خطورة التسويف

الأحد مايو 31, 2009 3:05 am

التسويف من العادات السيئة والسلوكيات السلبية التي ابتلي بها الكثير من الناس في هذا الزمان .
ويطلق التسويف على التأخير والمماطلة في فعل الخيرات دون مبرر وفي المقابل تأجيل وتأخير التوبة من الذنوب.
والتسويف سلاح قوي يستخدمه الشيطان مع كثير من الناس ، فتري احدهم يقول سوف أتوب غداً ، سوف التزم بالصلاة بداية الشهر القادم ، سأمتنع عن التدخين مع قدوم شهر رمضان لأنني سأتعود على تركه ، سأغض بصري عن النظر الحرام بعد الزواج ............. الخ.
لذلك نهانا الإسلام عن التسويف وحثنا على المسارعة في الخيرات والتوبة من المعاصي والذنوب.
قال تعالي: (فاستبقوا الخيرات) "البقرة: 148"وقال تعالى (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ) "آل عمران:133".

أسباب التسويف:
1- ضعف الإرادة
فالنفس البشرية أمارة بالسوء ميالة إلى الراحة والشهوات، ولا تحب غالبا المجاهدة والتعب وتحمل المشاق.
2- الصحبة السوء
فأصحاب السوء يدفعوك للمعصية ويثبطوا دائما من عزيمتك لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تصاحب إلا مؤمنا ، ولا يأكل طعامك إلا تقي )
الراوي: أبو سعيد المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4832 خلاصة الدرجة: حسن
3- طول الأمل مع نسيان الموت والدار الآخرة
فتري الإنسان يقول العمر أمامي .... ما زلت صغير .... أريد أن استمتع بحياتي .... الخ وينسي الموت الذي يأتي بغتة فيكون حاله كما قال تعالي (وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين) "المنافقون:10".

آثار التسويف أو أضراره:
1- الحسرة والندم في وقت لا ينفع فيه الندم
قال تعالى: (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) "المؤمنون:99،100".
2- تراكم الذنوب
تتعدد الذنوب والخطايا فيدمن الإنسان عليها ويصعب عليه أمر التوبة فيختم الله على قلبه قال تعالي(كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)"المطففين:14".
3- الحرمان من العون الإلهي
لأن الله عز وجل لا يعين الكسالى والمسوفين ، وإنما عونه ومدده لأوليائه الذين يجتهدون بالعمل الصالح وفي هذا يقول تعالي (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) " العنكبوت: 69" ويقول ايضا (والذين اهتدوا زادهم هدى ) "محمد: 17".

علاج التسويف:
1- أخذ النفس بالحزم وقوة العزيمة
لئن تتعب النفس اليوم لتستريح غداً خير لها من أن تستريح اليوم وتتعب غداً قال تعالى: (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون ) "الزمر: 54".
2- الانسلاخ من صحبة الكسالى والمسوفين
فعليك بصحبة ذوي الحزم والعزم وتأمل جيداً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء ، كحامل المسك ونافخ الكير . فحامل المسك ، إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة . ونافخ الكير ، إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد ريحا خبيثة )
الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2628 خلاصة الدرجة: صحيح
3- تذكر الموت والدار الآخرة
أعلم أخي المسلم أن الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل، فبادر بالعمل الصالح قبل فوات الأوان يقول الرسول صلي الله عليه وسلم (اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك) .
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 3355 خلاصة الدرجة: صحيح
4- التأسي بالصحابة والسلف الصالح
فقد كانوا حريصين كل الحرص على استغلال أوقاتهم في طاعة الله عزوجل ولم يكن التسويف موجود في حياتهم أبدا فهذا عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه بعد ما فرغ من دفن سليمان بن عبدالملك وانتهى من الخطبة التي بايعه فيها الناس ينزل من على المنبر متجهاً إلى بيته ليستريح ساعة بعد عنائه فيقبل عليه ولده عبدالملك قائلاً له: ماذا تريد أن تصنع يا أمير المؤمنين؟ فأجاب: أريد أغفو إغفاءة فلم يتبق في جسدي طاقة. فقال له ولده: أتغفو قبل أن ترد المظالم إلى أهلها؟ فقال رضي الله عنه، يا بني إني قد جهدت البارحة في عمل سليمان وإني إذا حان النهار صليت في الناس ورددت المظالم إلى أهلها، فقال الولد: ومن يضمن لك البقاء إلى الظهر يا أمير المؤمنين؟ فألهبت هذه الكلمات حماسته وأطارت النوم من عينيه وقال له: أدن مني فضمه إليه وقبله قائلاً: الحمد لله الذي أخرج من صلبي من يعينني على ديني." ابن كثير: البداية والنهاية (211/10)".