أمر الفيل ، وقصة النسأة
الجمعة يناير 23, 2009 12:38 pm
أمر الفيل ، وقصة النسأة
بناء القليس
ثم إن أبرهة بنى القلَيس بصنعاء، فبنى كنيسة لم يُر مثلُها في زمانها بشيء من الأرض، ثم كتب إلى النجاشي: أني قد بنيت لك أيها الملك كنيسةً لم يُبْنَ مثلُها لملك كان قبلك، ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب.
فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة ذلك إلى النجاشي غضب رجلً من النَّسأة، أحد بني فُقَيْم بن عديّ بن عامر بن ثعلبة بن الحرث بن مالك بن كنانة بن خُزَيمة بن مُدْرِكة بن إلياس ابن مضر.
معنى النسأة
والنسأة:الذين كانوا ينسئون الشهور على العرب في الجاهلية، فيحلُّون الشهر من الأشهر الحُرُم، ويحرمون مكانه الشهر من أشهر الحل، ويؤخرون ذلك الشهر، ففيه أنزل الله تبارك وتعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ الله} [التوبة:37]
المواطأة لغة
قال ابن هشام: ليواطئوا : ليوافقوا، والمواطأة: الموافقة، تقول العرب: واطأتُك على هذا الأمر، أي: وافقتك عليه، والإيطاء في الشعر: الموافقة، وهو اتفاق القافيتين من لفظ واحد وجنس واحد، نحو قول العَجّاج واسم العجاج : عبد الله بن رُؤبة أحد بني سعد بن زيد بن مَناة بن تميم بن مُر بن أدّ بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار:
في أثْعبان المَنْجَنون المُرسَل
ثم قال:
مدّ الخليجِ في الخليجِ المُرْسَل
وهذان البيتان في أرجوزة له.
تاريخ النسء عند العرب
قال ابن إسحاق: وكان أول من نسأ الشهور على العرب: فأحلت منها ما أحلّ، وحرمت منها ما حرم القَلمس وهو حُذيفة بن عبد بن فُقَيْم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحرث ابن مالك بن كنانة بن خُزَيمة. ثم قام بعده على ذلك ابنه (عباد) بن حذيفة، ثم قام بعد عباد قَلَع بن عبَّاد، ثم قام بعد قَلَع أمية بن قلع، ثم قام بعد أمية عوف بن أمية، ثم قام بعد عوف أبو ثُمامة جُنَادة بن عَوْف، وكان آخرهم، وعليه قام الإسلام ، وكانت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه، فحرم الأشهر الحرم الأربعة: رجباً، وذا القعدة، وذا الحجة، والمحرم، فإذا أراد أن يحل شيئاً أحل المحرم فأحلوه وحرم مكانه صفر فحرموه ؛ ليواطئوا عدة الأربعة الأشهر الحُرُم، فإذا أرادوا الصدر قام فيهم، فقال: " اللهم إني قد أجللت لك أحد الصَّفرَيْن، الصفر الأول، ونسأت الآخر للعام المقبل " فقال في ذلك عُمَيْر بن قَيْس(( جذْل الطَّعان )) أحدُ بنى فراس بن عنْم (بن ثعلبة) بن مالك بن كنانة، يفخر بالنَّسأة على العرب:
لقد علمتْ مَعَد أن قومـــي كرامُ الناسِ أنّ لــهم كِرَامَا
فأيّ النـاسِ فاتونا بوِتـــْر؟ وأيّ الناسِ لم نُعْلِكْ لــجاما؟
ألسْنا النَّاسئين على مَعـــد شهورَ الحِلِّ نجعلها حَراما؟
قال ابن هشام: أول الأشهر الحرم المحرَّم.
إحداث الكناني في القليس ، وحملة أبرهة على الكعبة
قال ابن إسحاق: فخرج الكنانيُّ حتى أتى القلَّيْس فقعد فيها.قال ابن هشام: يعني: أحدث فيها. قال ابن إسحاق: ثم خرج فلحق بأرضه، فأخبر بذلك أبرهة، فقال: من صنع هذا ؟ فقيل له: صنع هذا رجل من العرب من أهل هذا البيت الذي تحج العربُ إليه بمكة، لما سمع قولك: "أصرف إليها حج العرب " غضب فجاء فقعد فيها، أي: أنها ليست لذلك بأهل. فغضب عند ذلك أبرهة، وحلف: ليسيرنَّ إلى البيت حتى يهدمه، ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهَّزت، ثم سار وخرج معه بالفيل، وسمعت بذلك العرب فأعظموه، وفظِعوا به، ورأوا جهاده حقا عليهم، حين سمعوا بأنه يريد هدم الكعبة، بيت الله الحرام.
هزيمة ذي نفر أمام أبرهة
فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له: ذو نَفْر، فدعا قومه، ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة، وجهاده عن بيت الله الحرام، وما يريد من هدمه وإخرابه ، فأجابه إلى ذلك من أجابه ، ثم عرض له فقاتله ، فهُزم ذو نفر وأصحابه، وأخذ له ذو نفر، فأتى به أسيراً، فلما أراد قتله، قال له ذو نفر: أيها الملك، لا تقتلني، فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيراً لك من قتلى، فتركه من القتل، وحبسه عنده في وثاق، وكان أبرهة رجلا حليماً.
ما وقع بين نفيل وأبرهة
ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك يريد ما خرج له، حتى إذا كان بأرض خَثْعَم عرض له نُفيل بن حبيب الخَثعمي في قَبيلَيْ خَثعَم: شَهْران، وناهس ، ومن تبعه من قبائل العرب فقاتله فهزمه أبرهة، وأخذ له نُفيل أسيراً، فأتى به، فلما همَّ بقتله قال له نُفيل: أيها الملك، لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب، وهاتان يداي لك على قبيلي خثعم: شهران وناهس، بالسمع والطاعة، فخلى سبيلَه.
ابن معتب وأبرهة
وخرج به معه يدله، حتى إذا مرّ بالطائف خرج إليه مسعود بن مُعَتب بن مالك بن كعب ابن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف، في رجال ثقيف.
نسب ثقيف وشعر ابن أبي الصلت في ذلك
واسم ثَقِيف: قَسِيُّ بن النبيت بن منبه بن منصور بن يَقْدُم بن أفصى بن دُعْمي بن إياد (بن نزار) بن معدّ بن عدنان.
قال أمية بن أبي الصلت الثقفي :
قومي إيــاد لو أنهمْ أمَـــم أو لو أقاموا فتُهْزَل النّـَعَمُ
قوم لهم ساحةُ العراقِ إذا ساروا جميعاً والقطّ والقَلم
وقال أمية بن أبي الصلت أيضاً:
فإمَّا تَسْألــي عنـي لُبَيْنَي وعن نسبي أخَبِّرْك اليقينا
فإنا للنَّبيتِ أبي قَســــــِي لمنصورِ بنِ يَقْدُمَ الاقدمينا
قال ابن هشام: ثقيف: قسي بن مُنبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قَيس بن عيلان بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان، والبيتان الأولان والآخران في قصيدتين لأمية.
استسلام أهل الطائف لأبرهة
قال ابن إسحاق، فقالوا له: أيها الملك، إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون، ليس عندنا لك خلاف، وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد - يعنون اللات - إنما تريد البيت الذي بمكة، ونحن نبعث معك من يدلك عليه، فتجاوز عنهم.
اللات
واللات: بيت لهم بالطائف كانوا يعظمونه نحو تعظيم الكعبة. قال ابن هشام: أنشدني أبو عبيدة النحوي لضرار بن الخطاب الفِهْرِي:
وفرت ثقيف إلى لاتــِها بمُنْقَلَب الخائـبِ الخاسِر
وهذا البيت في أبيات له.
معونة أبي وغال لأبرهة وموته وقبره
قال ابن إسحاق: فبعثوا معه أبا رغال يدلُّه على الطريق إلى مكة، فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله المُغَمِّس ، فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك، فرجمت قبره العربُ، فهو القبر الذي يرجم الناس بالمغمِّس.
الأسود واعتداءه على مكة
فلما نزل أبرهة المغَمَّس بعث رجلا من الحبشة يقال له:الأسْوَد بن مقصود على خيل له حتى انتهى إلى مكة، فساق إليه أموال (أهل) تِهامة من قريش وغيرهم، وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها، فهمت قريش وكنانة وهُذيل ومن كان بذلك الحرم (من سائر الناس) بقتاله، ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به، فتركوا ذلك.
حناطة وعبد المطلب
وبعث أبرهة حُناطة الحميري إلى مكة، وقال له: سَلْ عن سيد أهل هذا البلد وشريفها ، ثم قل (له) : إن الملك يقول لك: إني لم آت لحربكم، إنما جئت لهدم هذا البيت، فإن لم تعرضوا دونه بحرب، فلا حاجة لي بدمائكم، فإن هو لم يُرِدْ حربي فأتني به ؛ فلما دخل حُناطة مكة، سأل عن سيد قريش وشريفها، فقيل له: عبد المطلب بن هاشم، (بن عبد مناف ابن قصي) فجاءه، فقال له ما أمره به أبرهة، فقال له عبد المطلب: والله ما نريد حربه، وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام، وبيت خليله إبراهيم – عليه السلام – أو كما قال – فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وإن يخل بينه وبينه، فوالله ما عندنا دَفع عنه، فقال (له) حُناطة: فانطلق معي إليه، فإنه قد أمرني أن آتيه بك.
فانطلق معه عبد المطلب، ومعه بعض بنيه حتى أتى العسكر، فسأل عن ذي نفر، وكان له صديقاً، حتى دخل عليه وهو في محبسه، فقال له: يا ذا نفر: هل عندك من غناء فيما نزل بنا؟ فقال له ذو نفر: وما غناء رجل أسير بيدي ملك ينتظر أن يقتله
غُدواً أو عشياً ؟ ما عندي غناء في شيء مما نزل بك، إلا أن أنيساً سائس الفيل صديق لي ، وسأرسل إليه فأوصيه بك ، وأعظم عليه حقك، وأسأله أن يستأذن لك على الملك، فتكلمه بما بدا لك، ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك، فقال: حسبي، فبعث ذو نفر إلى أنَيْس، فقال له: إن عبد المطلب سيد قريش، وصاحب عِير مكة، يطعم الناس بالسهل، والوحوش في رءوس الجبال، وقد أصاب له الملك مائتي بعير، فاستأذن له عليه، وانفعه عنده بما استطعت ، فقال: أفعل.
فكلّم أنَيْس أبرهةَ، فقال له: أيها الملك، هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك، وهو صاحب عير مكة، وهو يُطعم الناس في السهل، والوحوش في رءوس الجبال، فائذن له عليك فيكلمك في حاجته، (وأحسن إليه) قال: فأذن له أبرهة.
عبد المطلب وحناطة وخويلد بين يدي أبرهة
وكان عبد المطلب أوسم الناس، وأجملهم، وأعظمهم، فلما رآه أبرهة أجلَّه وأعظمه وأكرمه عن أن يجلسه تحته، وكره أن تراه الحبشةُ يجلس معه على سرير ملكه، فنزل أبرهة عن سريره، فجلس على بساطه، وأجلسه معه عليه إلى جنبه، ثم قال لترجمانه: قل له: حاجتك، فقال له ذلك الترجمان، فقال: حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي، فلما قال به ذلك، قال أبرهة لترجمانه: قل له: قد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم زهدتُ فيك حين كلمتني، أتكلمني في مائتي بعير أصبتُها لك وتترك بيتاً هو دينُك ودينُ آبائك قد جئتُ لهدمه لا تكلمني فيه؟ قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربّاً سيمنعه، قال: ما كان ليمتنع مني، قال: أنت وذاك.
وكان فيما يزعم بعض أهل العلم، قد ذهب مع عبد المطلب إلى أبرهة حين بعث إليه حُناطة، يعمر بنُ نُفاثة بن عدي بن الدُّئل بن بكر بن مناة بن كنانة وهو يومئذ سيد بني بكر، وخُوَيلد بن واثلة الهذلي ، وهو يومئذ سيد هذيل فعرضوا على أبرهة ثلث أموالِ تهامة، على أن يرجع عنهم ولا يهدم البيت، فأبى عليهم، والله أعلم أكان ذلك أم لا، فرد أبرهة على عبد المطلب الِإبل التي أصاب له.
بناء القليس
ثم إن أبرهة بنى القلَيس بصنعاء، فبنى كنيسة لم يُر مثلُها في زمانها بشيء من الأرض، ثم كتب إلى النجاشي: أني قد بنيت لك أيها الملك كنيسةً لم يُبْنَ مثلُها لملك كان قبلك، ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب.
فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة ذلك إلى النجاشي غضب رجلً من النَّسأة، أحد بني فُقَيْم بن عديّ بن عامر بن ثعلبة بن الحرث بن مالك بن كنانة بن خُزَيمة بن مُدْرِكة بن إلياس ابن مضر.
معنى النسأة
والنسأة:الذين كانوا ينسئون الشهور على العرب في الجاهلية، فيحلُّون الشهر من الأشهر الحُرُم، ويحرمون مكانه الشهر من أشهر الحل، ويؤخرون ذلك الشهر، ففيه أنزل الله تبارك وتعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ الله} [التوبة:37]
المواطأة لغة
قال ابن هشام: ليواطئوا : ليوافقوا، والمواطأة: الموافقة، تقول العرب: واطأتُك على هذا الأمر، أي: وافقتك عليه، والإيطاء في الشعر: الموافقة، وهو اتفاق القافيتين من لفظ واحد وجنس واحد، نحو قول العَجّاج واسم العجاج : عبد الله بن رُؤبة أحد بني سعد بن زيد بن مَناة بن تميم بن مُر بن أدّ بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار:
في أثْعبان المَنْجَنون المُرسَل
ثم قال:
مدّ الخليجِ في الخليجِ المُرْسَل
وهذان البيتان في أرجوزة له.
تاريخ النسء عند العرب
قال ابن إسحاق: وكان أول من نسأ الشهور على العرب: فأحلت منها ما أحلّ، وحرمت منها ما حرم القَلمس وهو حُذيفة بن عبد بن فُقَيْم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحرث ابن مالك بن كنانة بن خُزَيمة. ثم قام بعده على ذلك ابنه (عباد) بن حذيفة، ثم قام بعد عباد قَلَع بن عبَّاد، ثم قام بعد قَلَع أمية بن قلع، ثم قام بعد أمية عوف بن أمية، ثم قام بعد عوف أبو ثُمامة جُنَادة بن عَوْف، وكان آخرهم، وعليه قام الإسلام ، وكانت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه، فحرم الأشهر الحرم الأربعة: رجباً، وذا القعدة، وذا الحجة، والمحرم، فإذا أراد أن يحل شيئاً أحل المحرم فأحلوه وحرم مكانه صفر فحرموه ؛ ليواطئوا عدة الأربعة الأشهر الحُرُم، فإذا أرادوا الصدر قام فيهم، فقال: " اللهم إني قد أجللت لك أحد الصَّفرَيْن، الصفر الأول، ونسأت الآخر للعام المقبل " فقال في ذلك عُمَيْر بن قَيْس(( جذْل الطَّعان )) أحدُ بنى فراس بن عنْم (بن ثعلبة) بن مالك بن كنانة، يفخر بالنَّسأة على العرب:
لقد علمتْ مَعَد أن قومـــي كرامُ الناسِ أنّ لــهم كِرَامَا
فأيّ النـاسِ فاتونا بوِتـــْر؟ وأيّ الناسِ لم نُعْلِكْ لــجاما؟
ألسْنا النَّاسئين على مَعـــد شهورَ الحِلِّ نجعلها حَراما؟
قال ابن هشام: أول الأشهر الحرم المحرَّم.
إحداث الكناني في القليس ، وحملة أبرهة على الكعبة
قال ابن إسحاق: فخرج الكنانيُّ حتى أتى القلَّيْس فقعد فيها.قال ابن هشام: يعني: أحدث فيها. قال ابن إسحاق: ثم خرج فلحق بأرضه، فأخبر بذلك أبرهة، فقال: من صنع هذا ؟ فقيل له: صنع هذا رجل من العرب من أهل هذا البيت الذي تحج العربُ إليه بمكة، لما سمع قولك: "أصرف إليها حج العرب " غضب فجاء فقعد فيها، أي: أنها ليست لذلك بأهل. فغضب عند ذلك أبرهة، وحلف: ليسيرنَّ إلى البيت حتى يهدمه، ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهَّزت، ثم سار وخرج معه بالفيل، وسمعت بذلك العرب فأعظموه، وفظِعوا به، ورأوا جهاده حقا عليهم، حين سمعوا بأنه يريد هدم الكعبة، بيت الله الحرام.
هزيمة ذي نفر أمام أبرهة
فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له: ذو نَفْر، فدعا قومه، ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة، وجهاده عن بيت الله الحرام، وما يريد من هدمه وإخرابه ، فأجابه إلى ذلك من أجابه ، ثم عرض له فقاتله ، فهُزم ذو نفر وأصحابه، وأخذ له ذو نفر، فأتى به أسيراً، فلما أراد قتله، قال له ذو نفر: أيها الملك، لا تقتلني، فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيراً لك من قتلى، فتركه من القتل، وحبسه عنده في وثاق، وكان أبرهة رجلا حليماً.
ما وقع بين نفيل وأبرهة
ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك يريد ما خرج له، حتى إذا كان بأرض خَثْعَم عرض له نُفيل بن حبيب الخَثعمي في قَبيلَيْ خَثعَم: شَهْران، وناهس ، ومن تبعه من قبائل العرب فقاتله فهزمه أبرهة، وأخذ له نُفيل أسيراً، فأتى به، فلما همَّ بقتله قال له نُفيل: أيها الملك، لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب، وهاتان يداي لك على قبيلي خثعم: شهران وناهس، بالسمع والطاعة، فخلى سبيلَه.
ابن معتب وأبرهة
وخرج به معه يدله، حتى إذا مرّ بالطائف خرج إليه مسعود بن مُعَتب بن مالك بن كعب ابن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف، في رجال ثقيف.
نسب ثقيف وشعر ابن أبي الصلت في ذلك
واسم ثَقِيف: قَسِيُّ بن النبيت بن منبه بن منصور بن يَقْدُم بن أفصى بن دُعْمي بن إياد (بن نزار) بن معدّ بن عدنان.
قال أمية بن أبي الصلت الثقفي :
قومي إيــاد لو أنهمْ أمَـــم أو لو أقاموا فتُهْزَل النّـَعَمُ
قوم لهم ساحةُ العراقِ إذا ساروا جميعاً والقطّ والقَلم
وقال أمية بن أبي الصلت أيضاً:
فإمَّا تَسْألــي عنـي لُبَيْنَي وعن نسبي أخَبِّرْك اليقينا
فإنا للنَّبيتِ أبي قَســــــِي لمنصورِ بنِ يَقْدُمَ الاقدمينا
قال ابن هشام: ثقيف: قسي بن مُنبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قَيس بن عيلان بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان، والبيتان الأولان والآخران في قصيدتين لأمية.
استسلام أهل الطائف لأبرهة
قال ابن إسحاق، فقالوا له: أيها الملك، إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون، ليس عندنا لك خلاف، وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد - يعنون اللات - إنما تريد البيت الذي بمكة، ونحن نبعث معك من يدلك عليه، فتجاوز عنهم.
اللات
واللات: بيت لهم بالطائف كانوا يعظمونه نحو تعظيم الكعبة. قال ابن هشام: أنشدني أبو عبيدة النحوي لضرار بن الخطاب الفِهْرِي:
وفرت ثقيف إلى لاتــِها بمُنْقَلَب الخائـبِ الخاسِر
وهذا البيت في أبيات له.
معونة أبي وغال لأبرهة وموته وقبره
قال ابن إسحاق: فبعثوا معه أبا رغال يدلُّه على الطريق إلى مكة، فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله المُغَمِّس ، فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك، فرجمت قبره العربُ، فهو القبر الذي يرجم الناس بالمغمِّس.
الأسود واعتداءه على مكة
فلما نزل أبرهة المغَمَّس بعث رجلا من الحبشة يقال له:الأسْوَد بن مقصود على خيل له حتى انتهى إلى مكة، فساق إليه أموال (أهل) تِهامة من قريش وغيرهم، وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها، فهمت قريش وكنانة وهُذيل ومن كان بذلك الحرم (من سائر الناس) بقتاله، ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به، فتركوا ذلك.
حناطة وعبد المطلب
وبعث أبرهة حُناطة الحميري إلى مكة، وقال له: سَلْ عن سيد أهل هذا البلد وشريفها ، ثم قل (له) : إن الملك يقول لك: إني لم آت لحربكم، إنما جئت لهدم هذا البيت، فإن لم تعرضوا دونه بحرب، فلا حاجة لي بدمائكم، فإن هو لم يُرِدْ حربي فأتني به ؛ فلما دخل حُناطة مكة، سأل عن سيد قريش وشريفها، فقيل له: عبد المطلب بن هاشم، (بن عبد مناف ابن قصي) فجاءه، فقال له ما أمره به أبرهة، فقال له عبد المطلب: والله ما نريد حربه، وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام، وبيت خليله إبراهيم – عليه السلام – أو كما قال – فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وإن يخل بينه وبينه، فوالله ما عندنا دَفع عنه، فقال (له) حُناطة: فانطلق معي إليه، فإنه قد أمرني أن آتيه بك.
فانطلق معه عبد المطلب، ومعه بعض بنيه حتى أتى العسكر، فسأل عن ذي نفر، وكان له صديقاً، حتى دخل عليه وهو في محبسه، فقال له: يا ذا نفر: هل عندك من غناء فيما نزل بنا؟ فقال له ذو نفر: وما غناء رجل أسير بيدي ملك ينتظر أن يقتله
غُدواً أو عشياً ؟ ما عندي غناء في شيء مما نزل بك، إلا أن أنيساً سائس الفيل صديق لي ، وسأرسل إليه فأوصيه بك ، وأعظم عليه حقك، وأسأله أن يستأذن لك على الملك، فتكلمه بما بدا لك، ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك، فقال: حسبي، فبعث ذو نفر إلى أنَيْس، فقال له: إن عبد المطلب سيد قريش، وصاحب عِير مكة، يطعم الناس بالسهل، والوحوش في رءوس الجبال، وقد أصاب له الملك مائتي بعير، فاستأذن له عليه، وانفعه عنده بما استطعت ، فقال: أفعل.
فكلّم أنَيْس أبرهةَ، فقال له: أيها الملك، هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك، وهو صاحب عير مكة، وهو يُطعم الناس في السهل، والوحوش في رءوس الجبال، فائذن له عليك فيكلمك في حاجته، (وأحسن إليه) قال: فأذن له أبرهة.
عبد المطلب وحناطة وخويلد بين يدي أبرهة
وكان عبد المطلب أوسم الناس، وأجملهم، وأعظمهم، فلما رآه أبرهة أجلَّه وأعظمه وأكرمه عن أن يجلسه تحته، وكره أن تراه الحبشةُ يجلس معه على سرير ملكه، فنزل أبرهة عن سريره، فجلس على بساطه، وأجلسه معه عليه إلى جنبه، ثم قال لترجمانه: قل له: حاجتك، فقال له ذلك الترجمان، فقال: حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي، فلما قال به ذلك، قال أبرهة لترجمانه: قل له: قد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم زهدتُ فيك حين كلمتني، أتكلمني في مائتي بعير أصبتُها لك وتترك بيتاً هو دينُك ودينُ آبائك قد جئتُ لهدمه لا تكلمني فيه؟ قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربّاً سيمنعه، قال: ما كان ليمتنع مني، قال: أنت وذاك.
وكان فيما يزعم بعض أهل العلم، قد ذهب مع عبد المطلب إلى أبرهة حين بعث إليه حُناطة، يعمر بنُ نُفاثة بن عدي بن الدُّئل بن بكر بن مناة بن كنانة وهو يومئذ سيد بني بكر، وخُوَيلد بن واثلة الهذلي ، وهو يومئذ سيد هذيل فعرضوا على أبرهة ثلث أموالِ تهامة، على أن يرجع عنهم ولا يهدم البيت، فأبى عليهم، والله أعلم أكان ذلك أم لا، فرد أبرهة على عبد المطلب الِإبل التي أصاب له.
تابع ..
الجمعة يناير 23, 2009 12:42 pm
عبد المطلب في الكعبة يستنصر بالله على رد أبرهة
فلما انصرفوا عنه، انصرف عبد المطلب إلى قريش، فأخبرهم الخبر، وأمرهم بالخروج من مكة، والتحرُّز في شَعَفِ الجبال والشِّعاب تخوفا عليهم من معرَّة الجيش ، ثم قام عبد المطلب، فأخذ بحلقة باب الكعبة، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ، ويستنصرونه على أبرهة وجنده، فقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة:
لاهُمَّ إن العبدَ يمنــــــــ ـــــعُ رحلَه فامنعْ حلالَكْ
لا يَغْلِبَنَّ صليبُهـــــــــم ومِحَــالُهم غَدْواً مِحَـالَكْ
( زاد الواقدي ) :
إن كنتَ تاركَهم وقِبـــ ــلتنا فأمـــْر مَـا بـــَدَا لَكْ
قال ابن هشام: هذا ما صح له منها.
شعر لعكرمة في الدعاء على الأسود بن مقصود
قال ابن إسحاق: وقال عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قُصَي:
لاهُمَّ أخزِ الأسوَدَ بنَ مقصودْ الآخــذ الــهجمـةَ فيـها التقليد
بينَ حِــراءَ وثبيــر فـالْــبِيـــدْ يَحْبِسها وهي أولاتُ التّطْريدْ
فضَمَّها إلـى طماطِمٍ ســـــودْ أخْفِرْه يــا ربِّ وأنت محمود
قال ابن هشام: هذا ما صح له منها ، والطماطم: الأعلاج .
قال ابن إسحاق: ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة، وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شَعَف، الجبال فتحرَّزوا فيها ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها.
دخول أبرهة مكة ، وما وقع له ولفيله ، وشعر نفيل في ذلك
فلما أصبح أبرهة تهيَّأ لدخول مكة، وهيأ فيله، وعبى جيشه وكان اسم الفيل محموداً، و أبرهة مُجْمِع لهدم البيت، ثم الانصراف إلى اليمن، فلما وجهوا الفيل إلى مكة أقبل نُفَيل ابن حبيب (الخثعمي) حتى قام إلى جنب الفيل، ثم أخذه بأذنه، فقال: ابرك محمود، أو ارجع راشداً من حيث جئت، فإنك في بلد الله الحرام، ثم أرسل أذنه، فبرك الفيل، وخرج نُفَيْل بن حبيب يشتد حتى أصْعَد في الجبل، وضربوا الفيل ليقوم فأبى، فضربوا (في) رأسه بالطَّبَرْزين ليقوم فأبى، فأدخلوا محاجن لهم في مَرَاقه فبزغوه بها ليقوم فأبى ، فوجهوه راجعاً إلى اليمن، فقام يهرول، ووجهوه الشام ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى مكة فبرك، فأرسل الله تعالى عليهم طيراً من البحر أمثال الخطاطيف والبَلسان ، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها: حجر في منقاره، وحجران في رجليه، أمثال الحمص والعَدَس ، لا تصيب منهم أحداً إلا هلك، وليس كلهم أصابت وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا ويسألون عن نُفَيْل بن حبيب، ليدلهم على الطريق إلى اليمن، فقال نُفَيل - حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته:
أين المفرُّ والإلهُ الطالبُ والأشرمُ المغلوبُ ليس الغالب
قال ابن هشام: قوله: " ليس الغالب " عن غير ابن إسحاق.
قال ابن إسحاق: وقال نفيل أيضاً:
ألا حُـــيِّيتِ عنـا يـا رُدَيـْنَــا نــعمناكــم مع الِإصباحِ عينَا
(أتانـا قـابـس منكم عشــــاء فلم يقــدر لقـابســكم لــدينا)
رُدَيْنةُ، لــو رأيتِ ولا ترَيْه لدي جَنْب المُحصَّبِ ما رأينا
إذاً لعذرتِني وحمدْتِ أمـري ولم تأسَيْ على مـا فــات بَيْنا
حَمِدْت الله إذ أبصرتُ طيراً وخِفْتُ حجــارةً تُلْقَى عــلينا
وكــلّ القوم يسأل عـن نُفَيل كــأن عَلَي للــحُبْشانِ دَيــْنــَا
فخرجوا يتساقطون بكل طريق، ويهلِكون بكلِّ مَهْلِك، على كل مَنْهل، وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم تسقط ( أناملة )أنْملة أنْملة : كلما سقطت أنْملة أتبعتها منه مده تَمُثُّ قيحاً ودماً، حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرْخ الطائر، فما مات حتى انصدع صدرهُ عن قلبه، فيما يزعُمون.
قال ابن إسحاق: حدثني يعقوب بن عُتبة أنه حُدِّث:
أن أول ما رُؤيت الحصبةُ والجُد َرِي بأرض العرب ذلك العام، وأنه أول ما رُئي بها مرائر الشجر الحرمل والحنظل والعُشَر ذلك العام.
ما ذكر القرآن عن قصة الفيل ، وشرح ابن هشام لمفرداته
قال ابن إسحاق: فلما بعث الله تعالى محمداً - صلى الله عليه وسلم- كان مما يَعُدُّ الله على قريش من نعمته عليهم وفضله ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم، فقال الله تبارك وتعالى:{ أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ } [الفيل:1ـ5] وقال: {لإيلافِ قُرَيْشٍ * إِلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش:1ـ4]
أي لئلا يغير شيئاً من حالهم التي كانوا عليها، لما أراد الله بهم من الخير لو قبلوه.
قال ابن هشام: الأبابيل: الجماعات، ولم تتكلم لها العرب بواحد علمناه، وأما السِّجِّيل: فأخبرني يونس النحوي وأبو عُبيدة أنه عند العرب: الشديد الصلب قال رُؤبة بن العَجَّاج:
ومسَّهم ما مسَّ أصحابَ الفيلْ ترميــهمُ حجــارة من سِجِّيلْ
ولعبتْ طير بهم أبــابيل
وهذه الأبيات في أرجوزة له، ذكر بعض المفسرين أنهما كلمتان بالفارسية جعلتهما العرب كلمة واحدة، وإنما هو سنج وجل، يعني بالسنج: الحجر، والجل: الطين، يعني الحجارة من هذين الجنسين: الحجر والطين، والعصف: ورق الزرع الذي لم يُقَصَّب، وواحدته: عصفة. قال: وأخبرنى أبو عُبيدة النحوي أنه يقال له: العُصافة والعَصيفة، وأنشدنى لعلقَمة بن عبدة أحد بني ربيعة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم:
تَسقى مَذانبَ قد مالت عَصيفتُها حَدُورُها من أتِىِّ الماءِ مَطْمومُ
وهذا البيت في قصيدة له. وقال الراجز:
فَصُيِّروا مثلَ كعصْف مأكول
قال ابن هشام: ولهذا البيت تفسير في النحو وإيلاف قريش :إيلافهم الخروج إلى الشام في تجارتهم، وكانت لهم خَرْجتان: خرجة في الشتاء، وخرجة في الصيف. أخبرني أبو زيد الأنصاري: أن العرب تقول: ألفت الشيء إلفاً وآلفته إيلافاً،في معنى واحد، وأنشدني لذي الرُّمَّة:
من المؤْلِفات الرملَ أدماءُ حُرَّة شُعاعُ الضُّحَى في لونِها يتوضَّحُ
وهذا البيت في قصيدة له. وقال مطرود بن كعب الخُزاعي:
المُنْعَمين إذا النــجومُ تغيــَّرت والظــاعنين لـــرحلةِ الإيــــلاف
وهذا البيت في أبيات له سأذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى.
والإيلاف أيضاً: أن يكون للإنسان ألف من الإبل ؛ أو البقر، أو الغنم، أو غير ذلك. يقال:آلف فلان إيلافا؛ قال الكُمَيْت بن زيد أحد بنى أسد بن خُزَيمة بن مُدْرِكة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد:
بعـــامِ يقـــول لـــه المـــؤْلـِفـو نَ هذا المُعيم لنا المُرْجلُ
وهذا البيت في قصيدة له. والإيلاف أيضاً: أن يصير القوم ألفا، يقال: آلف القوم إيلافاً، قال الكُمَيْت بن زيد:
وآل مُــزيْقيــاء غَــدَاةَ لاقـَوْا بني سَعْدِ بْنِ ضَبةَ مُؤْلفينا
وهذا البيت في قصيدة له. والإيلاف أيضاً: أن تؤلف الشيء إلى الشيء فيألفه ويلزمه، يقال: الفته إياه إيلافاً.
والإيلاف أيضاً: أن تصيِّر ما دون الألف ألفاً، يقال: آلفته إيلافاً.
رد: أمر الفيل ، وقصة النسأة
الجمعة يناير 23, 2009 12:42 pm
ما أصاب قائد الفيل وسائسه
قال ابنُ إسحاق: حدثني عبد الله بن أبى بكر، عن عمرة ابنة عبد الرحمن بن سعد ابن زُرارة، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: " لقد رأيت قائد الفيل وسائسَه بمكة أعميين مُقعَدَيْن يستطعمان الناس ".
ما قيل في قصة الفيل من الشعر
إعظام العرب قريشاً بعد حادثة الفيل
قال ابن إسحاق: فلما رد الله الحبشة عن مكة، وأصابهم بما أصابهم به من النقمة، أعظمت العرب قريشاً، وقالوا: هم أهل الله، قاتل الله عنهم وكفاهم مئونةَ عدوِّهم، فقالوا في ذلك أشعاراً يذكرون فيها ما صنع الله بالحبشة، وما رد عن قريش من كيدهم.
شعر ابن الزبعري في وقعة الفيل
فقال عبد الله بن الزِّبَعْرَى بن عدي بن قيس بن عدى بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هُصَيْص بن كعب بن لُؤي بن غالب بن فِهْر:
تنكَّلوا عن بــطنِ مـــكـةَ إنـهــــا كانت قديـما لا يـُرامُ حــريمُها
لم تخلق الشعْــرى لَيَاليَ حُرِّمَتْ إذ لا عزيزَ مــن الأنامِ يرومُها
سائلْ أميرَ الجيشِ عنها ما رأى ولسوفَ يُنْبِي الجاهلين عليمُها
ستــونَ ألفــا لم يَئُوبوا أرضَهـم ولم يعش بعدَ الإيــــاب سقيمُها
كانت بــها عــادٌ وجُرْهم قبلَهـم والله مــن فــوقِ الــعبادِ يقيمُها
قال ابنُ إسحاق: يعني ابن الزِّبَعْرَى بقوله:
بــعــد الإيــــابِ سقيـــمُـــها
أبرهة، إذ حملوه معهم حين أصابه ما أصابه حتى مات بصنعاء.
شعر ابن الأسلت في وقعة الفيل
وقال أبو قَيس بن الأسْلَت الأنصاري ثم الْخَطميّ، واسمه صَيْفي. قال ابن هشام:أبو قيس: صَيْفيُّ بنُ الأسْلَت بن جُشَم بن وائل بن زَيْد بن قيس بن عامر بن مُرة بن مالك بن الأوس:
ومن صُنْعِه يومَ فيل الحـــو شِ إذ كـــلما بــعثـوه رَزَمْ
محاجنُهم تـــحــتَ أَقرابِــــه وقد شَرَّموا أنفَه فانخـــرَمْ
وقــد جـعلوا سَوْطَه مِغْـــوَلاً إذا يــمـَّمُــوهُ قـــَفــاه كُـلــِم
فــولَّـى وأدبــــرَ أدراجَـــــه وقد باءَ بالظلمِ من كان ثَمْ
فأرسلَ من فوقِهم حاصبــــاً فــلفَّــهُــمُ مثــلَ لـفِّ القُزُمْ
تحُضُّ على الصبرِ أحبارُهم وقد ثــأجُـوا كَثــُؤَاجِ الـغَنَمْ
قال ابن هشام: وهذه الأبيات في قصيدة له. والقصيدة أيضاً تروى لأمية بن أبى الصلت .
قال ابن إسحاق: وقال أبو قيس بن الأسلت:
فقــــوموا فصلُّوا ربَّكم وتـمسَّحُوا بأركان هذا البيتِ بينَ الأخـــاشبِ
فعــنــدكمُ منــه بــــلاء مـُصَـــدَّق غَدَاةَ أَبى يــَكْسُومَ هـــادى الكتائبِ
كـتـيبتُه بـالسهلِ تُمْـــــسى وَرَجْلُه على القاذفاتِ في رءوس المناقبِ
فلما أتاكم نصرُ ذي العرش ردَّهمْ جنودُ المليكِ بينَ سافٍ وحاصبِ
فولَّوْا ســراعا هـاربين ولم يــؤبْ إلى أهْلِه مـِلْحِبـْش غيــرُ عصائبِ
قال ابن هشام: أنشدني أبو زيد الأنصاري قوله:
على القاذفاتِ في رءوسِ المناقبِ
وهذه الأبيات في قصيدة لأبى قيس سأذكرها في موضعها إن شاء الله، وقوله: " غداةَ أبى يَكْسوم " يعني: أبرهة، كان يُكْنَى أبا يكسوم.
شعر طالب في وقعة الفيل
قال ابن إسحاق: وقال طالب بن أبى طالب بن عبد المطلب:
ألم تعلموا ما كان في حربِ داحس وجيش أبي يَكْسُومَ إذ مَلئوا الشِّعْبا
فلــولا دفــاعُ الله لا شــيءَ غيـــرُه لأصبحتـــمْ لا تَمنــعون لكم سَـرَبا
قال ابن هشام: وهذان البيتان في قصيدة له في يوم بدر سأذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى.
شعر أبي الصلت في وقعة الفيل
قال ابن إسحاق: وقال أبو الصَّلْت بن أبى ربيعة الثَّقفي في شأن الفيل، ويذكر الحنيفيَّة دين إبراهيم عليه السلام.
قال ابن هشام: تروى لأمية بن أبي الصلت بن أبي ربيعة الثقفي:
إن آيــــاتِ ربــِّنـــا ثَــاقبـــات لا يــُمارِي فـيهن إلا الــكفـــورُ
خـــلقَ الليـــلَ والنهارَ فكـــــل مـــستـبـيـن حســـابـه مـقــدورُ
ثــم يجــلو النــهارَ ربُّ رحيـم بــمَــهــاةٍ شُــعاعُــها مـبشــــورُ
حُبـــِس الفـيلُ بالمُغمَّس، حتى ظـــلَّ يـحبـــو كـــأنـه مـعقــورُ
لازماً حــَلـْقةَ الجِرانِ كما قُطـ ـر من صخر كَبـْكـَب مـحـــدور
حولــه مــن مــلوك كِندةَ أبطـا ل ملاوِيث في الحروبِ صُقـور
خَــلَّفــوه ثــم ابــذعَرُّوا جميعـاً كــلهــم عـــظمُ ســاقِــه مكسـورُ
كلُّ دينٍ يــومَ الــقيامةِ عندَ اللـ ـه إلا ديــن الــحنــيــفــةِ بــــورُ
شعر الفرزدق في وقعة الفيل
قال ابن هشام: وقال الفرزدق – واسمه: همّام بن غالب أحد بنى مُجَاشع بن دَارم بن مالك بن حَنْظلة بن مالك بن زيد مَناة بن تميم - يمدح سليمان بن عبد الملك بن مروان ويهجو الحجاجَ بن يوسف، ويذكر الفيلَ وجيشه:
فلما طغى الحجاجُ حين طغى به غِنى قال: إني مُرْتق في السلالم
فكان كما قال ابنُ نوح : سأرتقي إلى جبل من خَشْيةِ الماءِ عاصم
رمى اللّه في جثمانِه مثلَ ما رمى عن القبلةِ البيضاءِ ذاتِ المحارم
جنوداً تسوق الفيلَ حتى أعادهــهم هَباءً، وكانوا مُطْرَخِمي الطرَاخم
نُصِرْتَ كنصر البيتِ إذ ساق فيلَه إليه عظيمُ المشركين الأعـــــاجم
وهذه الأبيات في قصيدة له .
شعر ابن الرقيات في وقعة الفيل
قال ابن هشام : وقال عبدُ اللّه بن قَيْس الرقيَّات: أحدُ بني عامر بن لؤي بن غالب يذكر أبرهةَ - وهو الأشرم - والفيل :
كاده الأشـــرمُ الذي جاء بالفيـ ــــل فولـــَّى وجيشـــُه مــــهزومُ
واستَهلَّتْ عليهمُ الطيرَ بالجنـــ ــــدلِ حتــــى كــأنه مَـــرْجــــومُ
ذاك من يـــــَغْزُهُ من النـــــاسِ يَرجعْ ،وهو فَل من الجيوش ذميمُ
وهذه الأبيات في قصيدة له.
ملك يكسوم ثم مسروق على اليمن
قال ابن إسحاق : فلما هلك أبرهة ملك الحبشَةَ ابنُهُ يكسوم بن أبرهة، وبه كان يُكْنَى، فلما هلك يكسوم بن أبرهة، ملك اليمَن في الحبشة أخوه مسروقُ بن أبرهة .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى