الزهري
الخميس أبريل 05, 2012 5:18 pm
الزهري
محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ، الإمام العلم ، حافظ زمانه أبو بكر القرشي الزهري المدني نزيل الشام .
روى عن ابن عمر ، وجابر بن عبد الله شيئا قليلا ، ويحتمل أن يكون سمع منهما ، وأن يكون رأى أبا هريرة وغيره ، فإن مولده فيما قاله دحيم وأحمد بن صالح في سنة خمسين . وفيما قاله خليفة بن خياط : سنة إحدى وخمسين وروى عنبسة : حدثنا يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، قال : وفدت إلى مروان ، وأنا محتلم ، فهذا مطابق لما قبله ، وأبى ذلك يحيى بن بكير ، وقال : ولد سنة ست وخمسين . حتى قال له يعقوب الفسوي ، فإنهم يقولون : إنه وفد إلى مروان ، فقال : هذا باطل ، إنما خرج إلى عبد الملك بن مروان ، وقال : لم يكن عنبسة موضعا لكتابة الحديث .
قال أحمد العجلي : سمع ابن شهاب من ابن عمر ثلاثة أحاديث ، وقال عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، قال : سمع الزهري من ابن عمر حديثين .
قلت : وروى عن سهل بن سعد ، وأنس بن مالك ، ولقيه بدمشق ، والسائب بن يزيد ، وعبد الله بن ثعلبة بن صعير ، ومحمود بن الربيع ، ومحمود بن لبيد ، وسنين أبى جميلة وأبي الطفيل عامر ، وعبد الرحمن بن أزهر ، وربيعة بن عباد الديلى ، وعبد الله بن عامر بن ربيعة ، ومالك بن أوس بن الحدثان ، وسعيد بن المسيب ، وجالسه ثماني سنوات ، وتفقه به ، وعلقمة بن وقاص ، وكثير بن العباس ، وأبي أمامة بن سهل ، وعلي بن الحسين ، وعروة بن الزبير ، وأبي إدريس الخولاني ، وقبيصة بن ذؤيب ، وعبد الملك بن مروان ، وسالم بن عبد الله ، ومحمد بن جبير بن مطعم ، ومحمد بن النعمان بن بشير ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وعثمان بن إسحاق العامري ، وأبي الأحوص مولى بني ثابت ، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، والقاسم بن محمد ، وعامر بن سعد ، وخارجة بن زيد بن ثابت ، وعبد الله بن كعب بن مالك ، وأبي عمر رجل من بلي له صحبة ، وأبان بن عثمان .
فحديثه عن رافع بن خديج ، وعبادة بن الصامت مراسيل ، أخرجها النسائي ، وله عن أبي هريرة في جامع الترمذي .
قال عبد الززاق : أنبأنا معمر ، عن الزهري ، . قال . كتب عبد الملك إلى الحجاج ، اقتد بابن عمر في مناسكك ، قال : فأرسل إليه يوم عرفة ، إذا أردت أن تروح فأذنا ، قال : فجاء هو وسالم وأنا معهما حين زاغت الشمس ، فقال : ما يحبسه ، فلم ينشب أن خرج الحجاج ، فقال : إن أمير المؤمنين ، كتب إلي أن أقتدي بك ، وآخذ عنك . قال : إن أردت السنة ، فأوجز الخطبة والصلاة ، قال الزهرى : وكنت يومئذ صائما ، فلقيت من الحر شدة .
قلت : حدث عنه عطاء بن أبي رباح ، وهو أكبر منه ، وعمر بن عبد العزيز ، ومات قبله ببضع وعشرين سنة ، وعمرو بن دينار ، وعمرو بن شعيب ، وقتادة بن دعامة ، وزيد بن أسلم ، وطائفة من أقرانه ، ومنصور بن المعتمر ، وأيوب السختياني ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وأبو الزناد ، وصالح بن كيسان ، وعقيل بن خالد ، ومحمد بن الوليد الزبيدي ، ومحمد بن أبى حفصة ، وبكر بن وائل ، وعمرو بن الحارث ، وابن جريج ، وجعفر بن برقان ، وزياد بن سعد ، وعبد العزيز بن الماجشون ، وأبو أويس ، ومعمر بن راشد ، والأوزاعي ، وشعيب بن أبي حمزة ، ومالك بن أنس ، والليث بن سعد ، وإبراهيم بن سعد ، وسعيد بن عبد العزيز ، وفليح بن سليمان ، وابن أبي ذئب ، وابن إسحاق ، وسفيان بن حسين ، وصالح بن أبي الأخضر ، وسليمان بن كثير ، وهشام بن سعد ، وهشيم بن بشير ، وسفيان بن عيينة ، وأمم سواهم .
قال علي بن المديني : له نحو من ألفي حديث . وقال أبو داود : حديثه ألفان ومائتا حديث ، النصف منها مسند .
أبو صالح ، عن الليث بن سعد ، قال : ما رأيت عالما قط أجمع من ابن شهاب ، يحدث في الترغيب ، فتقول : لا يحسن إلا هذا ، وإن حدث عن العرب والأنساب ، قلت : لا يحسن إلا هذا ، وإن حدث عن القرآن والسنة ، كان حديثه .
وقال الليث : قدم ابن شهاب على عبد الملك سنة اثنتين وثمانين . الذهلي : حدثنا أبو صالح ، حدثنا العطاف بن خالد ، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة ، عن ابن شهاب ، قال : أصاب أهل المدينة حاجة زمان فتنة عبد الملك فعمت ، فقد خيل إلي أنه أصابنا أهل البيت من ذلك ما لم يصب أحدا ، فتذكرت : هل من أحد أخرج إليه ، فقلت : إن الرزق بيد الله ثم خرجت إلى دمشق ، ثم غدوت إلى المسجد ، فاعتمدت إلى أعظم مجلس رأيته ، فجلست إليهم فبينا نحن كذلك إذ أتى رسول عبد الملك فذكر قصة ستأتي بمعناها ، وأن عبد الملك فرض له .
قال أبو الزناد : كنا نطوف مع الزهري على العلماء ومعه الألواح والصحف ، يكتب كلما سمع .
إبراهيم بن المنذر : حدثنا يحيى بن محمد بن حكم ، حدثنا ابن أبي ذئب ، قال : ضاقت حال ابن شهاب ، ورهقه دين ، فخرج إلى الشام ، فجالس قبيصة بن ذؤيب ، قال ابن شهاب : فبينا نحن معه نسمر فجاءه رسول عبد الملك ، فذهب إليه ، ثم رجع إلينا فقال : من منكم يحفظ قضاء عمر -رضي الله عنه- في أمهات الأولاد ؟ قلت : أنا . قال : قم فأدخلني على عبد الملك بن مروان ، فإذا هو جالس على نمرقة بيده مخصرة وعليه غلالة ملتحف بسبيبة بين يديه شمعة ، فسلمت ، فقال من أنت ؟ فانتسبت له فقال : إن كان أبوك لنعارا في الفتن قلت : يا أمير المؤمنين عفا الله عما سلف ، قال : اجلس ، فجلست ، قال : تقرأ القرآن ؟ قلت : نعم ، قال : فما تقول في امرأة تركت زوجها وأبويها ؟ .
قلت : لزوجها النصف ، ولأمها السدس ، ولأبيها ما بقي ، قال : أصبت الفرض ، وأخطأت اللفظ ، إنما لأمها ثلث ما بقي ، ولأبيها ما بقي . هات حديثك ، قلت : حدثني سعيد بن المسيب فذكر قضاء عمر في أمهات الأولاد . فقال عبد الملك : هكذا حدثني سعيد . قلت : يا أمير المؤمنين اقض ديني ، قال : نعم . قلت : وتفرض لى ، قال : لا والله لا نجمعهما لأحد ، قال : فتجهزت إلى المدينة . وروى نحوا منها سعيد بن عفير ، عن عطاف بن خالد كما مضى .
أحمد بن شبيب ، عن أبيه ، عن يونس ، قال ابن شهاب : قدمت دمشق زمان تحرك ابن الأشعث ، وعبد الملك يومئذ مشغول بشأنه . وروى سعيد بن عفير : حدثنا حفص بن عمران ، عن السري بن يحيى ، عن ابن شهاب ، قال : قدمت الشام : أريد الغزو فأتيت عبد الملك فوجدته في قبة على فرش ، يفوت القائم ، والناس تحته سماطان .
ابن سعد : حدثنا محمد بن عمر ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز ، سمعت الزهري ، يقول : نشأت وأنا غلام ، لا مال لي ، ولا أنا في ديوان ، وكنت أتعلم نسب قومي من عبد الله بن ثعلبة بن صعير ، وكان عالما بذلك وهو ابن أخت قومي وحليفهم . فأتاه رجل ، فسأله عن مسألة من الطلاق فعي بها وأشار له إلى سعيد بن المسيب . فقلت في نفسي : ألا أراني مع هذا الرجل المسن يذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسح رأسه ، ولا يدري ما هذا ؟ ! فانطلقت مع السائل إلى سعيد بن المسيب ، وتركت ابن ثعلبة ، وجالست عروة ، وعبيد الله ، وأبا بكر بن عبد الرحمن حتى فقهت ، فرحلت إلى الشام ، فدخلت مسجد دمشق في السحر ، وأممت حلقة وجاه المقصورة عظيمة ، فجلست فيها . فنسبني القوم ، فقلت : رجل من قريش ، قالوا : هل لك علم بالحكم في أمهات الأولاد ؟ فأخبرتهم بقول عمر بن الخطاب ، فقالوا : هذا مجلس قبيصة بن ذؤيب وهو حاميك ، وقد سأله أمير المؤمنين ، وقد سألنا فلم يجد عندنا في ذلك علما ، فجاء قبيصة فأخبروه الخبر ، فنسبني فانتسبت ، وسألني عن سعيد بن المسيب ونظرائه ، فأخبرته . قال : فقال : أنا أدخلك على أمير المؤمنين ، فصلى الصبح ، ثم انصرف فتبعته ، فدخل على عبد الملك ، وجلست على الباب ساعة ، حتى ارتفعت الشمس ، ثم خرج الآذن ، فقال : أين هذا المديني القرشي ؟ قلت : ها أناذا ، فدخلت معه على أمير المؤمنين فأجد بين يديه المصحف قد أطبقه ، وأمر به فرفع ، وليس عنده غير قبيصة جالسا ، فسلمت عليه بالخلافة ، فقال : من أنت ؟ قلت : محمد بن مسلم.
وساق آباءه إلى زهرة ، فقال : أوه قوم نعارون في الفتن ، قال : وكان مسلم بن عبيد الله مع ابن الزبير ، ثم قال : ما عندك في أمهات الأولاد ؟ فأخبرته عن سعيد ، فقال : كيف سعيد ، وكيف حاله ؟ فأخبرته ، ثم قلت : وأخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، فسأل عنه ، ثم حدثته الحديث في أمهات الأولاد عن عمر . فالتفت إلى قبيصة فقال : هذا يكتب به إلى الآفاق ، فقلت : لا أجده أخلى منه الساعة ، ولعلي لا أدخل بعدها . فقلت : إن رأى أمير المؤمنين أن يصل رحمي ، وأن يفرض لي فعل ، قال : إيهًا الآن انهض لشأنك ، فخرجت والله مؤيسا من كل شيء خرجت له ، وأنا يومئذ مقل مرمل ، ثم خرج قبيصة فأقبل علي لائما لي ، وقال : ما حملك على ما صنعت من غير أمري ؟ قلت : ظننت والله أني لا أعود إليه ، قال : ائتني في المنزل ، فمشيت خلف دابته ، والناس يكلمونه ، حتى دخل منزله فقلما لبث حتى خرج إلي خادم بمائة دينار ، وأمر لي ببغلة وغلام وعشرة أثواب ، ثم غدوت إليه من الغد على البغلة ، ثم أدخلني على أمير المؤمنين ، وقال : إياك أن تكلمه بشيء وأنا أكفيك أمره . قال : فسلمت ، فأومأ إلي أن اجلس ، ثم جعل يسألني عن أنساب قريش ، فلهو كان أعلم بها مني ، وجعلت أتمنى أن يقطع ذلك لتقدمه علي في النسب ، ثم قال لي : قد فرضت لك فرائض أهل بيتك ، ثم أمر قبيصة أن يكتب ذلك في الديوان ، ثم قال : أين تحب أن يكون ديوانك مع أمير المؤمنين هاهنا أم في بلدك ؟
قلت : يا أمير المؤمنين أنا معك . ثم خرج قبيصة ، فقال : إن أمير المؤمين أمر أن تثبت في صحابته ، وأن يجري عليك رزق الصحابة ، وأن يرفع فريضتك إلى أرفع منها ، فألزم باب أمير المؤمنين ، وكان على عرض الصحابة رجل ، فتخلفت يوما أو يومين ، فجبهني جبها شديدا ، فلم أتخلف بعدها ، قال : وجعل يسألني عبد الملك : من لقيت ؟ فأذكر من لقيت من قريش ، قال : أين أنت عن الأنصار ، فإنك واجد عندهم علما ، أين أنت عن ابن سيدهم خارجة بن زيد ، وسمى رجالا منهم .
قال : فقدمت المدينة فسألتهم ، وسمعت منهم . قال : وتوفي عبد الملك ، فلزمت ابنه الوليد ، ثم سليمان ، ثم عمر بن عبد العزيز ، ثم يزيد ، فاستقضى يزيد بن عبد الملك على قضائه الزهري ، وسليمان بن حبيب المحاربي جميعا . قال : ثم لزمت هشام بن عبد الملك ، وصير هشام الزهري مع أولاده ، يعلمهم ويحج معهم ابن وهب : حدثني يعقوب بن عبد الرحمن ، قال : رأيته رجلا قصيرا قليل اللحية ، له شعيرات طوال خفيف العارضين ، يعني : الزهري . معن بن عيسى ، عن ابن أخي الزهري ، قال : جمع عمي القرآن في ثمانين ليلة .
الحميدي عن سفيان ، قال : رأيت الزهري أحمر الرأس واللحية في حمرتها انكفاء ، كأنه يجعل فيها كتما ، وكان رجلا أعيمش ، وله جمة ، قدم علينا سنة ثلاث وعشرين ومائة فأقام إلى هلال الحرم سنة أربع وأنا يومئذ ابن ست عشرة سنة . معمر عن الزهري ، قال : مست ركبتي ركبة سعيد بن المسيب ثماني سنين .
الزبير في "النسب" له : حدثني محمد بن حسن عن مالك ، عن ابن شهاب ، قال : كنت أخدم عبيد الله بن عبد الله ، حتى إن كنت أستقي له الماء المالح ، وكان يقول لجاريته من بالباب ؟ فتقول : غلامك الأعمش .
روى ابراهيم بن سعد ، عن أبيه ، قال : ما سبقنا ابن شهاب من العلم بشيء ، إلا أنه كان يشد ثوبه عند صدره ويسأل عما يريد ، وكنا تمنعنا الحداثة . ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال : كنا نكتب الحلال والحرام ، وكان ابن شهاب يكتبك لما سمع ، فلما احتيج إليه ، علمت أنه أعلم الناس ، وبصر عيني به ومعه ألواح أو صحف ، يكتب فيها الحديث ، وهو يتعلم يومئذ . وعن أبي الزناد ، قال : كنت أطوف أنا والزهري ومعه الألواح والصحف فكنا نضحك به .
ابن وهب ، عن الليث ، كان ابن شهاب ، يقول : ما استودعت قلبي شيئا قط فنسيته ، وكان يكره أكل التفاح ، وسؤر الفأر ، وكان يشرب العسل ويقول : إنه يذكر . ولفائد بن أقرم يمدح الزهري : ذر ذا وأثـن على الكريم محمـد
واذكـر فواضلـه علـى الأصحاب وإذا يقال: مـن الجـواد بمالـه؟
قيـل : الجـواد محمد بن شهـاب أهـل المـدائن يعرفـون مكانـه
وربيـع ناديـه علـى الأعــراب ابن مهدي : سمعت مالكا يقول : حديث الزهري يوما بحديث ، فلما قام قمت فأخذت بعنان دابته ، فاستفهمته ، فقال : تستفهمني ؟ ! ما استفهمت عالما قط ، ولا رددت شيئا على عالم قط .
ابن المديني : سمعت عبد الرحمن ، يقول : قال مالك ، حدثنا الزهري بحديث طويل ، فلم أحفظه ، فسألته عنه ، فقال : أليس قد حدثتكم به ؟ قلنا : بلى ، قلت : كنت تكتب ؟ قال : لا . قلت : أما كنت تستعيد ؟ قال : لا . ورواها الإمام أحمد ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، تابعه ابن وهب .
قال عثمان الدارمي ، حدثنا موسى بن محمد البلقاوي ، سمعت مالكا ، يقول : حدث الزهري بمائة حديث ، ثم التفت إلي ، فقال : كم حفظت يا مالك ؟ قلت : أربعين . فوضع يده على جبهته ، ثم قال : إنا لله كيف نقص الحفظ . موسى ضعيف . معمر ، عن الزهري : ما قلت لأحد قط : أعد علي . مروان بن محمد ، سمع الليث يقول : تذكر ابن شهاب ليلة بعد العشاء حديثا وهو جالس يتوضأ ، فما زال ذاك مجلسه حتى أصبح . أبو مسهر : حدثنا يزيد بن السمط ، سمعت قرة بن عبد الرحمن ، يقول : لم يكن للزهري كتاب إلا كتاب فيه نسب قومه .
إبراهيم بن سعد : سمعت ابن شهاب ، يقول : أرسل إلي هشام أن اكتب لبني بعض أحاديثك ، فقلت : لو سألتني عن حديثين ما تابعت بينهما ، ولكن إن كنت تريد ، فادع كاتبا ، فإذا اجتمع إلي الناس فسألوني كتبت لهم ، فقال لي : يا أبا بكر ، ما أرانا إلا قد أنقصناك ، قلت : كلا إنما كنت في عرار الأرض الآن هبطت الأودية رواه نوح بن يزيد ، عن إبراهيم ، وزاد فيه : بعث إلى كاتبين فاختلفا إلي سنة ابن وهب : أنبأنا يعقوب بن عبد الرحمن ، أن الزهري ، كان يبتغي العلم من عروة وغيره ، فيأتي جارية له ، وهي نائمة فيوقظها يقول لها : حدثني فلان بكذا ، وحدثني فلان بكذا ، فتقول : مالي ولهذا ؟ فيقول : قد علمت أنك لا تنتفعي به ، ولكن سمعت الآن فأردت أن أستذكره .
أحمد بن أبي الخواري : حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : خرج الزهري من الخضراء من عند عبد الملك ، فجلس عند ذلك العمود ، فقال : يا أيها الناس ، إنا كنا قد منعناكم شيئا قد بذلناه لهؤلاء ، فتعالوا حتى أحدثكم ، قال : فسمعهم يقولون : قال رسول الله ، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : يا أهل الشام : ما لي أرى أحاديثكم ليست لها أزمة ولا خطم ؟ ! قال الوليد : فتمسك أصحابنا بالأسانيد من يومئذ ، وروى نحوها من وجه آخر : أنه كان يمنعهم أن يكتبوا عنه ، فلما ألزمه هشام بن عبد الملك أن يملي على بنيه ، أذن للناس أن يكتبوا . معمر ، عن الزهري ، قال : كنا نكره الكتاب ، حتى أكرهنا عليه الأمراء ، فرأيت أن لا أمنعه مسلما .
عبد الرزاق سمع معمرا يقول : كنا نرى أنا قد أكثرنا عن الزهري ، حتى قتل الوليد ، فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب من خزائنه ، يقول : من علم الزهري . وروى محمد بن الحسن بن زبالة ، عن الدراوردي ، قال : أول من دَوَّنَ العلم وكتبه ابن شهاب . خالد بن نزار الأيلي ، عن سفيان ، قال : كان الزهري أعلم أهل المدينة . عبد الوهاب الثقفي ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال : قال عمر بن عبد العزيز : ما ساق الحديث أحد مثل الزهري . ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، قال : ما رأيت أحدا أنص للحديث من الزهري ، وما رأيت أحدا أهون عنده الدراهم منه ، كانت عنده بمنزلة البعر .
أبو سلمة المنقري : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، قال : جالست ابن عباس ، وابن عمر ، وجابرا ، وابن الزبير ، فلم أر أحدا أنسق للحديث من الزهري .
قال محمد بن سهل بن عسكر : سمعت أحمد بن حنبل ، يقول : الزهري أحسن الناس حديثا ، وأجود الناس إسنادا . وقال أبو حاتم : أثبت أصحاب أنس الزهري .
شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، قال : اختلفت من الحجاز إلى الشام خمسا وأربعين سنة ، فما استطرفت حديثا واحدا ، ولا وجدت من يطرفني حديثا .
ابن عيينة ، عن إبراهيم بن سعد ، سمعت أبي يسأل الزهري عن شيء من الخلع والإيلاء ، فقال : إن عندي لثلاثين حديثا ، ما سألتموني عن شيء منها .
أبو صالح ، عن الليث : كان ابن شهاب ، يختم حديثه بدعاء جامع ، يقول : اللهم أسألك من كل خير أحاط به علمك في الدنيا والآخرة ، وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك في الدنيا والآخرة . وكان من أسخى من رأيت ، كان يعطي ، فإذا فرغ ما معه يستلف من عبيده ، يقول : يا فلان أسلفني كما تعرف ، وأضعف لك كما تعلم ، وكان يطعم الناس الثريد ، ويسقيهم العسل ، وكان يسمر على العسل كما يسمر أهل الشراب على شرابهم ، ويقول : اسقونا وحدثونا . وكان يكثر شرب العسل ، ولا يأكل شيئا من التفاح ، وسمعته يبكي على العلم بلسانه ، ويقول : يذهب العلم ، وكثير ممن كان يعمل به . فقلت له : لو وضعت من علمك عند من ترجو أن يكون خلفا . قال : والله ما نشر أحد العلم نشري ، ولا صبر عليه صبري ، ولقد كنا نجلس إلى ابن المسيب ، فما يستطيع أحد منا أن يسأله عن شيء إلا أن يبتدئ الحديث ، أو يأتي رجل يسأله عن شيء قد نزل به .
روى إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، قال : ما رؤي أحد جمع بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما جمع ابن شهاب الليث ، عن يحيى بن سعيد ، قال : ما بقي عند أحد من العلم ما بقي عند ابن شهاب .
عبد الرزاق : حدثنا معمر ، عن رجل : قال عمر بن عبد العزيز : عليكم بابن شهاب هذا فإنكم لا تلقون أحدا أعلم بالسنة الماضية منه . سعيد بن بشير ، عن قتادة ، ما بقي أحد أعلم بسنة ماضية من ابن شهاب ، وآخر ، كأنه عنى نفسه .
سعيد بن عبد العزيز : سمعت مكحولا ، يقول : ما بقي أعلم بسنة ماضية من ابن شهاب .
وهيب : سمعت أيوب ، يقول : ما رأيت أحدا أعلم من الزهري ، فقال له صخر بن جويرية ، ولا الحسن البصري ؟ فقال : ما رأيت أحدا أعلم من الزهري . الوليد بن مسلم : سمعت سعيد بن عبد العزيز ، يقول : ما كان إلا بحرا ، وسمعت مكحولا ، يقول : ابن شهاب ، أعلم الناس .
وقال ابن عيينة : سمعت أبا بكر الهذلي ، يقول وقد جالس الحسن وابن سيرين : لم أر مثل هذا قط . يعني : الزهري .
وقال العدني : قال ابن عيينة : كانوا يرون يوم مات الزهري ، أنه ليس أحد أعلم بالسنة منه . بقية : عن شعيب بن أبي حمزة ، قيل لمكحول : من أعلم من لقيت ؟ قال : ابن شهاب ، قيل : ثم من ؟ قال : ابن شهاب ، قيل : ثم من ؟ قال : ابن شهاب .
قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : بقي ابن شهاب ، وماله في الناس نظير . وقال معمر : كان الزهري في أصحابه كالحكم بن عتيبة في أصحابه . قال موسى بن إسماعيل : شهدت وهيبا ، وبشر بن المفضل وغيرهما ذكروا الزهري فلم يجدوا أحدا يقيسونه به إلا الشعبي . قال علي بن المديني : أفتى أربعة : الحكم وحماد ، وقتادة ، والزهري ، والزهري عندي أفقههم .
قال سعيد بن عبد العزيز : جعل يزيد الزهري قاضيا مع سليمان بن حبيب . الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن الزهري ، قال : الاعتصام بالسنة نجاة . روى يونس بن يزيد عنه نحوه .
وروى الأوزاعي عنه ، قال : أمروا أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما جاءت . الليث : عن جعفر بن ربيعة ، قلت لعراك بن مالك : من أفقه أهل المدينة ؟ .
قال : أما أعلمهم بقضايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقضايا أبي بكر وعمر وعثمان ، وأفقههم فقها ، وأعلمهم بما مضى من أمر الناس ، فسعيد بن المسيب ، وأما أغزرهم حديثا فعروة ، ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بن عبد الله بحرا إلا فجرته وأعلمهم عندي جميعا ابن شهاب ، فإنه جمع علمهم جميعا إلى علمه .
الحميدي : حدثنا سفيان ، قيل للزهري : لو أنك سكنت المدينة ، ورحت إلى مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقبره ، تعلم الناس منك ، قال : إنه ليس ينبغي أن أفعل حتى أزهد في الدنيا ، وأرغب في الآخرة ، ثم قال سفيان : ومن كان مثل الزهري ؟ .
قلت : كان -رحمه الله- محتشما جليلا بزي الأجناد له صورة كبيرة في دولة بني أمية .
روى الأوزاعي عن الزهري ، قال : إنما يذهب العلم النسيان ، وترك المذاكرة .
عبد الرزاق : سمعت عبيد الله بن عمر ، يقول : أردت أطلب العلم ، فجعلت آتي مشايخ آل عمر ، فأقول : ما سمعت من سالم ؟ فكلما أتيت رجلا منهم ، قال : عليك بابن شهاب ، فإنه كان يلزمه . قال : وابن شهاب يومئذ ، كان بالشام ، فلزمت نافعا فجعل الله في ذلك خيرا كثيرا .
عنبسة عن يونس ، عن ابن شهاب ، قال : قال لي سعيد بن المسيب : ما مات من ترك مثلك .
مفضل بن فضالة ، عن عقيل ، قال : رأيت على خاتم ابن شهاب : محمد يسأل الله العافية .
إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثنا داود بن عبد الله ، سمعت مالكا يقول : كان ابن شهاب من أسخى الناس ، فلما أصاب تلك الأموال ، قال له مولى له وهو يعظه : قد رأيت ما مر عليك من الضيق ، فانظر كيف تكون ، أمسك عليك مالك ، قال : إن الكريم لا تحنكه التجارب .
نعيم بن حماد : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ، قال : القراءة على العالم والسماع منه سواء إن شاء الله .
قال عبيد الله بن عمر : دفعت إلى ابن شهاب كتابا نظر فيه فقال : اروه عني . إبراهيم بن أبي سفيان القيسراني : حدثنا الفريابي ، سمعت الثوري ، يقول : أتيت الزهري فتثاقل علي ، فقلت له : أتحب لو أنك أتيت مشايخ ، فصنعوا بك مثل هذا ؟ فقال : كما أنت ، ودخل ، فأخرج إلي كتابا ، فقال : خذ هذا فاروه عني ، فما رويت عنه حرفا .
معمر ، عن الزهري ، قال : إعادة الحديث أشد من نقل الصخر .
عبد الوهاب بن عطاء : حدثنا الحسن بن عمارة ، قال : أتيت الزهري بعد أن ترك الحديث ، فألفيته على بابه ، فقلت : إن رأيت أن تحدثني ، قال : أما علمت أني قد تركت الحديث ؟ فقلت : إما أن تحدثني ، وإما أن أحدثك ، فقال : حدثني ، فقلت : حدثني الحكم ، عن يحيى بن الجزار ، سمع عليا -رضي الله عنه- يقول : ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا ، حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا . قال : فحدثني بأربعين حديثا .
قال يحيى بن سعيد القطان : مرسل الزهري شر من مرسل غيره ، لأنه حافظ ، وكل ما قدر أن يسمي سمى ، وإنما يترك من لا يحب أن يسميه .
قلت : مراسيل الزهري كالمعضل ، لأنه يكون قد سقط منه اثنان ، ولا يسوغ أن نظن به أنه أسقط الصحابي فقط ، ولو كان عنده عن صحابي لأوضحه ولما عجز عن وصله ، ولو أنه يقول : عن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن عد مرسل الزهري كمرسل سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير ونحوهما ، فإنه لم يدر ما يقول ، نعم مرسله كمرسل قتادة ونحوه .
أبو حاتم : حدثنا أحمد بن أبي شريح ، سمعت الشافعي ، يقول : إرسال الزهري ، ليس بشيء لأنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم .
زيد بن يحيى الدمشقي : حدثنا علي بن حوشب ، عن مكحول ، وذكر الزهري ، فقال : أي رجل هو لولا أنه أفسد نفسه بصحبة الملوك ، قلت : بعض من لا يعتد به لم يأخذ عن الزهري لكونه كان مداخلا للخلفاء ، ولئن فعل ذلك فهو الثبت الحجة . وأين مثل الزهري -رحمه الله .
سلام بن أبي مطيع ، عن أيوب السختياني ، قال : لو كنت كاتبا عن أحد لكتبت عن ابن شهاب ، قلت : قد أخذ عنه أيوب قليلا . يعقوب السدوسي : حدثني الحلواني ، حدثنا الشافعي ، حدثنا عمي ، قال : دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك ، فقال : يا سليمان : من الذي تولى كبره منهم ؟ قال : عبد الله بن أبي بن سلول ، قال : كذبت ، هو علي ، فدخل ابن شهاب ، فسأله هشام ، فقال : هو عبد الله بن أبي ، قال : كذبت هو علي ، فقال : أنا أكذب لا أبالك ، فوالله لو نادى مناد من السماء ، إن الله أحل الكذب ما كذبت ، حدثني سعيد وعروة وعبيد وعلقمة بن وقاص ، عن عائشة : أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ، قال : فلم يزل القوم يعرون به ، فقال له هشام : ارحل فوالله ما كان ينبغي لنا أن نحمل على مثلك ، قال : ولم ؟ أنا اغتصبتك على نفسي ، أو أنت اغتصبتني على نفسي ؟ فخل عني ، فقال له : لا . ولكنك استدنت ألفي ألف ، فقال : قد علمت ، وأبوك قبلك أني ما استدنت هذا المال عليك ولا على أبيك ، فقال هشام : إنا نهيج الشيخ . فأمر فقضى عنه ألف ألف فأخبر بذلك ، فقال : الحمد لله الذي هذا هو من عنده .
قال عمي : ونزل ابن شهاب بماء من المياه . فالتمس سلفا فلم يجد ، فأمر براحلته فنحرت ، ودعا إليها أهل الماء ، فمر به عمه فدعاه إلى الغداء ، فقال : يا ابن أخي : إن مروءة سنة تذهب بذل الوجه ساعة ، قال : يا عم انزل فاطعم ، وإلا فامض راشدا .
ونزل مرة بماء ، فشكا إليه أهل الماء ، أن لنا ثماني عشرة امرأة عمرية أي : لهن أعمار ليس لهن خادم ، فاستسلف ابن شهاب ثمانية عشر ألفا ، وأخدم كل واحدة خادما بألف .
قال سعيد بن عبد العزيز : قضى هشام عن الزهري سبعة آلاف دينار ، وقال : لا تعد لمثلها تدان ، فقال : يا أمير المؤمنين ، حدثني سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين .
قال إسحاق بن الطباع ، عن مالك : قال الزهري : وجدنا السخي لا تنفعه التجارب .
يونس بن عبد الأعلى : سمعت الشافعي ، يقول : مر رجل تاجر بالزهري وهو بقريته ، والرجل يريد الحج ، فأخذ منه بأربع مائة دينار إلى أن يرجع من حجه ، فلم يبرح الزهري حتى فرقه ، فعرف الزهري في وجه التاجر الكراهية ، فلما رجع ، قضاه ، وأمر له بثلاثين دينارا ينفقها .
علي بن حجر : حدثنا الوليد الموقري ، قال : قيل للزهري : إنهم يعيبون عليك كثرة الدين ، قال : وكم ديني ؟ قيل : عشرون ألف دينار ، قال : ليس كثيرا وأنا مليء لي خمسة أعين كل عين منها ثمن أربعين ألف دينار . سويد بن سعيد : حدثنا ضمام ، عن عقيل بن خالد ، أن ابن شهاب كان يخرج إلى الأعراب يفقههم ، فجاء أعرابي وقد نفد ما بيده ، فمد الزهري يده إلى عمامتي فأخذها فأعطاه ، وقال : يا عقيل أعطيك خيرا منها .
أبو مسهر : حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، قال : كنا نأتي الزهري بالراهب وهي محلة قبلي دمشق ، فيقدم لنا كذا وكذا لونا .
سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد قال : كان الزهري يحدث ثم يقول : هاتوا من أشعاركم وأحاديثكم ، فإن الأذن مجاجة وإن للنفس حمضة . معمر ، عن الزهري ، قال : إذا طال المجلس ، كان للشيطان فيه نصيب .
قال محمد بن إشكاب ، كان الزهري جنديا ، قلت : كان في رتبة أمير .
قال إسحاق المسيبي المقرئ ، عن نافع بن أبي نعيم أنه عرض القرآن الزهري .
قلت : وكان الزهري يوصف بالعبادة ، فروى معن بن عيسى ، حدثني المنكدر بن محمد ، قال : رأيت بين عيني الزهري أثر السجود . قال الليث بن سعد : كان للزهري قبة معصفرة ، وعليه ملحفة معصفرة .
الوليد بن مسلم : حدثني القاسم بن هزان ، سمع الزهري يقول : لا يرضي الناس قول عالم لا يعمل ، ولا عمل عامل لا يعلم . القاسم : ثقة . وعن أبي الزناد قال : كان الزهري يقدح أبدا عند هشام في الوليد بن يزيد ويعيبه ، ويذكر أمورا عظيمة حتى يذكر الصبيان ، وأنهم يخضبون بالحناء ، ويقول لهشام : ما يحل لك إلا خلعه ، فكان هشام لا يستطيع ذلك للعقد الذي عقد له ، ولا يكره ما صنع الزهري رجاء أن يؤلب عليه الناس ، فكنت يوما عنده في ناحية الفسطاط ، أسمع ذم الزهري للوليد ، فجاء الحاجب ، فقال : هذا الوليد بالباب ، قال : أدخله ، فأوسع له هشام على فراشه ، وأنا أعرف في وجه الوليد الغضب والشر ، فلما استخلف الوليد بعث إلي وإلى ابن المنكدر ، وابن القاسم ، وربيعة ، قال : فأرسل إلي ليلة مخليا وقدم العشاء ، وقال : حديث حسن يا ابن ذكوان ، أرأيت يوم دخلت على الأحول وأنت عنده ، والزهري يقدح في ، أفتحفظ من كلامه شيئا ؟ قلت : يا أمير المؤمنين ، أذكر يوم دخلت والغضب في وجهك أعرفه ، قال : كان الخادم الذي رأيت على رأس هشام ينقل ذلك كله إلي وأنا على الباب قبل أن أدخل إليكم ، وأخبرني أنك لم تنطق بشيء ، قلت : نعم ، قال : قد كنت عاهدت الله ، لئن أمكنني الله القدرة بمثل هذا اليوم أن أقتل الزهري . رواها الواقدي عن أبي الزناد ، عن أبيه .
وقال الواقدي : حدثنا ابن أخي الزهري ، قال : كان عمي قد اتعد هو وابن هشام بن عبد الملك ، وكان الوليد يتلهف لو قبض عليه ، الوليد بن مسلم : حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، أنبأنا الزهري ، قال لهشام : اقض ديني ، قال : وكم هو ؟ قال : ثمانية عشر ألف دينار ، قال : إني أخاف إن قضيتها عنك أن تعود ، فقال : قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين فقضاها عنه . قال : فما مات الزهري حتى استدان مثلها . فبيعت شغب فقضي دينه . العدني : حدثنا سفيان ، قال : رأيت مالك بن أنس وعبيد الله بن عمر ، أتيا الزهري بمكة ، فكلماه يعرضان عليه ، فقال الزهري : إني أريد المدينة وطريقي عليكما ، تأتيان إن شاء الله . قال : وكان عبيد الله هو المتكلم ومالك معه ساكت ، ولم يسمعا عليه بمكة شيئا .
قال معمر : أتيت الزهري بالرصافة فجالسته . الليث ، عن معاوية بن صالح ، أن أبا جبلة حدثه قال : كنت مع ابن شهاب في سفر ، فصام يوم عاشوراء ، فقيل له : لم تصوم وأنت تفطر في رمضان في السفر ؟ قال : إن رمضان له عدة من أيام أخر ، وإن عاشوراء يفوت . أبو مسهر : حدثنا يحيى بن حمزة ، قال الزهري : ثلاث إذا كن في القاضي ، فليس بقاض : إذا كره الملام ، وأحب المحامد ، وكره العزل .
يحيى بن أيوب ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن شهاب قال : لا تناظر بكتاب الله ، ولا بكلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
قال عبد الرحمن بن القاسم ، عن مالك قال : قدم ابن شهاب المدينة ، فأخذ بيد ربيعة ، ودخلا إلى بيت الديوان ، فما خرجا إلى العصر . فقال ابن شهاب : ما ظننت أن بالمدينة مثلك ، وخرج ربيعة وهو يقول : ما ظننت أن أحدا بلغ من العلم ما بلغ ابن شهاب .
ابن أبي رواد ، عن ابن شهاب قال : العمائم تيجان العرب ، والحبوة حيطان العرب ، والاضطجاع في المسجد رباط المؤمنين .
يونس ، عن ابن شهاب قال : الإيمان بالقدر نظام التوحيد ، فمن وحد ولم يؤمن بالقدر ، كان ذلك ناقضا توحيده .
سعيد بن أبي مريم : حدثنا يحيى بن أيوب ونافع بن يزيد قالا : حدثنا عقيل ، عن ابن شهاب قال : من سنة الصلاة أن تقرأ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ثم فاتحة الكتاب ، ثم تقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم تقرأ سورة ، فكان ابن شهاب يقرأ أحيانا سورة مع الفاتحة ، يفتتح كل سورة منها ببسم الله الرحمن الرحيم ، وكان يقول : أول من قرأ بسم الله الرحمن الرحيم سرا بالمدينة : عمرو بن سعيد بن العاص ، وكان رجلا حييا .
ابن أبي يونس : سمعت مالكا يقول : إن هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذونه . لقد أدركت في المسجد سبعين ممن يقول : قال فلان ، قال رسول الله ، وإن أحدهم لو ائتمن على بيت مال ، لكان به أمينا . فما أخذت منهم شيئا ؛ لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن ويقدم علينا الزهري وهو شاب فنزدحم على بابه .
قلت : كان مالكا انخدع بخضاب الزهري فظنه شابا . رواها أبو إسماعيل الترمذي ، عن إسماعيل .
محمد بن عباد المكي : حدثنا سفيان ، سمعت الزهري يقول : كنت أحسب أني قد أصبت من العلم ، حتى جالست عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، فكأنما كنت في شعب من الشعاب .
إسحاق بن محمد الفروي : سمعت مالكا يقول : دخلت أنا وموسى بن عقبة ، ومشيخة على ابن شهاب ، فسأله إنسان عن حديث ، فقال : تركتم العلم ، حتى إذا صرتم كالشنان قد تَوَهَّتْ ، طلبتموه ، والله لا جئتم بخير أبدا . فضحكنا . يونس عن ابن شهاب : جالست ابن المسيب حتى ما كنت أسمع منه إلا الرجوع ، يعني : المعاد ، وجالست عبيد الله فما رأيت أغرب منه ، ووجدت عروة بحرا لا تكدره الدلاء .
أبو ضمرة : حدثنا عبيد الله بن عمر ، رأيت ابن شهاب يؤتى بالكتاب ما يقرأه ولا يقرأ عليه ، فنقول : نأخذ هذا عنك ؟ فيقول : نعم . فيأخذونه وما قرأه ولا يرونه . عبد الرحمن بن إسحاق ، عن الزهري قال : ما استعدت حديثا قط ، وما شككت في حديث إلا حديثا واحدا . فسألت صاحبي فإذا هو كما حفظت . قال معمر : قد روى الزهري عن الموالي : سليمان بن يسار ، وطاوس ، والأعرج ونافع مولى ابن عمر ، ونافع مولى أبي قتادة ، وحبيب مولى عروة ، وكثير مولى أفلح . وقلت له : إنهم يقولون : إنك لا تروي عن الموالي . قال : قد رويت عنهم ، ولكن إذا وجدت عن أبناء المهاجرين والأنصار ، فما حاجتي إلى غيرهم . وسمعته يقول : يا أهل العراق ، يخرج الحديث من عندنا شبرا ، ويصير عندكم ذراعا . عطاء بن مسلم الخفاف ، عن عبد الله بن عمر ، عن الزهري قال : حدثت علي بن الحسين بحديث ، فلما فرغت منه ، قال : أحسنت -بارك الله فيك- هكذا حدثناه ، قلت : أراني حدثتك بحديث أنت أعلم به مني ، قال : لا تقل ذاك ، فليس من العلم ما لا يعرف ، إنما العلم ما عرف ، وتواطأت عليه الألسن .
ابن وهب قال : قال مالك : لقد هلك سعيد بن المسيب ، ولم يترك كتابا ، ولا القاسم بن محمد ، ولا عروة ، ولا ابن شهاب ، قلت لابن شهاب وأنا أريد أن أخصمه : ما كنت تكتب ؟ قال : قلت : ولا تسأل أن يعاد عليك الحديث ؟ قال : لا .
قال معمر : كان الزهري إذا ذكر علي بن الحسين ، قال : لم أر في أهل بيته أفضل منه . أيوب بن سويد : حدثنا يونس ، قال الزهري : إياك وغلول الكتب ، قلت : وما غلولها ؟ قال : حبسها .
الأوزاعي ، عن سليمان بن حبيب ، عن عمر بن عبد العزيز قال : ما أتاك به الزهري عن غيره ، فشد يدك به ، وما أتاك به عن رأيه ، فانبذه .
قال ابن المديني : دار علم الثقات على ستة ، فكان بالحجاز الزهري ، وعمرو بن دينار ، وبالبصرة قتادة ، ويحيى بن أبي كثير ، وبالكوفة أبو إسحاق والأعمش . داود بن المحبر ، عن مقاتل بن سليمان ، عن الزهري قال : كان ابن عباس يقول : خمس يورثن النسيان : أكل التفاح ، والبول في الماء الراكد ، والحجامة في القفا ، وإلقاء القملة في التراب ، وسور الفأرة .
قال محمد بن يحيى الذهلي : أبو حميد مولى مسافع عن أبي هريرة ، روى عنه الزهري حديث لتنتقن كما ينتقى التمر .
وحديث إياكم ومحقرات الأعمال رواهما يونس بن يزيد عنه .
أحمد بن عبد العزيز الرملي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، سمعت الزهري لما حدث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن قلت له : فما هو ؟ قال : من الله القول ، وعلى الرسول البلاغ ، وعلينا التسليم ، أَمِرُّوا حديث رسول الله كما جاء -بلا كيف .
محمد بن ميمون المكي : حدثنا ابن عيينة ، قال : أتيت الزهري ، وهو عند سارية عند باب الصفا ، فجلست بين يديه ، فقال : يا بني قرأت القرآن ؟ قلت : بلى . قال : تعلمت الفرائض ؟ قلت : بلى . قال : كتبت الحديث ؟ قلت : بلى . يعني عن أبي إسحاق الهمداني . قال : أبو إسحاق إسناد .
ضمرة بن ربيعة ، عن رجاء بن أبي سلمة ، عن أبي رزين ، سمعت الزهري يقول : أعيا الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من منسوخه .
وعن إسماعيل المكي : سمعت الزهري يقول : من سره أن يحفظ الحديث فليأكل الزبيب ، قال الحاكم : لأن زبيب الحجاز حار حلو رقيق فيه يبس مقطع للبلغم .
أيوب بن سويد ، عن يونس ، عن الزهري ، قال لي القاسم : أراك تحرص على الطلب ، أفلا أدلك على وعائه ؟ قلت : بلى . قال : عليك بعمرة بنت عبد الرحمن ، فإنها كانت في حجر عائشة ، فأتيتها ، فوجدتها بحرا لا ينزف .
قال الشافعي : قال ابن عيينة : حدث الزهري يوما بحديث ، فقلت : هاته بلا إسناد ، قال : أترقى السطح بلا سلم ؟ .
عن الوليد بن عبيد الله العجلي ، عن الزهري قال : الحافظ لا يولد إلا في كل أربعين سنة مرة .
يونس بن محمد : حدثنا أبو أويس ، سألت الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث ، فقال : إن هذا يجوز في القرآن فكيف به في الحديث ؟ إذا أصيب معنى الحديث ، ولم يحل به حراما ، ولم يحرم به حلالا ، فلا بأس ، وذلك إذا أصيب معناه .
أخبرنا أحمد بن إسحاق الزاهد ، أنبأنا محمد بن هبة الله بن عبد العزيز المراتبي ببغداد ، أنبأنا عمي محمد بن عبد العزيز الدينوري سنة تسع وثلاثين وخمس مائة ، أنبأنا عاصم بن الحسن ، أنبأنا عبد الواحد بن محمد ، حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ، حدثنا أحمد بن إسماعيل ، حدثنا مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عمرة بنت عبد الرحمن ، عن عائشة ، أنها قالت : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأُرجِّله ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان .
أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي ، أنبأنا الفتح بن عبد السلام ، أنبأنا هبة الله بن الحسين ، أنبأنا أحمد بن محمد بن النقور ، حدثنا عيسى بن علي ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد ، حدثنا منصور بن أبي مزاحم ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- : رأى في يد رجل خاتما من ذهب ، فضرب إصبعه حتى ألقاه ، ورأى على أم سلمة قُرْطَيْ ذَهبٍ ، فأعرض عنها ، حتى رمت بهما هكذا أرسله منصور .
وبالإسناد إلى أبي القاسم هو البغوي ، حدثنا بشر بن الوليد ، حدثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري ، عن أنس ، أنه أبصر على النبي -صلى الله عليه وسلم- خاتم وَرِقٍ يوما واحدا ، فصنع الناس خواتيمهم من وَرِقٍ فلبسوها ، فطرح النبي -صلى الله عليه وسلم- خاتمه ، وطرحوا خواتيمهم ، ورأى في يد رجل خاتما فضرب إصبعه حتى رمى به .
أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي ، وأحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء قراءة ، عن عبد المعز بن محمد ، أنبأنا أبو الفضل محمد بن إسماعيل ، أنبأنا محلم بن إسماعيل ، أنبأنا الخليل بن أحمد السجزي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا قتيبة ، حدثنا المفضل ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- : كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة ، جمع كفيه ، ثم نفث فيهما ، فقرأ فيهما قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثم مسح بهما ما استطاع من جسده ، بدأ بهما على رأسه ووجهه ، وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات أخرجه البخاري عن قتيبة بن سعيد مثله .
وقد وقع لنا جملة صالحة من عالي حديث الزهري ، وقد طالت هذه الترجمة وبقيت أشياء ، والله الموفق .
قال محمد بن سعد : أخبرني الحسين بن المتوكل العسقلاني ، قال : رأيت قبر الزهري بأدما وهي خلف شغب وبدا وهي أول عمل فلسطين ، وآخر عمل الحجاز ، وبها ضيعة للزهري ، رأيت قبره مسنما مجصصا .
قال يحيى القطان : توفي الزهري سنة أربع أو ثلاث وعشرين ومائة تابعه أبو عبيد ، ويحيى بن معين .
وقال عدة : مات سنة أربع قال معن بن عيسى : حدثنا ابن أخي الزهري ، أن عمه مات سنة أربع وكذا قال إبراهيم بن سعد ، وابن عيينة ، زاد الواقدي : وهو ابن اثنتين وسبعين سنة .
وقال ابن سعد وخليفة والزبير : مات لسبع عشرة خلت من رمضان سنة أربع وعشرين . وشذ أبو مسهر ، فقال : مات سنة خمس .
محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ، الإمام العلم ، حافظ زمانه أبو بكر القرشي الزهري المدني نزيل الشام .
روى عن ابن عمر ، وجابر بن عبد الله شيئا قليلا ، ويحتمل أن يكون سمع منهما ، وأن يكون رأى أبا هريرة وغيره ، فإن مولده فيما قاله دحيم وأحمد بن صالح في سنة خمسين . وفيما قاله خليفة بن خياط : سنة إحدى وخمسين وروى عنبسة : حدثنا يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، قال : وفدت إلى مروان ، وأنا محتلم ، فهذا مطابق لما قبله ، وأبى ذلك يحيى بن بكير ، وقال : ولد سنة ست وخمسين . حتى قال له يعقوب الفسوي ، فإنهم يقولون : إنه وفد إلى مروان ، فقال : هذا باطل ، إنما خرج إلى عبد الملك بن مروان ، وقال : لم يكن عنبسة موضعا لكتابة الحديث .
قال أحمد العجلي : سمع ابن شهاب من ابن عمر ثلاثة أحاديث ، وقال عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، قال : سمع الزهري من ابن عمر حديثين .
قلت : وروى عن سهل بن سعد ، وأنس بن مالك ، ولقيه بدمشق ، والسائب بن يزيد ، وعبد الله بن ثعلبة بن صعير ، ومحمود بن الربيع ، ومحمود بن لبيد ، وسنين أبى جميلة وأبي الطفيل عامر ، وعبد الرحمن بن أزهر ، وربيعة بن عباد الديلى ، وعبد الله بن عامر بن ربيعة ، ومالك بن أوس بن الحدثان ، وسعيد بن المسيب ، وجالسه ثماني سنوات ، وتفقه به ، وعلقمة بن وقاص ، وكثير بن العباس ، وأبي أمامة بن سهل ، وعلي بن الحسين ، وعروة بن الزبير ، وأبي إدريس الخولاني ، وقبيصة بن ذؤيب ، وعبد الملك بن مروان ، وسالم بن عبد الله ، ومحمد بن جبير بن مطعم ، ومحمد بن النعمان بن بشير ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وعثمان بن إسحاق العامري ، وأبي الأحوص مولى بني ثابت ، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، والقاسم بن محمد ، وعامر بن سعد ، وخارجة بن زيد بن ثابت ، وعبد الله بن كعب بن مالك ، وأبي عمر رجل من بلي له صحبة ، وأبان بن عثمان .
فحديثه عن رافع بن خديج ، وعبادة بن الصامت مراسيل ، أخرجها النسائي ، وله عن أبي هريرة في جامع الترمذي .
قال عبد الززاق : أنبأنا معمر ، عن الزهري ، . قال . كتب عبد الملك إلى الحجاج ، اقتد بابن عمر في مناسكك ، قال : فأرسل إليه يوم عرفة ، إذا أردت أن تروح فأذنا ، قال : فجاء هو وسالم وأنا معهما حين زاغت الشمس ، فقال : ما يحبسه ، فلم ينشب أن خرج الحجاج ، فقال : إن أمير المؤمنين ، كتب إلي أن أقتدي بك ، وآخذ عنك . قال : إن أردت السنة ، فأوجز الخطبة والصلاة ، قال الزهرى : وكنت يومئذ صائما ، فلقيت من الحر شدة .
قلت : حدث عنه عطاء بن أبي رباح ، وهو أكبر منه ، وعمر بن عبد العزيز ، ومات قبله ببضع وعشرين سنة ، وعمرو بن دينار ، وعمرو بن شعيب ، وقتادة بن دعامة ، وزيد بن أسلم ، وطائفة من أقرانه ، ومنصور بن المعتمر ، وأيوب السختياني ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وأبو الزناد ، وصالح بن كيسان ، وعقيل بن خالد ، ومحمد بن الوليد الزبيدي ، ومحمد بن أبى حفصة ، وبكر بن وائل ، وعمرو بن الحارث ، وابن جريج ، وجعفر بن برقان ، وزياد بن سعد ، وعبد العزيز بن الماجشون ، وأبو أويس ، ومعمر بن راشد ، والأوزاعي ، وشعيب بن أبي حمزة ، ومالك بن أنس ، والليث بن سعد ، وإبراهيم بن سعد ، وسعيد بن عبد العزيز ، وفليح بن سليمان ، وابن أبي ذئب ، وابن إسحاق ، وسفيان بن حسين ، وصالح بن أبي الأخضر ، وسليمان بن كثير ، وهشام بن سعد ، وهشيم بن بشير ، وسفيان بن عيينة ، وأمم سواهم .
قال علي بن المديني : له نحو من ألفي حديث . وقال أبو داود : حديثه ألفان ومائتا حديث ، النصف منها مسند .
أبو صالح ، عن الليث بن سعد ، قال : ما رأيت عالما قط أجمع من ابن شهاب ، يحدث في الترغيب ، فتقول : لا يحسن إلا هذا ، وإن حدث عن العرب والأنساب ، قلت : لا يحسن إلا هذا ، وإن حدث عن القرآن والسنة ، كان حديثه .
وقال الليث : قدم ابن شهاب على عبد الملك سنة اثنتين وثمانين . الذهلي : حدثنا أبو صالح ، حدثنا العطاف بن خالد ، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة ، عن ابن شهاب ، قال : أصاب أهل المدينة حاجة زمان فتنة عبد الملك فعمت ، فقد خيل إلي أنه أصابنا أهل البيت من ذلك ما لم يصب أحدا ، فتذكرت : هل من أحد أخرج إليه ، فقلت : إن الرزق بيد الله ثم خرجت إلى دمشق ، ثم غدوت إلى المسجد ، فاعتمدت إلى أعظم مجلس رأيته ، فجلست إليهم فبينا نحن كذلك إذ أتى رسول عبد الملك فذكر قصة ستأتي بمعناها ، وأن عبد الملك فرض له .
قال أبو الزناد : كنا نطوف مع الزهري على العلماء ومعه الألواح والصحف ، يكتب كلما سمع .
إبراهيم بن المنذر : حدثنا يحيى بن محمد بن حكم ، حدثنا ابن أبي ذئب ، قال : ضاقت حال ابن شهاب ، ورهقه دين ، فخرج إلى الشام ، فجالس قبيصة بن ذؤيب ، قال ابن شهاب : فبينا نحن معه نسمر فجاءه رسول عبد الملك ، فذهب إليه ، ثم رجع إلينا فقال : من منكم يحفظ قضاء عمر -رضي الله عنه- في أمهات الأولاد ؟ قلت : أنا . قال : قم فأدخلني على عبد الملك بن مروان ، فإذا هو جالس على نمرقة بيده مخصرة وعليه غلالة ملتحف بسبيبة بين يديه شمعة ، فسلمت ، فقال من أنت ؟ فانتسبت له فقال : إن كان أبوك لنعارا في الفتن قلت : يا أمير المؤمنين عفا الله عما سلف ، قال : اجلس ، فجلست ، قال : تقرأ القرآن ؟ قلت : نعم ، قال : فما تقول في امرأة تركت زوجها وأبويها ؟ .
قلت : لزوجها النصف ، ولأمها السدس ، ولأبيها ما بقي ، قال : أصبت الفرض ، وأخطأت اللفظ ، إنما لأمها ثلث ما بقي ، ولأبيها ما بقي . هات حديثك ، قلت : حدثني سعيد بن المسيب فذكر قضاء عمر في أمهات الأولاد . فقال عبد الملك : هكذا حدثني سعيد . قلت : يا أمير المؤمنين اقض ديني ، قال : نعم . قلت : وتفرض لى ، قال : لا والله لا نجمعهما لأحد ، قال : فتجهزت إلى المدينة . وروى نحوا منها سعيد بن عفير ، عن عطاف بن خالد كما مضى .
أحمد بن شبيب ، عن أبيه ، عن يونس ، قال ابن شهاب : قدمت دمشق زمان تحرك ابن الأشعث ، وعبد الملك يومئذ مشغول بشأنه . وروى سعيد بن عفير : حدثنا حفص بن عمران ، عن السري بن يحيى ، عن ابن شهاب ، قال : قدمت الشام : أريد الغزو فأتيت عبد الملك فوجدته في قبة على فرش ، يفوت القائم ، والناس تحته سماطان .
ابن سعد : حدثنا محمد بن عمر ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز ، سمعت الزهري ، يقول : نشأت وأنا غلام ، لا مال لي ، ولا أنا في ديوان ، وكنت أتعلم نسب قومي من عبد الله بن ثعلبة بن صعير ، وكان عالما بذلك وهو ابن أخت قومي وحليفهم . فأتاه رجل ، فسأله عن مسألة من الطلاق فعي بها وأشار له إلى سعيد بن المسيب . فقلت في نفسي : ألا أراني مع هذا الرجل المسن يذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسح رأسه ، ولا يدري ما هذا ؟ ! فانطلقت مع السائل إلى سعيد بن المسيب ، وتركت ابن ثعلبة ، وجالست عروة ، وعبيد الله ، وأبا بكر بن عبد الرحمن حتى فقهت ، فرحلت إلى الشام ، فدخلت مسجد دمشق في السحر ، وأممت حلقة وجاه المقصورة عظيمة ، فجلست فيها . فنسبني القوم ، فقلت : رجل من قريش ، قالوا : هل لك علم بالحكم في أمهات الأولاد ؟ فأخبرتهم بقول عمر بن الخطاب ، فقالوا : هذا مجلس قبيصة بن ذؤيب وهو حاميك ، وقد سأله أمير المؤمنين ، وقد سألنا فلم يجد عندنا في ذلك علما ، فجاء قبيصة فأخبروه الخبر ، فنسبني فانتسبت ، وسألني عن سعيد بن المسيب ونظرائه ، فأخبرته . قال : فقال : أنا أدخلك على أمير المؤمنين ، فصلى الصبح ، ثم انصرف فتبعته ، فدخل على عبد الملك ، وجلست على الباب ساعة ، حتى ارتفعت الشمس ، ثم خرج الآذن ، فقال : أين هذا المديني القرشي ؟ قلت : ها أناذا ، فدخلت معه على أمير المؤمنين فأجد بين يديه المصحف قد أطبقه ، وأمر به فرفع ، وليس عنده غير قبيصة جالسا ، فسلمت عليه بالخلافة ، فقال : من أنت ؟ قلت : محمد بن مسلم.
وساق آباءه إلى زهرة ، فقال : أوه قوم نعارون في الفتن ، قال : وكان مسلم بن عبيد الله مع ابن الزبير ، ثم قال : ما عندك في أمهات الأولاد ؟ فأخبرته عن سعيد ، فقال : كيف سعيد ، وكيف حاله ؟ فأخبرته ، ثم قلت : وأخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، فسأل عنه ، ثم حدثته الحديث في أمهات الأولاد عن عمر . فالتفت إلى قبيصة فقال : هذا يكتب به إلى الآفاق ، فقلت : لا أجده أخلى منه الساعة ، ولعلي لا أدخل بعدها . فقلت : إن رأى أمير المؤمنين أن يصل رحمي ، وأن يفرض لي فعل ، قال : إيهًا الآن انهض لشأنك ، فخرجت والله مؤيسا من كل شيء خرجت له ، وأنا يومئذ مقل مرمل ، ثم خرج قبيصة فأقبل علي لائما لي ، وقال : ما حملك على ما صنعت من غير أمري ؟ قلت : ظننت والله أني لا أعود إليه ، قال : ائتني في المنزل ، فمشيت خلف دابته ، والناس يكلمونه ، حتى دخل منزله فقلما لبث حتى خرج إلي خادم بمائة دينار ، وأمر لي ببغلة وغلام وعشرة أثواب ، ثم غدوت إليه من الغد على البغلة ، ثم أدخلني على أمير المؤمنين ، وقال : إياك أن تكلمه بشيء وأنا أكفيك أمره . قال : فسلمت ، فأومأ إلي أن اجلس ، ثم جعل يسألني عن أنساب قريش ، فلهو كان أعلم بها مني ، وجعلت أتمنى أن يقطع ذلك لتقدمه علي في النسب ، ثم قال لي : قد فرضت لك فرائض أهل بيتك ، ثم أمر قبيصة أن يكتب ذلك في الديوان ، ثم قال : أين تحب أن يكون ديوانك مع أمير المؤمنين هاهنا أم في بلدك ؟
قلت : يا أمير المؤمنين أنا معك . ثم خرج قبيصة ، فقال : إن أمير المؤمين أمر أن تثبت في صحابته ، وأن يجري عليك رزق الصحابة ، وأن يرفع فريضتك إلى أرفع منها ، فألزم باب أمير المؤمنين ، وكان على عرض الصحابة رجل ، فتخلفت يوما أو يومين ، فجبهني جبها شديدا ، فلم أتخلف بعدها ، قال : وجعل يسألني عبد الملك : من لقيت ؟ فأذكر من لقيت من قريش ، قال : أين أنت عن الأنصار ، فإنك واجد عندهم علما ، أين أنت عن ابن سيدهم خارجة بن زيد ، وسمى رجالا منهم .
قال : فقدمت المدينة فسألتهم ، وسمعت منهم . قال : وتوفي عبد الملك ، فلزمت ابنه الوليد ، ثم سليمان ، ثم عمر بن عبد العزيز ، ثم يزيد ، فاستقضى يزيد بن عبد الملك على قضائه الزهري ، وسليمان بن حبيب المحاربي جميعا . قال : ثم لزمت هشام بن عبد الملك ، وصير هشام الزهري مع أولاده ، يعلمهم ويحج معهم ابن وهب : حدثني يعقوب بن عبد الرحمن ، قال : رأيته رجلا قصيرا قليل اللحية ، له شعيرات طوال خفيف العارضين ، يعني : الزهري . معن بن عيسى ، عن ابن أخي الزهري ، قال : جمع عمي القرآن في ثمانين ليلة .
الحميدي عن سفيان ، قال : رأيت الزهري أحمر الرأس واللحية في حمرتها انكفاء ، كأنه يجعل فيها كتما ، وكان رجلا أعيمش ، وله جمة ، قدم علينا سنة ثلاث وعشرين ومائة فأقام إلى هلال الحرم سنة أربع وأنا يومئذ ابن ست عشرة سنة . معمر عن الزهري ، قال : مست ركبتي ركبة سعيد بن المسيب ثماني سنين .
الزبير في "النسب" له : حدثني محمد بن حسن عن مالك ، عن ابن شهاب ، قال : كنت أخدم عبيد الله بن عبد الله ، حتى إن كنت أستقي له الماء المالح ، وكان يقول لجاريته من بالباب ؟ فتقول : غلامك الأعمش .
روى ابراهيم بن سعد ، عن أبيه ، قال : ما سبقنا ابن شهاب من العلم بشيء ، إلا أنه كان يشد ثوبه عند صدره ويسأل عما يريد ، وكنا تمنعنا الحداثة . ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال : كنا نكتب الحلال والحرام ، وكان ابن شهاب يكتبك لما سمع ، فلما احتيج إليه ، علمت أنه أعلم الناس ، وبصر عيني به ومعه ألواح أو صحف ، يكتب فيها الحديث ، وهو يتعلم يومئذ . وعن أبي الزناد ، قال : كنت أطوف أنا والزهري ومعه الألواح والصحف فكنا نضحك به .
ابن وهب ، عن الليث ، كان ابن شهاب ، يقول : ما استودعت قلبي شيئا قط فنسيته ، وكان يكره أكل التفاح ، وسؤر الفأر ، وكان يشرب العسل ويقول : إنه يذكر . ولفائد بن أقرم يمدح الزهري : ذر ذا وأثـن على الكريم محمـد
واذكـر فواضلـه علـى الأصحاب وإذا يقال: مـن الجـواد بمالـه؟
قيـل : الجـواد محمد بن شهـاب أهـل المـدائن يعرفـون مكانـه
وربيـع ناديـه علـى الأعــراب ابن مهدي : سمعت مالكا يقول : حديث الزهري يوما بحديث ، فلما قام قمت فأخذت بعنان دابته ، فاستفهمته ، فقال : تستفهمني ؟ ! ما استفهمت عالما قط ، ولا رددت شيئا على عالم قط .
ابن المديني : سمعت عبد الرحمن ، يقول : قال مالك ، حدثنا الزهري بحديث طويل ، فلم أحفظه ، فسألته عنه ، فقال : أليس قد حدثتكم به ؟ قلنا : بلى ، قلت : كنت تكتب ؟ قال : لا . قلت : أما كنت تستعيد ؟ قال : لا . ورواها الإمام أحمد ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، تابعه ابن وهب .
قال عثمان الدارمي ، حدثنا موسى بن محمد البلقاوي ، سمعت مالكا ، يقول : حدث الزهري بمائة حديث ، ثم التفت إلي ، فقال : كم حفظت يا مالك ؟ قلت : أربعين . فوضع يده على جبهته ، ثم قال : إنا لله كيف نقص الحفظ . موسى ضعيف . معمر ، عن الزهري : ما قلت لأحد قط : أعد علي . مروان بن محمد ، سمع الليث يقول : تذكر ابن شهاب ليلة بعد العشاء حديثا وهو جالس يتوضأ ، فما زال ذاك مجلسه حتى أصبح . أبو مسهر : حدثنا يزيد بن السمط ، سمعت قرة بن عبد الرحمن ، يقول : لم يكن للزهري كتاب إلا كتاب فيه نسب قومه .
إبراهيم بن سعد : سمعت ابن شهاب ، يقول : أرسل إلي هشام أن اكتب لبني بعض أحاديثك ، فقلت : لو سألتني عن حديثين ما تابعت بينهما ، ولكن إن كنت تريد ، فادع كاتبا ، فإذا اجتمع إلي الناس فسألوني كتبت لهم ، فقال لي : يا أبا بكر ، ما أرانا إلا قد أنقصناك ، قلت : كلا إنما كنت في عرار الأرض الآن هبطت الأودية رواه نوح بن يزيد ، عن إبراهيم ، وزاد فيه : بعث إلى كاتبين فاختلفا إلي سنة ابن وهب : أنبأنا يعقوب بن عبد الرحمن ، أن الزهري ، كان يبتغي العلم من عروة وغيره ، فيأتي جارية له ، وهي نائمة فيوقظها يقول لها : حدثني فلان بكذا ، وحدثني فلان بكذا ، فتقول : مالي ولهذا ؟ فيقول : قد علمت أنك لا تنتفعي به ، ولكن سمعت الآن فأردت أن أستذكره .
أحمد بن أبي الخواري : حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : خرج الزهري من الخضراء من عند عبد الملك ، فجلس عند ذلك العمود ، فقال : يا أيها الناس ، إنا كنا قد منعناكم شيئا قد بذلناه لهؤلاء ، فتعالوا حتى أحدثكم ، قال : فسمعهم يقولون : قال رسول الله ، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : يا أهل الشام : ما لي أرى أحاديثكم ليست لها أزمة ولا خطم ؟ ! قال الوليد : فتمسك أصحابنا بالأسانيد من يومئذ ، وروى نحوها من وجه آخر : أنه كان يمنعهم أن يكتبوا عنه ، فلما ألزمه هشام بن عبد الملك أن يملي على بنيه ، أذن للناس أن يكتبوا . معمر ، عن الزهري ، قال : كنا نكره الكتاب ، حتى أكرهنا عليه الأمراء ، فرأيت أن لا أمنعه مسلما .
عبد الرزاق سمع معمرا يقول : كنا نرى أنا قد أكثرنا عن الزهري ، حتى قتل الوليد ، فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب من خزائنه ، يقول : من علم الزهري . وروى محمد بن الحسن بن زبالة ، عن الدراوردي ، قال : أول من دَوَّنَ العلم وكتبه ابن شهاب . خالد بن نزار الأيلي ، عن سفيان ، قال : كان الزهري أعلم أهل المدينة . عبد الوهاب الثقفي ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال : قال عمر بن عبد العزيز : ما ساق الحديث أحد مثل الزهري . ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، قال : ما رأيت أحدا أنص للحديث من الزهري ، وما رأيت أحدا أهون عنده الدراهم منه ، كانت عنده بمنزلة البعر .
أبو سلمة المنقري : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، قال : جالست ابن عباس ، وابن عمر ، وجابرا ، وابن الزبير ، فلم أر أحدا أنسق للحديث من الزهري .
قال محمد بن سهل بن عسكر : سمعت أحمد بن حنبل ، يقول : الزهري أحسن الناس حديثا ، وأجود الناس إسنادا . وقال أبو حاتم : أثبت أصحاب أنس الزهري .
شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، قال : اختلفت من الحجاز إلى الشام خمسا وأربعين سنة ، فما استطرفت حديثا واحدا ، ولا وجدت من يطرفني حديثا .
ابن عيينة ، عن إبراهيم بن سعد ، سمعت أبي يسأل الزهري عن شيء من الخلع والإيلاء ، فقال : إن عندي لثلاثين حديثا ، ما سألتموني عن شيء منها .
أبو صالح ، عن الليث : كان ابن شهاب ، يختم حديثه بدعاء جامع ، يقول : اللهم أسألك من كل خير أحاط به علمك في الدنيا والآخرة ، وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك في الدنيا والآخرة . وكان من أسخى من رأيت ، كان يعطي ، فإذا فرغ ما معه يستلف من عبيده ، يقول : يا فلان أسلفني كما تعرف ، وأضعف لك كما تعلم ، وكان يطعم الناس الثريد ، ويسقيهم العسل ، وكان يسمر على العسل كما يسمر أهل الشراب على شرابهم ، ويقول : اسقونا وحدثونا . وكان يكثر شرب العسل ، ولا يأكل شيئا من التفاح ، وسمعته يبكي على العلم بلسانه ، ويقول : يذهب العلم ، وكثير ممن كان يعمل به . فقلت له : لو وضعت من علمك عند من ترجو أن يكون خلفا . قال : والله ما نشر أحد العلم نشري ، ولا صبر عليه صبري ، ولقد كنا نجلس إلى ابن المسيب ، فما يستطيع أحد منا أن يسأله عن شيء إلا أن يبتدئ الحديث ، أو يأتي رجل يسأله عن شيء قد نزل به .
روى إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، قال : ما رؤي أحد جمع بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما جمع ابن شهاب الليث ، عن يحيى بن سعيد ، قال : ما بقي عند أحد من العلم ما بقي عند ابن شهاب .
عبد الرزاق : حدثنا معمر ، عن رجل : قال عمر بن عبد العزيز : عليكم بابن شهاب هذا فإنكم لا تلقون أحدا أعلم بالسنة الماضية منه . سعيد بن بشير ، عن قتادة ، ما بقي أحد أعلم بسنة ماضية من ابن شهاب ، وآخر ، كأنه عنى نفسه .
سعيد بن عبد العزيز : سمعت مكحولا ، يقول : ما بقي أعلم بسنة ماضية من ابن شهاب .
وهيب : سمعت أيوب ، يقول : ما رأيت أحدا أعلم من الزهري ، فقال له صخر بن جويرية ، ولا الحسن البصري ؟ فقال : ما رأيت أحدا أعلم من الزهري . الوليد بن مسلم : سمعت سعيد بن عبد العزيز ، يقول : ما كان إلا بحرا ، وسمعت مكحولا ، يقول : ابن شهاب ، أعلم الناس .
وقال ابن عيينة : سمعت أبا بكر الهذلي ، يقول وقد جالس الحسن وابن سيرين : لم أر مثل هذا قط . يعني : الزهري .
وقال العدني : قال ابن عيينة : كانوا يرون يوم مات الزهري ، أنه ليس أحد أعلم بالسنة منه . بقية : عن شعيب بن أبي حمزة ، قيل لمكحول : من أعلم من لقيت ؟ قال : ابن شهاب ، قيل : ثم من ؟ قال : ابن شهاب ، قيل : ثم من ؟ قال : ابن شهاب .
قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : بقي ابن شهاب ، وماله في الناس نظير . وقال معمر : كان الزهري في أصحابه كالحكم بن عتيبة في أصحابه . قال موسى بن إسماعيل : شهدت وهيبا ، وبشر بن المفضل وغيرهما ذكروا الزهري فلم يجدوا أحدا يقيسونه به إلا الشعبي . قال علي بن المديني : أفتى أربعة : الحكم وحماد ، وقتادة ، والزهري ، والزهري عندي أفقههم .
قال سعيد بن عبد العزيز : جعل يزيد الزهري قاضيا مع سليمان بن حبيب . الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن الزهري ، قال : الاعتصام بالسنة نجاة . روى يونس بن يزيد عنه نحوه .
وروى الأوزاعي عنه ، قال : أمروا أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما جاءت . الليث : عن جعفر بن ربيعة ، قلت لعراك بن مالك : من أفقه أهل المدينة ؟ .
قال : أما أعلمهم بقضايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقضايا أبي بكر وعمر وعثمان ، وأفقههم فقها ، وأعلمهم بما مضى من أمر الناس ، فسعيد بن المسيب ، وأما أغزرهم حديثا فعروة ، ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بن عبد الله بحرا إلا فجرته وأعلمهم عندي جميعا ابن شهاب ، فإنه جمع علمهم جميعا إلى علمه .
الحميدي : حدثنا سفيان ، قيل للزهري : لو أنك سكنت المدينة ، ورحت إلى مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقبره ، تعلم الناس منك ، قال : إنه ليس ينبغي أن أفعل حتى أزهد في الدنيا ، وأرغب في الآخرة ، ثم قال سفيان : ومن كان مثل الزهري ؟ .
قلت : كان -رحمه الله- محتشما جليلا بزي الأجناد له صورة كبيرة في دولة بني أمية .
روى الأوزاعي عن الزهري ، قال : إنما يذهب العلم النسيان ، وترك المذاكرة .
عبد الرزاق : سمعت عبيد الله بن عمر ، يقول : أردت أطلب العلم ، فجعلت آتي مشايخ آل عمر ، فأقول : ما سمعت من سالم ؟ فكلما أتيت رجلا منهم ، قال : عليك بابن شهاب ، فإنه كان يلزمه . قال : وابن شهاب يومئذ ، كان بالشام ، فلزمت نافعا فجعل الله في ذلك خيرا كثيرا .
عنبسة عن يونس ، عن ابن شهاب ، قال : قال لي سعيد بن المسيب : ما مات من ترك مثلك .
مفضل بن فضالة ، عن عقيل ، قال : رأيت على خاتم ابن شهاب : محمد يسأل الله العافية .
إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثنا داود بن عبد الله ، سمعت مالكا يقول : كان ابن شهاب من أسخى الناس ، فلما أصاب تلك الأموال ، قال له مولى له وهو يعظه : قد رأيت ما مر عليك من الضيق ، فانظر كيف تكون ، أمسك عليك مالك ، قال : إن الكريم لا تحنكه التجارب .
نعيم بن حماد : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ، قال : القراءة على العالم والسماع منه سواء إن شاء الله .
قال عبيد الله بن عمر : دفعت إلى ابن شهاب كتابا نظر فيه فقال : اروه عني . إبراهيم بن أبي سفيان القيسراني : حدثنا الفريابي ، سمعت الثوري ، يقول : أتيت الزهري فتثاقل علي ، فقلت له : أتحب لو أنك أتيت مشايخ ، فصنعوا بك مثل هذا ؟ فقال : كما أنت ، ودخل ، فأخرج إلي كتابا ، فقال : خذ هذا فاروه عني ، فما رويت عنه حرفا .
معمر ، عن الزهري ، قال : إعادة الحديث أشد من نقل الصخر .
عبد الوهاب بن عطاء : حدثنا الحسن بن عمارة ، قال : أتيت الزهري بعد أن ترك الحديث ، فألفيته على بابه ، فقلت : إن رأيت أن تحدثني ، قال : أما علمت أني قد تركت الحديث ؟ فقلت : إما أن تحدثني ، وإما أن أحدثك ، فقال : حدثني ، فقلت : حدثني الحكم ، عن يحيى بن الجزار ، سمع عليا -رضي الله عنه- يقول : ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا ، حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا . قال : فحدثني بأربعين حديثا .
قال يحيى بن سعيد القطان : مرسل الزهري شر من مرسل غيره ، لأنه حافظ ، وكل ما قدر أن يسمي سمى ، وإنما يترك من لا يحب أن يسميه .
قلت : مراسيل الزهري كالمعضل ، لأنه يكون قد سقط منه اثنان ، ولا يسوغ أن نظن به أنه أسقط الصحابي فقط ، ولو كان عنده عن صحابي لأوضحه ولما عجز عن وصله ، ولو أنه يقول : عن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن عد مرسل الزهري كمرسل سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير ونحوهما ، فإنه لم يدر ما يقول ، نعم مرسله كمرسل قتادة ونحوه .
أبو حاتم : حدثنا أحمد بن أبي شريح ، سمعت الشافعي ، يقول : إرسال الزهري ، ليس بشيء لأنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم .
زيد بن يحيى الدمشقي : حدثنا علي بن حوشب ، عن مكحول ، وذكر الزهري ، فقال : أي رجل هو لولا أنه أفسد نفسه بصحبة الملوك ، قلت : بعض من لا يعتد به لم يأخذ عن الزهري لكونه كان مداخلا للخلفاء ، ولئن فعل ذلك فهو الثبت الحجة . وأين مثل الزهري -رحمه الله .
سلام بن أبي مطيع ، عن أيوب السختياني ، قال : لو كنت كاتبا عن أحد لكتبت عن ابن شهاب ، قلت : قد أخذ عنه أيوب قليلا . يعقوب السدوسي : حدثني الحلواني ، حدثنا الشافعي ، حدثنا عمي ، قال : دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك ، فقال : يا سليمان : من الذي تولى كبره منهم ؟ قال : عبد الله بن أبي بن سلول ، قال : كذبت ، هو علي ، فدخل ابن شهاب ، فسأله هشام ، فقال : هو عبد الله بن أبي ، قال : كذبت هو علي ، فقال : أنا أكذب لا أبالك ، فوالله لو نادى مناد من السماء ، إن الله أحل الكذب ما كذبت ، حدثني سعيد وعروة وعبيد وعلقمة بن وقاص ، عن عائشة : أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ، قال : فلم يزل القوم يعرون به ، فقال له هشام : ارحل فوالله ما كان ينبغي لنا أن نحمل على مثلك ، قال : ولم ؟ أنا اغتصبتك على نفسي ، أو أنت اغتصبتني على نفسي ؟ فخل عني ، فقال له : لا . ولكنك استدنت ألفي ألف ، فقال : قد علمت ، وأبوك قبلك أني ما استدنت هذا المال عليك ولا على أبيك ، فقال هشام : إنا نهيج الشيخ . فأمر فقضى عنه ألف ألف فأخبر بذلك ، فقال : الحمد لله الذي هذا هو من عنده .
قال عمي : ونزل ابن شهاب بماء من المياه . فالتمس سلفا فلم يجد ، فأمر براحلته فنحرت ، ودعا إليها أهل الماء ، فمر به عمه فدعاه إلى الغداء ، فقال : يا ابن أخي : إن مروءة سنة تذهب بذل الوجه ساعة ، قال : يا عم انزل فاطعم ، وإلا فامض راشدا .
ونزل مرة بماء ، فشكا إليه أهل الماء ، أن لنا ثماني عشرة امرأة عمرية أي : لهن أعمار ليس لهن خادم ، فاستسلف ابن شهاب ثمانية عشر ألفا ، وأخدم كل واحدة خادما بألف .
قال سعيد بن عبد العزيز : قضى هشام عن الزهري سبعة آلاف دينار ، وقال : لا تعد لمثلها تدان ، فقال : يا أمير المؤمنين ، حدثني سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين .
قال إسحاق بن الطباع ، عن مالك : قال الزهري : وجدنا السخي لا تنفعه التجارب .
يونس بن عبد الأعلى : سمعت الشافعي ، يقول : مر رجل تاجر بالزهري وهو بقريته ، والرجل يريد الحج ، فأخذ منه بأربع مائة دينار إلى أن يرجع من حجه ، فلم يبرح الزهري حتى فرقه ، فعرف الزهري في وجه التاجر الكراهية ، فلما رجع ، قضاه ، وأمر له بثلاثين دينارا ينفقها .
علي بن حجر : حدثنا الوليد الموقري ، قال : قيل للزهري : إنهم يعيبون عليك كثرة الدين ، قال : وكم ديني ؟ قيل : عشرون ألف دينار ، قال : ليس كثيرا وأنا مليء لي خمسة أعين كل عين منها ثمن أربعين ألف دينار . سويد بن سعيد : حدثنا ضمام ، عن عقيل بن خالد ، أن ابن شهاب كان يخرج إلى الأعراب يفقههم ، فجاء أعرابي وقد نفد ما بيده ، فمد الزهري يده إلى عمامتي فأخذها فأعطاه ، وقال : يا عقيل أعطيك خيرا منها .
أبو مسهر : حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، قال : كنا نأتي الزهري بالراهب وهي محلة قبلي دمشق ، فيقدم لنا كذا وكذا لونا .
سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد قال : كان الزهري يحدث ثم يقول : هاتوا من أشعاركم وأحاديثكم ، فإن الأذن مجاجة وإن للنفس حمضة . معمر ، عن الزهري ، قال : إذا طال المجلس ، كان للشيطان فيه نصيب .
قال محمد بن إشكاب ، كان الزهري جنديا ، قلت : كان في رتبة أمير .
قال إسحاق المسيبي المقرئ ، عن نافع بن أبي نعيم أنه عرض القرآن الزهري .
قلت : وكان الزهري يوصف بالعبادة ، فروى معن بن عيسى ، حدثني المنكدر بن محمد ، قال : رأيت بين عيني الزهري أثر السجود . قال الليث بن سعد : كان للزهري قبة معصفرة ، وعليه ملحفة معصفرة .
الوليد بن مسلم : حدثني القاسم بن هزان ، سمع الزهري يقول : لا يرضي الناس قول عالم لا يعمل ، ولا عمل عامل لا يعلم . القاسم : ثقة . وعن أبي الزناد قال : كان الزهري يقدح أبدا عند هشام في الوليد بن يزيد ويعيبه ، ويذكر أمورا عظيمة حتى يذكر الصبيان ، وأنهم يخضبون بالحناء ، ويقول لهشام : ما يحل لك إلا خلعه ، فكان هشام لا يستطيع ذلك للعقد الذي عقد له ، ولا يكره ما صنع الزهري رجاء أن يؤلب عليه الناس ، فكنت يوما عنده في ناحية الفسطاط ، أسمع ذم الزهري للوليد ، فجاء الحاجب ، فقال : هذا الوليد بالباب ، قال : أدخله ، فأوسع له هشام على فراشه ، وأنا أعرف في وجه الوليد الغضب والشر ، فلما استخلف الوليد بعث إلي وإلى ابن المنكدر ، وابن القاسم ، وربيعة ، قال : فأرسل إلي ليلة مخليا وقدم العشاء ، وقال : حديث حسن يا ابن ذكوان ، أرأيت يوم دخلت على الأحول وأنت عنده ، والزهري يقدح في ، أفتحفظ من كلامه شيئا ؟ قلت : يا أمير المؤمنين ، أذكر يوم دخلت والغضب في وجهك أعرفه ، قال : كان الخادم الذي رأيت على رأس هشام ينقل ذلك كله إلي وأنا على الباب قبل أن أدخل إليكم ، وأخبرني أنك لم تنطق بشيء ، قلت : نعم ، قال : قد كنت عاهدت الله ، لئن أمكنني الله القدرة بمثل هذا اليوم أن أقتل الزهري . رواها الواقدي عن أبي الزناد ، عن أبيه .
وقال الواقدي : حدثنا ابن أخي الزهري ، قال : كان عمي قد اتعد هو وابن هشام بن عبد الملك ، وكان الوليد يتلهف لو قبض عليه ، الوليد بن مسلم : حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، أنبأنا الزهري ، قال لهشام : اقض ديني ، قال : وكم هو ؟ قال : ثمانية عشر ألف دينار ، قال : إني أخاف إن قضيتها عنك أن تعود ، فقال : قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين فقضاها عنه . قال : فما مات الزهري حتى استدان مثلها . فبيعت شغب فقضي دينه . العدني : حدثنا سفيان ، قال : رأيت مالك بن أنس وعبيد الله بن عمر ، أتيا الزهري بمكة ، فكلماه يعرضان عليه ، فقال الزهري : إني أريد المدينة وطريقي عليكما ، تأتيان إن شاء الله . قال : وكان عبيد الله هو المتكلم ومالك معه ساكت ، ولم يسمعا عليه بمكة شيئا .
قال معمر : أتيت الزهري بالرصافة فجالسته . الليث ، عن معاوية بن صالح ، أن أبا جبلة حدثه قال : كنت مع ابن شهاب في سفر ، فصام يوم عاشوراء ، فقيل له : لم تصوم وأنت تفطر في رمضان في السفر ؟ قال : إن رمضان له عدة من أيام أخر ، وإن عاشوراء يفوت . أبو مسهر : حدثنا يحيى بن حمزة ، قال الزهري : ثلاث إذا كن في القاضي ، فليس بقاض : إذا كره الملام ، وأحب المحامد ، وكره العزل .
يحيى بن أيوب ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن شهاب قال : لا تناظر بكتاب الله ، ولا بكلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
قال عبد الرحمن بن القاسم ، عن مالك قال : قدم ابن شهاب المدينة ، فأخذ بيد ربيعة ، ودخلا إلى بيت الديوان ، فما خرجا إلى العصر . فقال ابن شهاب : ما ظننت أن بالمدينة مثلك ، وخرج ربيعة وهو يقول : ما ظننت أن أحدا بلغ من العلم ما بلغ ابن شهاب .
ابن أبي رواد ، عن ابن شهاب قال : العمائم تيجان العرب ، والحبوة حيطان العرب ، والاضطجاع في المسجد رباط المؤمنين .
يونس ، عن ابن شهاب قال : الإيمان بالقدر نظام التوحيد ، فمن وحد ولم يؤمن بالقدر ، كان ذلك ناقضا توحيده .
سعيد بن أبي مريم : حدثنا يحيى بن أيوب ونافع بن يزيد قالا : حدثنا عقيل ، عن ابن شهاب قال : من سنة الصلاة أن تقرأ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ثم فاتحة الكتاب ، ثم تقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم تقرأ سورة ، فكان ابن شهاب يقرأ أحيانا سورة مع الفاتحة ، يفتتح كل سورة منها ببسم الله الرحمن الرحيم ، وكان يقول : أول من قرأ بسم الله الرحمن الرحيم سرا بالمدينة : عمرو بن سعيد بن العاص ، وكان رجلا حييا .
ابن أبي يونس : سمعت مالكا يقول : إن هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذونه . لقد أدركت في المسجد سبعين ممن يقول : قال فلان ، قال رسول الله ، وإن أحدهم لو ائتمن على بيت مال ، لكان به أمينا . فما أخذت منهم شيئا ؛ لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن ويقدم علينا الزهري وهو شاب فنزدحم على بابه .
قلت : كان مالكا انخدع بخضاب الزهري فظنه شابا . رواها أبو إسماعيل الترمذي ، عن إسماعيل .
محمد بن عباد المكي : حدثنا سفيان ، سمعت الزهري يقول : كنت أحسب أني قد أصبت من العلم ، حتى جالست عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، فكأنما كنت في شعب من الشعاب .
إسحاق بن محمد الفروي : سمعت مالكا يقول : دخلت أنا وموسى بن عقبة ، ومشيخة على ابن شهاب ، فسأله إنسان عن حديث ، فقال : تركتم العلم ، حتى إذا صرتم كالشنان قد تَوَهَّتْ ، طلبتموه ، والله لا جئتم بخير أبدا . فضحكنا . يونس عن ابن شهاب : جالست ابن المسيب حتى ما كنت أسمع منه إلا الرجوع ، يعني : المعاد ، وجالست عبيد الله فما رأيت أغرب منه ، ووجدت عروة بحرا لا تكدره الدلاء .
أبو ضمرة : حدثنا عبيد الله بن عمر ، رأيت ابن شهاب يؤتى بالكتاب ما يقرأه ولا يقرأ عليه ، فنقول : نأخذ هذا عنك ؟ فيقول : نعم . فيأخذونه وما قرأه ولا يرونه . عبد الرحمن بن إسحاق ، عن الزهري قال : ما استعدت حديثا قط ، وما شككت في حديث إلا حديثا واحدا . فسألت صاحبي فإذا هو كما حفظت . قال معمر : قد روى الزهري عن الموالي : سليمان بن يسار ، وطاوس ، والأعرج ونافع مولى ابن عمر ، ونافع مولى أبي قتادة ، وحبيب مولى عروة ، وكثير مولى أفلح . وقلت له : إنهم يقولون : إنك لا تروي عن الموالي . قال : قد رويت عنهم ، ولكن إذا وجدت عن أبناء المهاجرين والأنصار ، فما حاجتي إلى غيرهم . وسمعته يقول : يا أهل العراق ، يخرج الحديث من عندنا شبرا ، ويصير عندكم ذراعا . عطاء بن مسلم الخفاف ، عن عبد الله بن عمر ، عن الزهري قال : حدثت علي بن الحسين بحديث ، فلما فرغت منه ، قال : أحسنت -بارك الله فيك- هكذا حدثناه ، قلت : أراني حدثتك بحديث أنت أعلم به مني ، قال : لا تقل ذاك ، فليس من العلم ما لا يعرف ، إنما العلم ما عرف ، وتواطأت عليه الألسن .
ابن وهب قال : قال مالك : لقد هلك سعيد بن المسيب ، ولم يترك كتابا ، ولا القاسم بن محمد ، ولا عروة ، ولا ابن شهاب ، قلت لابن شهاب وأنا أريد أن أخصمه : ما كنت تكتب ؟ قال : قلت : ولا تسأل أن يعاد عليك الحديث ؟ قال : لا .
قال معمر : كان الزهري إذا ذكر علي بن الحسين ، قال : لم أر في أهل بيته أفضل منه . أيوب بن سويد : حدثنا يونس ، قال الزهري : إياك وغلول الكتب ، قلت : وما غلولها ؟ قال : حبسها .
الأوزاعي ، عن سليمان بن حبيب ، عن عمر بن عبد العزيز قال : ما أتاك به الزهري عن غيره ، فشد يدك به ، وما أتاك به عن رأيه ، فانبذه .
قال ابن المديني : دار علم الثقات على ستة ، فكان بالحجاز الزهري ، وعمرو بن دينار ، وبالبصرة قتادة ، ويحيى بن أبي كثير ، وبالكوفة أبو إسحاق والأعمش . داود بن المحبر ، عن مقاتل بن سليمان ، عن الزهري قال : كان ابن عباس يقول : خمس يورثن النسيان : أكل التفاح ، والبول في الماء الراكد ، والحجامة في القفا ، وإلقاء القملة في التراب ، وسور الفأرة .
قال محمد بن يحيى الذهلي : أبو حميد مولى مسافع عن أبي هريرة ، روى عنه الزهري حديث لتنتقن كما ينتقى التمر .
وحديث إياكم ومحقرات الأعمال رواهما يونس بن يزيد عنه .
أحمد بن عبد العزيز الرملي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، سمعت الزهري لما حدث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن قلت له : فما هو ؟ قال : من الله القول ، وعلى الرسول البلاغ ، وعلينا التسليم ، أَمِرُّوا حديث رسول الله كما جاء -بلا كيف .
محمد بن ميمون المكي : حدثنا ابن عيينة ، قال : أتيت الزهري ، وهو عند سارية عند باب الصفا ، فجلست بين يديه ، فقال : يا بني قرأت القرآن ؟ قلت : بلى . قال : تعلمت الفرائض ؟ قلت : بلى . قال : كتبت الحديث ؟ قلت : بلى . يعني عن أبي إسحاق الهمداني . قال : أبو إسحاق إسناد .
ضمرة بن ربيعة ، عن رجاء بن أبي سلمة ، عن أبي رزين ، سمعت الزهري يقول : أعيا الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من منسوخه .
وعن إسماعيل المكي : سمعت الزهري يقول : من سره أن يحفظ الحديث فليأكل الزبيب ، قال الحاكم : لأن زبيب الحجاز حار حلو رقيق فيه يبس مقطع للبلغم .
أيوب بن سويد ، عن يونس ، عن الزهري ، قال لي القاسم : أراك تحرص على الطلب ، أفلا أدلك على وعائه ؟ قلت : بلى . قال : عليك بعمرة بنت عبد الرحمن ، فإنها كانت في حجر عائشة ، فأتيتها ، فوجدتها بحرا لا ينزف .
قال الشافعي : قال ابن عيينة : حدث الزهري يوما بحديث ، فقلت : هاته بلا إسناد ، قال : أترقى السطح بلا سلم ؟ .
عن الوليد بن عبيد الله العجلي ، عن الزهري قال : الحافظ لا يولد إلا في كل أربعين سنة مرة .
يونس بن محمد : حدثنا أبو أويس ، سألت الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث ، فقال : إن هذا يجوز في القرآن فكيف به في الحديث ؟ إذا أصيب معنى الحديث ، ولم يحل به حراما ، ولم يحرم به حلالا ، فلا بأس ، وذلك إذا أصيب معناه .
أخبرنا أحمد بن إسحاق الزاهد ، أنبأنا محمد بن هبة الله بن عبد العزيز المراتبي ببغداد ، أنبأنا عمي محمد بن عبد العزيز الدينوري سنة تسع وثلاثين وخمس مائة ، أنبأنا عاصم بن الحسن ، أنبأنا عبد الواحد بن محمد ، حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ، حدثنا أحمد بن إسماعيل ، حدثنا مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عمرة بنت عبد الرحمن ، عن عائشة ، أنها قالت : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأُرجِّله ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان .
أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي ، أنبأنا الفتح بن عبد السلام ، أنبأنا هبة الله بن الحسين ، أنبأنا أحمد بن محمد بن النقور ، حدثنا عيسى بن علي ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد ، حدثنا منصور بن أبي مزاحم ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- : رأى في يد رجل خاتما من ذهب ، فضرب إصبعه حتى ألقاه ، ورأى على أم سلمة قُرْطَيْ ذَهبٍ ، فأعرض عنها ، حتى رمت بهما هكذا أرسله منصور .
وبالإسناد إلى أبي القاسم هو البغوي ، حدثنا بشر بن الوليد ، حدثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري ، عن أنس ، أنه أبصر على النبي -صلى الله عليه وسلم- خاتم وَرِقٍ يوما واحدا ، فصنع الناس خواتيمهم من وَرِقٍ فلبسوها ، فطرح النبي -صلى الله عليه وسلم- خاتمه ، وطرحوا خواتيمهم ، ورأى في يد رجل خاتما فضرب إصبعه حتى رمى به .
أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي ، وأحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء قراءة ، عن عبد المعز بن محمد ، أنبأنا أبو الفضل محمد بن إسماعيل ، أنبأنا محلم بن إسماعيل ، أنبأنا الخليل بن أحمد السجزي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا قتيبة ، حدثنا المفضل ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- : كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة ، جمع كفيه ، ثم نفث فيهما ، فقرأ فيهما قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثم مسح بهما ما استطاع من جسده ، بدأ بهما على رأسه ووجهه ، وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات أخرجه البخاري عن قتيبة بن سعيد مثله .
وقد وقع لنا جملة صالحة من عالي حديث الزهري ، وقد طالت هذه الترجمة وبقيت أشياء ، والله الموفق .
قال محمد بن سعد : أخبرني الحسين بن المتوكل العسقلاني ، قال : رأيت قبر الزهري بأدما وهي خلف شغب وبدا وهي أول عمل فلسطين ، وآخر عمل الحجاز ، وبها ضيعة للزهري ، رأيت قبره مسنما مجصصا .
قال يحيى القطان : توفي الزهري سنة أربع أو ثلاث وعشرين ومائة تابعه أبو عبيد ، ويحيى بن معين .
وقال عدة : مات سنة أربع قال معن بن عيسى : حدثنا ابن أخي الزهري ، أن عمه مات سنة أربع وكذا قال إبراهيم بن سعد ، وابن عيينة ، زاد الواقدي : وهو ابن اثنتين وسبعين سنة .
وقال ابن سعد وخليفة والزبير : مات لسبع عشرة خلت من رمضان سنة أربع وعشرين . وشذ أبو مسهر ، فقال : مات سنة خمس .
- فلسطينية وافتخرصقر نشيط
- عدد المشاركات : 145
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 01/06/2009
رد: الزهري
الخميس أبريل 19, 2012 6:37 am
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى