غلب قصي بن كلاب على أمر مكة
الجمعة يناير 23, 2009 1:17 pm
غلب قصي بن كلاب على أمر مكة ،
وجمعه أمر قريش ، ومعونة قضاعة له
هزيمة صوفة
قال ابن إسحاق : فلما كان ذلك العام ، فعلت صوفة كما كانت تفعل ، وقد عرفت ذلك لها العرب وهو دِين في أنفسهم ،في عهد جرهم وخزاعة وولايتهم . فأتاهم قصي بن كلاب بمن معه من قومه من قريش وكنانة وقضاعة عند العقبة، فقال : لنحن أولى بهذا منكم ، فقاتلوه ، فاقتتل الناس قتالا شديداً، ثم انهزمت صوفة، وغلبهم قُصي على ما كان بأيديهم من ذلك .
ومحاربة قصي لخزاعة وبني بكر وتحكيم يعمر بن عوف
وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصي، وعرفوا أنه سيمنعهم كما منع صوفة، وأنه سيحول بينهم وبين الكعبة وأمر مكة. فلما انحازوا عنه باداهم ، وأجمع لحربهم ،(وثبت معه أخوه رزاح بن ربيعة بمن معه قومه من قضاعة) . وخرجت له خُزاعة وبنو بكر فالتَقَوْا، فاقتتلوا قتالا شديدا (بالأبطح) ً، حتى كثرت القتلى في الفريقين جميعاً، ثم إنهم تداعَوْا إلى الصلح ، وإلى أن يحكِّموا بينهم رجلا من العرب؛ فحكَّموا يَعْمر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، فقضى بينهم بأن قُصيا أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة، وأن كل دم أصابه قصي من خزاعة وبني بكر موضوع يَشْدخه تحت قدميه ، وأن ما أصابت خزاعة وبنو بكر من قريش وكنانة وقضاعة، ففيه الدية مؤدَّاة،وأن يُخلَّى بين قصي وبين الكعبة ومكة.
سبب تسمية يعمر بالشداخ
فسُمى يعمر بن عوف يومئذ : الشدَّاخ لِمَا شَدَخ من الدماء ووضع منها.
قصي أميراً على مكة وسبب تسمية مجمعاً
قال ابن إسحاق : فولى قصي البيت وأمر مكة وجمع قومه في منازلهم إلى مكة وتملك على قومه وأهل مكة فملَّكوه ، إلا أنه قد أقر للعرب ما كانوا عليه وذلك أنه كان يراه دِيناً في نفسه لا ينبغي تغييره ، فاقر آل صفوان وعدوان والنسأة ومُرة بن عوف على ما كانوا عليه ، حتى جاء الإسلام؛ فهدم الله به ذلك كله . فكان قُصي أول بني كعب بن لؤي أصاب مُلكاً أطاع له به قومه ، فكانت إليه الحجابة، والسقاية، والرِّفادة، والندْوَة ، واللواء، فحاز شرف مكة كلَّه ، وقطع مكة رباعاً بين قومه ، فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة التي أصبحوا عليها ويزعم الناس أن قريشا هابوا قطع شجر الحرم في منازلهم ، فقطعها قصى بيده وأعوانه فسمته قريش : مُجَمِّعاً لما جمع من أمرها، وتيمنت بأمره ، فما تُنكح امرأة، ولا يتزوج رجل من قريش ، وما يتشاورون في أمر نزل بهم ، ولا يعقدون لواءً لحرب قوم من غيرهم إلا في داره ، يعقده لهم بعض ولده ، وما تدَّرِع جارية إذا بلغت أن تَدَّرِع من قريش إلا في داره ، يشق عليها فيها درعها ثم تَدَّرِعُه ، ثم يُنطَلق بها إلى أهلها. فكان أمره في قومه من قريش في حياته ، ومن بعد موته ، كالدِّين المتبع لا يُعمل بغيره . واتخذ لنفسه دار الندوة، وجعل بابها إلى مسجد الكعبة، ففيها كانت قريش تقضى أمورَها .
قال ابن هشام : وقال الشاعر :
قُصَي لعمري كان يُدعَى مُجمعاً به جمع الله القبائلَ من فِهْر
قال ابن إسحاق : حدثني عبد الملك بن راشد عن أبيه ، قال : سمعت السائب بن خبَّاب صاحب المقصورة يُحدِّث ، أنه سمع رجلاً يُحدِّث عمرَ بن الخطاب - وهو خليفة - حديث قصي بن كلاب ، وما جَمَع من أمر قومه وإخراجه خزاعة وبنى بكر من مكة، وولايته البيت وأمر مكة، فلم يرد ذلك عليه ولم يُنكره .
شعر رزاح في نصرته قصياً ورد قصي عليه
قال ابن إسحاق : فلما فرغ قُصيّ من حربه ، انصرف أخوه رِزَاح بن ربيعة إلى بلاده بمن معه من قومه ، وقال رِزاح في إجابته قُصيا :
لمَّا أتى من قصي رســــــول فقال الرسولُ : أجيبوا الخليلَا
نهضنا إليــه نــقـــودُ الجيــادَ ونطــرح عنــَّا المَلولَ الثقيلاَ
نسير بها الليلَ حتى الصباح ونـكمـي النـهارَ؛ لئـلا تزولا
فــهــن سـراعٌ كَورْد القَطـا يُـجِبـْن بـنا من قُصّي رسولَا
جمعنا من السرِّ من أشمذَيْن ومـن كلِّ حـي جمـعنا قـبيلَا
فيـا لــكِ حــُلـْبــة مـا ليلــــة تزيد على الألف سَيْباً رَسيلَا
فلما مــررنَ علــى عَسْجَــد وأسْهــلن مــن مُستناخ سبيلَا
وجاوزْنَ بالركن من وَرِقان وجـاوزن بالعَرْج حَيّاً حُلولَا
مــررْن علـى الحَيْل ما ذقنه وعـالجنَ مـن مَرِّ ليلاً طويلَا
نــدنـي مـن العـُوذ أفـلاءَهـا إرادةَ أن يـستـرقــْن الصهيلَا
فـلمـا انـتــهـيـنا إلى مكــــةَ أبــحنــا الـرجـــالَ قبيلًا قبيلَا
نعاورُهم ثَمَّ حدِّ السيـــوفِ وفي كلِّ اًوْبٍ خَلسْنا العقولَا
نُخَبّــِزهم بـصلابِ النســـو رِ خَبْـزَالقـويِّ العزيزِ الذليلا
قتـلـنـا خـزاعةَ في دارِهـــا وبـكـراً قـتـلنــا وجيـلاً فجيلَا
نفيناهمُ من بلادِ المليــــــك كما لا يَحِلُّون أرضـاً سُهولا
فأصبح سبيُهم في الحديـــدِ ومن كــلِّ حي شَفَيْنا الغليلا
وقال ثعلبة بن عبد الله بن ذُبيان بن الحارث بن سعد بن هُذَيْم القُضاعي في ذلك من أمر قُصي حين دعاهم فأجابوه :
جلبنا الخيلَ مُضْمرةً تَغالـــَى من الأعرافِ أعراف الجِنابِ
إلى غــَوْرَىْ تِهامةَ، فالتقينـــا من الـفـَـيـْفـاءِ فــي قـاعٍ يبابِ
فأما صـوفةُ الخـنثَى، فخَلَّـــوْا مـنـازلـَهـم مـحاذرَة الضِّرابِ
وقــام بـنـو علـي إذ رأونـــــا إلى الأسيـاف كالإبل الطرابِ
وقال قصي بن كلاب:
أنا ابن العاصمين بني لؤيّ بمكةَ منــزلي وبــهــا رَبـيـتُ
إلى البَطحاءِ قد علت معــد ومَرْوتُها رضيتُ بها رضيتُ
فلستُ لغالبٍ إن لم تأثَّــــل بــهــا أولادُ قَــيــْذر والــنبيتُ
رِزاحٌ ناصري وبه أسامي فلستُ أخافُ ضيْماً مـا حَييتُ
ما كان بين رزاح وبين نهد وحوتكة وشعر قصي في ذلك
فلما استقر رِزاح بن ربيعة في بلاده ، نشره الله ونشر حُنّاً، فهما قبيلا عُذْرَة اليوم . وقد كان بين رزاح بن ربيعة، حين قدم بلاده ، وبين نَهْد ابن زيد وحَوْتَكة بن أسْلُم ، وهما بطنان من قُضاعة شيء، فأخافهم حتى لحقوا باليمن ، وأجْلَوْا من بلاد قُضاعة، فهم اليوم باليمن ، فقال قُصي بن كلاب ، وكان يحب قُضاعة ونماءها واجتماعها ببلادها، لما بينه وبين رزاح من الرحم ، ولبلائهم عنده إذا أجابوه إذ دعاهم إلى نصرته ، وكره ما صنع بهم رِزاح :
ألا من مُبْلغ عني رِزاحـــاً فإني قد لَحَيـتــك في اثنتين
لحيتُك في بني نَهْد بن زيد كـــما فرقْتَ بينهُـــمُ وبيْني
وحَوْتكة بنُ أسلمَ إن قومــا عَنَوْهم بالمَساءة قد عَنَوْني
قال ابن هشام : وتروى هذه الأبيات لزُهير بن جَناب الكلبي .
ما آثر به قصي عبد الدار
قال ابن إسحاق : فلما كبر قصي ورق عظمه ، وكان عبد الدار بِكْرَه ، وكان عبد مناف قد شَرُف في زمان أبيه ، وذهب كل مذهَب ، وعبد العزى وعبد - قال قصي لعبد الدار: (أما والله يا بُنَي)َ لألحقنَّك بالقوم ، وإن كانوا قد شرفوا عليك ، لا يدخل رجل منهم الكعبة ، حتى تكون أنت تفتحها له ، ولا يُعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت بيدك ، ولا يشرب أحد بمكة إلا من سقايتك ، ولا يأكل أحد من أهل الموسم طعاماً إلا من طعامك ، ولا تقطع قريشٌ أمراً من أمورها إلا في دارك ، فأعطاه دارَه دارَ الندوة ، التي لا تُقضي قريش أمراً من أمورها إلا فيها ، وأعطاه الحجابة واللواء والسقاية والرفادة .
الرِّفادة
وكانت الرِّفادة خَرْجا تخرجه قريش في كل موسم من أموالها إلى قُصي بن كلاب ، فيصنع به طعاما للحاج ، فيأكله من لم يكن له سعةٌ ولا زاد، وذلك أن قُصيا فرضه على قريش، فقال لهم حين أمرهم به : "يا معشر قريش ، إنكم جيرانُ الله ، وأهل بيته ، وأهل الحرم ، وإن الحاج ضَيْفُ الله وزوَّار بيته ، وهم أحق الضيف بالكرامة ، فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج ، حتى يَصْدُروا عنكم ، فكانوا يخرجون لذلك كل عام من أموالهم خَرْجا ً، فيدفعونه إليه ، فيصنعه طعاماً للناس أيام مِنًى، فجرى ذلك من أمره في الجاهلية على قومه حتى قام الإسلام ، ثم جرى في الإسلام إلى يومك هذا، فهو الطعام الذي يصنعه السلطان كل عام بمنى للناس حتى ينقضي الحج"
قال ابن إسحاق : حدثني بهذا من أمر قُصَي بن كلاب ، وما قال لعبد الدار فيما دفع إليه مما كان بيده : أبي إسحاق بن يسار، عن الحسن بن محمد بن علي بن أبى طالب رضى الله عنهم م قال : سمعته يقول ذلك لرجل من بني عبد الدار يقال له : نُبَيْه بن وهب بن عامر بن عِكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي .
قال الحسن : فجعل إليه قُصي كل ما كان بيده من أمر قومه ، وكان قُصي لا يُخَالفَ ، ولا يُردّ عليه شيء صنعه .
وجمعه أمر قريش ، ومعونة قضاعة له
هزيمة صوفة
قال ابن إسحاق : فلما كان ذلك العام ، فعلت صوفة كما كانت تفعل ، وقد عرفت ذلك لها العرب وهو دِين في أنفسهم ،في عهد جرهم وخزاعة وولايتهم . فأتاهم قصي بن كلاب بمن معه من قومه من قريش وكنانة وقضاعة عند العقبة، فقال : لنحن أولى بهذا منكم ، فقاتلوه ، فاقتتل الناس قتالا شديداً، ثم انهزمت صوفة، وغلبهم قُصي على ما كان بأيديهم من ذلك .
ومحاربة قصي لخزاعة وبني بكر وتحكيم يعمر بن عوف
وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصي، وعرفوا أنه سيمنعهم كما منع صوفة، وأنه سيحول بينهم وبين الكعبة وأمر مكة. فلما انحازوا عنه باداهم ، وأجمع لحربهم ،(وثبت معه أخوه رزاح بن ربيعة بمن معه قومه من قضاعة) . وخرجت له خُزاعة وبنو بكر فالتَقَوْا، فاقتتلوا قتالا شديدا (بالأبطح) ً، حتى كثرت القتلى في الفريقين جميعاً، ثم إنهم تداعَوْا إلى الصلح ، وإلى أن يحكِّموا بينهم رجلا من العرب؛ فحكَّموا يَعْمر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، فقضى بينهم بأن قُصيا أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة، وأن كل دم أصابه قصي من خزاعة وبني بكر موضوع يَشْدخه تحت قدميه ، وأن ما أصابت خزاعة وبنو بكر من قريش وكنانة وقضاعة، ففيه الدية مؤدَّاة،وأن يُخلَّى بين قصي وبين الكعبة ومكة.
سبب تسمية يعمر بالشداخ
فسُمى يعمر بن عوف يومئذ : الشدَّاخ لِمَا شَدَخ من الدماء ووضع منها.
قصي أميراً على مكة وسبب تسمية مجمعاً
قال ابن إسحاق : فولى قصي البيت وأمر مكة وجمع قومه في منازلهم إلى مكة وتملك على قومه وأهل مكة فملَّكوه ، إلا أنه قد أقر للعرب ما كانوا عليه وذلك أنه كان يراه دِيناً في نفسه لا ينبغي تغييره ، فاقر آل صفوان وعدوان والنسأة ومُرة بن عوف على ما كانوا عليه ، حتى جاء الإسلام؛ فهدم الله به ذلك كله . فكان قُصي أول بني كعب بن لؤي أصاب مُلكاً أطاع له به قومه ، فكانت إليه الحجابة، والسقاية، والرِّفادة، والندْوَة ، واللواء، فحاز شرف مكة كلَّه ، وقطع مكة رباعاً بين قومه ، فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة التي أصبحوا عليها ويزعم الناس أن قريشا هابوا قطع شجر الحرم في منازلهم ، فقطعها قصى بيده وأعوانه فسمته قريش : مُجَمِّعاً لما جمع من أمرها، وتيمنت بأمره ، فما تُنكح امرأة، ولا يتزوج رجل من قريش ، وما يتشاورون في أمر نزل بهم ، ولا يعقدون لواءً لحرب قوم من غيرهم إلا في داره ، يعقده لهم بعض ولده ، وما تدَّرِع جارية إذا بلغت أن تَدَّرِع من قريش إلا في داره ، يشق عليها فيها درعها ثم تَدَّرِعُه ، ثم يُنطَلق بها إلى أهلها. فكان أمره في قومه من قريش في حياته ، ومن بعد موته ، كالدِّين المتبع لا يُعمل بغيره . واتخذ لنفسه دار الندوة، وجعل بابها إلى مسجد الكعبة، ففيها كانت قريش تقضى أمورَها .
قال ابن هشام : وقال الشاعر :
قُصَي لعمري كان يُدعَى مُجمعاً به جمع الله القبائلَ من فِهْر
قال ابن إسحاق : حدثني عبد الملك بن راشد عن أبيه ، قال : سمعت السائب بن خبَّاب صاحب المقصورة يُحدِّث ، أنه سمع رجلاً يُحدِّث عمرَ بن الخطاب - وهو خليفة - حديث قصي بن كلاب ، وما جَمَع من أمر قومه وإخراجه خزاعة وبنى بكر من مكة، وولايته البيت وأمر مكة، فلم يرد ذلك عليه ولم يُنكره .
شعر رزاح في نصرته قصياً ورد قصي عليه
قال ابن إسحاق : فلما فرغ قُصيّ من حربه ، انصرف أخوه رِزَاح بن ربيعة إلى بلاده بمن معه من قومه ، وقال رِزاح في إجابته قُصيا :
لمَّا أتى من قصي رســــــول فقال الرسولُ : أجيبوا الخليلَا
نهضنا إليــه نــقـــودُ الجيــادَ ونطــرح عنــَّا المَلولَ الثقيلاَ
نسير بها الليلَ حتى الصباح ونـكمـي النـهارَ؛ لئـلا تزولا
فــهــن سـراعٌ كَورْد القَطـا يُـجِبـْن بـنا من قُصّي رسولَا
جمعنا من السرِّ من أشمذَيْن ومـن كلِّ حـي جمـعنا قـبيلَا
فيـا لــكِ حــُلـْبــة مـا ليلــــة تزيد على الألف سَيْباً رَسيلَا
فلما مــررنَ علــى عَسْجَــد وأسْهــلن مــن مُستناخ سبيلَا
وجاوزْنَ بالركن من وَرِقان وجـاوزن بالعَرْج حَيّاً حُلولَا
مــررْن علـى الحَيْل ما ذقنه وعـالجنَ مـن مَرِّ ليلاً طويلَا
نــدنـي مـن العـُوذ أفـلاءَهـا إرادةَ أن يـستـرقــْن الصهيلَا
فـلمـا انـتــهـيـنا إلى مكــــةَ أبــحنــا الـرجـــالَ قبيلًا قبيلَا
نعاورُهم ثَمَّ حدِّ السيـــوفِ وفي كلِّ اًوْبٍ خَلسْنا العقولَا
نُخَبّــِزهم بـصلابِ النســـو رِ خَبْـزَالقـويِّ العزيزِ الذليلا
قتـلـنـا خـزاعةَ في دارِهـــا وبـكـراً قـتـلنــا وجيـلاً فجيلَا
نفيناهمُ من بلادِ المليــــــك كما لا يَحِلُّون أرضـاً سُهولا
فأصبح سبيُهم في الحديـــدِ ومن كــلِّ حي شَفَيْنا الغليلا
وقال ثعلبة بن عبد الله بن ذُبيان بن الحارث بن سعد بن هُذَيْم القُضاعي في ذلك من أمر قُصي حين دعاهم فأجابوه :
جلبنا الخيلَ مُضْمرةً تَغالـــَى من الأعرافِ أعراف الجِنابِ
إلى غــَوْرَىْ تِهامةَ، فالتقينـــا من الـفـَـيـْفـاءِ فــي قـاعٍ يبابِ
فأما صـوفةُ الخـنثَى، فخَلَّـــوْا مـنـازلـَهـم مـحاذرَة الضِّرابِ
وقــام بـنـو علـي إذ رأونـــــا إلى الأسيـاف كالإبل الطرابِ
وقال قصي بن كلاب:
أنا ابن العاصمين بني لؤيّ بمكةَ منــزلي وبــهــا رَبـيـتُ
إلى البَطحاءِ قد علت معــد ومَرْوتُها رضيتُ بها رضيتُ
فلستُ لغالبٍ إن لم تأثَّــــل بــهــا أولادُ قَــيــْذر والــنبيتُ
رِزاحٌ ناصري وبه أسامي فلستُ أخافُ ضيْماً مـا حَييتُ
ما كان بين رزاح وبين نهد وحوتكة وشعر قصي في ذلك
فلما استقر رِزاح بن ربيعة في بلاده ، نشره الله ونشر حُنّاً، فهما قبيلا عُذْرَة اليوم . وقد كان بين رزاح بن ربيعة، حين قدم بلاده ، وبين نَهْد ابن زيد وحَوْتَكة بن أسْلُم ، وهما بطنان من قُضاعة شيء، فأخافهم حتى لحقوا باليمن ، وأجْلَوْا من بلاد قُضاعة، فهم اليوم باليمن ، فقال قُصي بن كلاب ، وكان يحب قُضاعة ونماءها واجتماعها ببلادها، لما بينه وبين رزاح من الرحم ، ولبلائهم عنده إذا أجابوه إذ دعاهم إلى نصرته ، وكره ما صنع بهم رِزاح :
ألا من مُبْلغ عني رِزاحـــاً فإني قد لَحَيـتــك في اثنتين
لحيتُك في بني نَهْد بن زيد كـــما فرقْتَ بينهُـــمُ وبيْني
وحَوْتكة بنُ أسلمَ إن قومــا عَنَوْهم بالمَساءة قد عَنَوْني
قال ابن هشام : وتروى هذه الأبيات لزُهير بن جَناب الكلبي .
ما آثر به قصي عبد الدار
قال ابن إسحاق : فلما كبر قصي ورق عظمه ، وكان عبد الدار بِكْرَه ، وكان عبد مناف قد شَرُف في زمان أبيه ، وذهب كل مذهَب ، وعبد العزى وعبد - قال قصي لعبد الدار: (أما والله يا بُنَي)َ لألحقنَّك بالقوم ، وإن كانوا قد شرفوا عليك ، لا يدخل رجل منهم الكعبة ، حتى تكون أنت تفتحها له ، ولا يُعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت بيدك ، ولا يشرب أحد بمكة إلا من سقايتك ، ولا يأكل أحد من أهل الموسم طعاماً إلا من طعامك ، ولا تقطع قريشٌ أمراً من أمورها إلا في دارك ، فأعطاه دارَه دارَ الندوة ، التي لا تُقضي قريش أمراً من أمورها إلا فيها ، وأعطاه الحجابة واللواء والسقاية والرفادة .
الرِّفادة
وكانت الرِّفادة خَرْجا تخرجه قريش في كل موسم من أموالها إلى قُصي بن كلاب ، فيصنع به طعاما للحاج ، فيأكله من لم يكن له سعةٌ ولا زاد، وذلك أن قُصيا فرضه على قريش، فقال لهم حين أمرهم به : "يا معشر قريش ، إنكم جيرانُ الله ، وأهل بيته ، وأهل الحرم ، وإن الحاج ضَيْفُ الله وزوَّار بيته ، وهم أحق الضيف بالكرامة ، فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج ، حتى يَصْدُروا عنكم ، فكانوا يخرجون لذلك كل عام من أموالهم خَرْجا ً، فيدفعونه إليه ، فيصنعه طعاماً للناس أيام مِنًى، فجرى ذلك من أمره في الجاهلية على قومه حتى قام الإسلام ، ثم جرى في الإسلام إلى يومك هذا، فهو الطعام الذي يصنعه السلطان كل عام بمنى للناس حتى ينقضي الحج"
قال ابن إسحاق : حدثني بهذا من أمر قُصَي بن كلاب ، وما قال لعبد الدار فيما دفع إليه مما كان بيده : أبي إسحاق بن يسار، عن الحسن بن محمد بن علي بن أبى طالب رضى الله عنهم م قال : سمعته يقول ذلك لرجل من بني عبد الدار يقال له : نُبَيْه بن وهب بن عامر بن عِكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي .
قال الحسن : فجعل إليه قُصي كل ما كان بيده من أمر قومه ، وكان قُصي لا يُخَالفَ ، ولا يُردّ عليه شيء صنعه .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى