي على هذا الشارع عدسات تلتقطالذين يخالفون المرور والنظام فوافق أن وقعت أعينهم على هذا السائق يفجر ببنت سيده يفجر بها في وسط السوق تصوروا إذا كان هذا ممكناً أن يكون في السيارة مع السائق وحده وفي نفس السوق فما ظنكم إذا كان السائق وحده يتجول بالمرأة وربما يخرج بها خارج البلد إنه يستطيع أن يتكلم مع المرأة إذا لم يكن معهما أحد يستطيع أن يتكلم معها بكل كلام يتمتع به معها ويستطيع أن يتكلم بها بكل ميعاد يواعدها فيه ويستطيع أن يمزح إليها وتمزح إليه هذا أمر بلا شك فلا يجوز لأي أحد أن يمكن أحداً من أهله أن يسير وحده مع السائق في البلد أو خارج البلد .
وإن من المؤسف أنني سمعت أن المندوبية هنا منعت المرأة سواء كانت معلمة أم متعلمة منعتها أن تدخل إلى المدرسة إذا كانت قد أتت مع السائق وحده فماذا صنع ولاة الأمور من هؤلاء النساء ولاة الأمور الذين نزعت منهم الغيرة وأقول ضعف فيهم الشرف وضعف فيهم الدين صاروا يرسلون البنت وحدها مع السائق فإذا بقي عليهم من المدرسة نحو خمسمائة ذراع نزلت ثم ذهبت إلى المدرسة فتصورا أيها الاخوة أن المندوبية وهي بعيدة عن النساء وإن كان يجب عليها رعاية النساء تغار على النساء أكثر مما يغار هؤلاء على نسائهم هؤلاء يرسلون البنت مع السائق وحده فإذا اقبلوا على المدرسة نزلت خوفاً من أن تمنع من الدخول وبهذا عرف أن هؤلاء ليسوا عندهم غيرة وأنهم ضعيفو الإيمان والمروءة ، فنسأل الله تعالى أن يهديهم وأن يبصرهم وأن يوفقهم لما فيه صلاحهم وصلاح أهلهم وذويهم، وبالمناسبة فإن الذين ينقلون النساء المدرسات وغير المدرسات إذا لم يكن معهم امرأة منهم من محارمهم فإنه لا يجوز أن ينزل البنات أو النساء حتى لا يبقى معه إلا واحدة أي أنه يجب أن لا يحمل البنت وحدها ثم يطوف على النساء فيأخذهن من بيوتهنّ لأن بعض الناس يتفق مع بعض المدرسات أن ينقلهنّ إلى المدارس ثم يأتي لهنّ واحدة فواحدة ينقلهنّ وهذا لا يجوز لا بد أن يكون معه في السيارة إما أحد من نسائه أو يكون الذي معه في السيارة امرأتين فأكثر ولا يجوز ألا يبقى معه إلا امرأة واحدة لأنه إذا لم يبق معه إلا سوى امرأة واحدة كان ذلك خلوة وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم الخلوة بالنساء .
أيها المسلمون ادرؤوا أسباب الفتن واحذروها فإنها توجب عذاب الله وعقوبته وتوجب أن تنزع الغيرة والإيمان من القلوب حتى يصبح الناس كالبهائم لا يخافون رباً ولا يغارون على عرض نسأل الله السلامة من ذلك .
خطبة للعلامة ابن عثيمين رحمه الله عليه.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى